تكنولوجيا

الجهاز المناعي يستهدف فيتامين ب 12 لتحييد مرض السل

الجهاز المناعي يستهدف فيتامين ب 12 لتحييد مرض السل

ما يقرب من 1.8 مليار شخص حول العالم مصابين بالبكتريا المسببة لمرض السل، فالسل يحدث نتيجة نوع من البكتيريا الشائعة جدًا. وقد ابتكرت بكتريا السل  على مدى آلاف السنين وسائل لسرقة العناصر الغذائية من مضيفها البشري لمصلحتها الخاصة، لكن على الجانب الآخر ابتكر جهاز المناعة البشري طرقًا معقدة لمقاومتها.

في دراسة جديدة ظهرت في مجلة Science، اكتشف فريق بحثي من جامعة ميشيغان آلية يستخدمها الجهاز المناعي يستغل فيها سلاح فعال لمقاومة بيكتريا السل يسمى إيتاكونات itaconate.

اكتشف الباحثون مؤخرًا أن مادة الإيتاكونات يتم إنتاجها بكميات كبيرة من قبل الجهاز المناعي عندما تتعرض للهجوم. وإلى وقت قريب ظل لغزًا مجهولًا للعلماء كيف تتسبب الإيتاكونات في نزع سلاح البكتيريا المسببة لمرض السل وجعلها غير ضارة.

تختبئ بكتريا السل داخل الخلايا المناعية للإنسان، وتستخدم الكوليسترول كمصدر للطاقة اللازمة للنمو والتكاثر. خلال هذه العملية، تنتج البكتيريا وسيطا ساما يسمى بروبيونات، والتي يجب التخلص منها.

تعتمد إحدى إستراتيجيات التخلص من البروبيونات على فيتامين ب 12 المشتق من العائل البشري B12، هو فيتامين مثير للاهتمام للغاية لأنه مطلوب بتركيزات منخفضة من قبل خلايانا، وربما أقل من أي فيتامين، لكنه رغم ذلك ضروري للحياة.

تم اكتشاف ب 12 ، منذ أكثر من 60 عامًا ويشارك في عملية الأيض الخلوي. وقد اكتشف أن B12 يسمح بالكيمياء المعقدة للغاية أن تحدث في البكتيريا والخلايا البشرية لأنه يتسبب في انتاج ذرات لديها عدد إلكترونات أقل أو أزيد من الطبيعي، أو بلفظ آخر ينتج إلكترونات غير متزاوجة، تتيح  هذه المواد الفرصة لحدوث التفاعلات الكيميائية الصعبة.

عادةً ما تكون تلك الذرات الغير متزاوجة غير مستقرة وبالتالي لا تدوم طويلاً  في الجسم. الذرات الحرة من الممكن أن تتسبب  تلف الخلايا والحمض النووي لأن نشاطها التفاعلي الشديد يجعلها تتفاعل مع الأحماض النووية، لذا لا يجب أن تبقى طويلًا داخل الخلية وإلا أضرت بها.

اكتشف الباحثون أن مادة الإيتاكونات التي ينتجها الجهاز المناعي تمنع البكتريا من استغلال فيتامين بي 12 لتنشيط التفاعلات المعقدة التي تسمع بإتمام عملية التغذية والتكاثر الخاصة بها، مما يوقف انتشارها في الجسم. لكنها في نفس الوقت لا توقف استغلاله السليم في خلايا الإنسان.

حيث أن الإيتكونات تكون بمثابة الحاجز الذي يوقف وصول B12 إلى داخل البكتريا. لولا تلك العملية الذكية لكان مرض السل أشد فتكًا وانتشارًا لكن الجهاز المناعي للإنسان ليس خصمًا يسهل هزيمته ولديه طرق غير متوقعة للمقاومة.

المصدر
uofmhealth

سمير أبوزيد

باحث ومهندس في مجال النانو تكنولوجي بمدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا، وله عدة أبحاث علمية منشورة. ألف ثلاثة روايات " صندوق أرخيف" و " الرفاعي الأخير" و " عز الدين"، كما كتب للعديد من المجلات وله ما يزيد عن الثلاثمائة مقال.
زر الذهاب إلى الأعلى