الحجر الصحي مدى الحياة : التاريخ المأساوي لـ مستعمرات الجذام الأمريكية
سمعنا كثيرًا عن مستعمرات الجذام الأمريكية لآلاف السنين كان تشخيص مرض الجذام يعني السجن مدى الحياة والعزلة الاجتماعية، وهو المعروف اليوم بمرض هانسن عبارة عن عدوى بكتيرية تدمر الجلد والأعصاب ويمكن أن تسبب تشوهات مؤلمة، يتم نفي المصابون بالمرض في حجر صحي مدى الحياة.
في الولايات المتحدة كان المرضى معزولين في عدد من المستوطنات النائية، كانوا محرومين من الحياة الطبيعية ومن رؤية الأحباب والعيش مع عائلاتهم، بحلول أربعينيات القرن العشرين بعد ظهور علاج لهذا المرض، بين العلم أن معظم السكان لديهم مناعة ضده، وبدأ بعض البلدان الأخرى في إلغاء العزل الإجباري ولكن في الولايات المتحدة مع تحسن صحة مرضى الجذام وظروفهم ظلت الأفكار القديمة والقوانين موجودة لعقود من الزمن.
مستعمرات الجذام الأمريكية .. النفي إلى هاواي
لا يزال عدد من مرضى الجذام عالقين في كالوبابا وهو مكان أو قرية سكنية تم إنشاءها عام 1866م بجزيرة مولوكاي في هاواي عاش فيها آلاف من الأشخاص، وفي عام 2008م انخفض عدد السكان لـ 24 شخص وبحلول 2015 ظل فيها ستة أشخاص على الرغم من شفائهم ولكنهم ظلوا فيها ولم يعرفوا حياة أخرى غيرها.
قالت الدكتورة سيلفيا هافن الطبيبة المسئولة عن مستشفى الجزيرة لصحيفة النيويورك تايمز عام 1971م: “عندما أتى السكان لهنا أجبرهم القانون على المكوث فيها مدى الحياة” وقالت إحدى النزلاء التي ظلت فيها من عام 1965م في مقابلة عام 2016م: “لقد تم إحضارنا لهنا لنموت”.
كان يُسمح لعائلات المرضى زياراتهم ولكن كان يتم وضعهم في أماكن منفصلة ولم يُسمح لهم بالتواصل إلا عبر الأسلاك، كتبت إحدى المرضى القدماء بالمستعمرة وتدعى أوليفيا روبيلو بريثا في سيرتها الذاتية عام 1988م “لقد أمسكوا بنا مثل المحتالين ليس لدينا أي حقوق على الإطلاق كنا مجرد أرقام داخل المستعمرة”.
كانت كالوبابا واحدة من ضمن مجموعة من مستعمرات الجذام في الولايات المتحدة، ومن بينها جزيرة Penikese، وخليج Buzzard قبالة ساحل ماساتشوستش وكان العدد الأكبر في كالوبابا 8000 شخص على مدى 150 عامًا.
مرض هانس
تم تسميته على اسم الطبيب النرويجي جيرهارد أرماور هانس الذي اكتشف البكتيريا عام 1873م ولايزال المرض يُصيب الناس في كل العالم، في عام 2015م تم الإبلاغ عن 175 حالة في الولايات المتحدة وحدها، تُصيب البكتيريا الجلد وتُسبب ضررًا بالجلد والأعصاب، وأحيانا ما تصاب أجزاء الجسم المصابة بالغرغرينا ويتم البتر.
كان الاعتقاد السائد أن المرض ليس له علاج وينتشر عادة عن طريق اللعاب، وحوالي 95% من الناس محصنين بشكل طبيعي منه، والمصابون بسهولة يكون نتيجة لاستخدام مزيج من المضادات الحيوية الرخيصة، والمصاب بالجذام ممكن أن يحصل حد التشوه الرهيب بالشكل والجسم.
قبل اكتشاف العلاج سعت الحكومة الأمريكية لعزل المرضى وفي عام 1917م بعد 50 عامًا من مستعمرات هاواي تم إرسال المرضى لأول مرة إلى كالوبابا ووصل المرضى من خارج البلاد لأول مرة عام 1921م، كانت الحياة في تلك المستعمرات معزولة لحد كبير ولا توجد حقوق للمرضى ولا فرص لمغادرة المكان، مات معظمهم في غضون عقد من وصولهم للمكان، وتزوج ما يقرب من 1000 بين عامي 1900-1930م وبعضهم أنجب أطفال بشكل مأساوي وتم أخذ الأطفال من الأمهات لتربيتهم بمكان أخر.
في مستعمرة كارفيل كانت الظروف في العقود الأولى سيئة جدًا كانوا مقيدين مثل العبيد وحاول البعض الهروب وكان هناك سجن للهاربين، بعد ذلك تم بناء مستشفى على نظام السجن وبعد أن تم شفاء المرضى تم تخفيف قيود الاحتجاز وسمح لهم بالتصويت عام 1946، وتطور بالمكان مجتمع وبنوا المنازل والحدائق وطوروا الأعمال الحرفية، تغيرت السياسة الصحية الحكومية بوتيرة بطيئة، وفي عام 1969 عرض على المصابون المتبقين خيارين الانتقال براتب سنوي 46 ألف دولار أو البقاء، واختار الكثير منهم البقاء.