التعدين الفضائي بقلم: محمود علام
عمرك فكرت قبل كده ف ايه اللي هيحصل لينا كبشر، لما الموارد الطبيعية الموجودة على كوكبنا تنتهي ؟.. لما المعادن والوقود والموارد الطبيعية اللي احنا بنعتمد عليها ف كل حاجة بقالنا عشرات السنين تخلص خالص.. ايه اللي هيحصل ؟.. هنلاحق ازاي على التطور التكنولوجي، وإزاي هنحفظ العالم من الإنهيار ؟
الإجابة في الفضاء المظلم.. خلوني أحكيلكم ازاي..
الموضوع كله بدأ لما الرئيس الأمريكي باراك أوباما وقع على حاجة إسمها (قانون الفضاء Space Law)، واللي تم قبوله من جانب مجلس الشعب الأمريكي أو الكونجرس، واللي بيدي للشركات الأمريكية الحق إنها تستغل حاجة إسمها (التعدين الفضائي Space Mining)، في إنها تحصل على الموارد الطبيعية، من الفضاء الخارجي، بحرية تامة!
بعبارة أكثر وضوحًا، القانون الأمريكي ده بيأكد على إن أي شركة أو فرد يمتلك التكنولوجيا الكافية لإنه ينقب عن الموارد والمعادن النادرة زي الدهب والزنك والبلاتنيوم والحديد والكوبالت والنيكل، على أي نيزك أو كوكب في الفضاء، فإنه رسميًا يقدر إنه (يمتلك – ينقل – يستخدم – يبيع) الموارد دي.. ده رسميًا تحت حماية القانون الأمريكي نفسه.. وغير كده، الموضوع ده أصلًا تم إشهاره من زمان.. تحديدًا من سنة ١٩٦٧، لما الأمم المتحدة UN وقعت الإتفاقية العالمية للفضاء الخارجي International treaty of outer space، واللي نصت صراحةً على إنه من الممنوع والمحرم تحت القانون الدولي، إن أي دولة في العالم تعلن حقوق السيادة بتاعتها Sovereignty rights، على أي جسم أو كوكب أو جرم في الفضاء الخارجي.. لإن الفضاء الخارجي هو ملك للبشر جميعًا بلا تفرقة..
إفرحوا.. إحنا كبشر، كل واحد فينا طلع يملك أي حاجة ممكن يتخيلها في الفضاء الخارجي.. بشرط بس انه يقدر يوصلها وينقب جواها ويستخرج ثرواتها.. أنا من عندي هنا بعلن إني بملك مخزون الهيليوم – 3 على القمر.. ومحدش يقدر يمنعني، عشان لما يبقى معايا فلوس كتير، هروح القمر وأجيبه وأبيعه..
طبعًا زي ما انتم متوقعين، الموضوع ده خلي السباق بين الشركات الكبرى العالمية، ف مضمار إستكشاف الفضاء وإستغلال الموارد اللي فيه، يبدأ.. خلوني بس أقولكم أمثلة على الشركات اللي بدأت بالفعل مشاريعها الكبرى اللي كلفتها مليارات الدولارات ف ده، عشان يقدروا يطوروا تكنولوجيا تمكنهم من إرسال مجسات أو Probes للنيازك عشان تنقب عن المعادن النادرة والثروات الطبيعية اللانهائية دي..
أول حاجة عندنا شركات إسمها (Deep Space Industries, Orbital Sciences Corporation, Mars One, Bigelow Aerospace) كلها دخلت السباق بالفعل، وتقدروا تدوروا عليهم على جوجل.. كمان في شركة اسمها The Blue Origin Aerospace Company المملوكة لرجل الأعمال الأغنى في العالم حاليًا، ومالك شركة أمازون Amazon العالمية، جيف بيزوس.. واللي بتطور صاروخ فضائي إسمه The New Glenn..
كمان شركة Space X المملوكة لرجل الأعمال ومطور التكنولوجيا الأشهر إيلون ماسك، صاحب شركات Tesla و PayPal، حاليًا شغالة على مهمات لنقل الموارد والمستلزمات للفضاء الخارجي، في محطة الفضاء الدولية International Space Station، باستعمال صاروخ متطور قابل لإعادة الإستعمال، إسمه Falcon 9.. وده تمهيدًا لخطتها الكبرى اللي هتبدأ في السنين الجاية، للتوسع للفضاء الخارجي..
كمان في شركة كبرى إسمها Planetary Resources، مدعومة من مسئولين ف شركة Google هما لاري بيدج و إريك شميدت.. وكمان المخرج العالمي جيمس كاميرون، و ريتشارد برانسون صاحب مجموعة متاجر Virgin العالمية.. كل دول بيتصارعوا حاليًا على اللي موجود هناك.. فوق..
عشان تبقوا مدركين مدى عظمة اللي موجود حوالينا ف الفضاء، بناءًا على حسابات تم إجراءها، فإن بعض النيازك ممكن تكون محتوية على مخزون من اليورانيوم، أكبر بأضعاف الأضعاف من كل ما تم إستخراجه من الأرض لحد دلوقتي منذ بدء التاريخ! .. كمان بعض النيازك الأخرى جواها مخزون من الحديد والنيكل والكوبالت كافي لتغطية احتياجات الأرض بأكملها، وكافة صناعاتها التكنولوجية لمدة ٣٠٠٠ سنة جايين !
اللي مش كتير يعرفوه إن في أكتر من ١٢ ألف نيزك بيعدوا بالقرب من الأرض سنويًا، وكلهم جواهم ثروات طبيعية تقدر بمليارات مليارات مليارات الدولارات! .. وكمان من الأسهل بالنسبة لنا كبشر إننا نوصل ونهبط بمركباتنا الفضائية على ١٠% منهم، من إننا نوصل للقمر..
لاحظوا إن كل ده هيكون تمهيد لإننا في المستقبل نقدر نطلق رحلات لكواكب بعيدة، إعتمادًا على إننا نقدر نحصل على الموارد اللي نستعملها كوقود لسفن الفضاء، من الفضاء نفسه.. مش هنحتاج إننا نستخرحها ونعالجها ونطلقها للفضاء في الأساس.. وده هيوفر تكلفة تقدر بمليارات الدولارات..
القمر بس لوحده بيحتوي على مخزون من غاز الهيليوم – 3 النادر، يقدر يغطي كافة احتياجات الأرض من الوقود، وكافة احتياجات المفاعلات النووية الإندماجية اللي اتكلمنا عنها قبل كده، لمئات السنين..
تخيلوا بقى تأثير كل ده على الاقتصاد العالمي، لما البشر والشركات الكبرى تقدر توصل لتكنولوجيا تسهل علينا عمليات الإطلاق الفضائي والتنقيب عن الموارد دي.. تخيل لما يبقى الدهب والبلاتنيوم بيتم إرسالهم للأرض بكميات خزعبلية، لدرحة إن سعرهم يبقى أرخص من التراب، ويكونوا متاحين لعامة الناس! .. تخيلوا إيه هيحصل للإقتصاد والنظام النقدي اللي بيعتمد أصلًا على تغطية النقود بإحتياطي دولي من الذهب والمعادن النادرة..
الأكيد إن الإقتصاد اللي احنا نعرفه هينهار تمامًا، وهيكون له شكل جديد محدش فينا هيقدر يتوقعه أو يتخيله..