الرحلة المفقودة
الرحلة المفقودة
سنة ١٨٤٥.. رحلة فرانكلين المشؤومة أبحَرِت من الممر الشمالي الغربي.. ومن ساعتها محدِّش شافها!
الرحلات البحرية في القرن التاسِع عشر كانِت محفوفة بالمخاطِر، ومش كُل الرحلات الاستكشافية اللي خرجِت لاستكشاف أماكِن جديدة رجعت عشان تحكي لنا عن اللي حَصَل!
زي الرحلة الاستكشافية اللي خَرَجِت سنة ١٨٤٥ لاستكشاف القُطب الشمالي، وعلى راس البعثة كان السير فرانكلين، السفينة انطلَقِت من الممر الشمالي الغربي، لكن طاقِم السفينة اللي كانوا رايحين في رحلة باردة للقُطب الشمالي مكانوش يعرَفوا إن دي هتكون رحلتهم الأخيرة!
قائد السفينة كان القُبطان السير جون فرانكلين، واحِد من ضُبّاط البحرية الملكية، وواحِد من أكفأ المُستكشفين الموجودين في الوقت دا، وكان سبق له إنه راح القُطب الشمالي ٣ مرات، الطاقِم البريطاني كان واثِق من كفاءته جدًا.
البعثة اللي كانِت مكوَّنة من سفينتين إتحرَّكِت من إنجلترا صباح يوم ١٩ مايو ١٨٤٥، على متنهم كان فيه طاقِم مكوَّن من ٢٤ ضابِط و١١٠ جُندي، قبل ما يتحرَّكوا من الساحِل الغربي لجرين لاند، كتبوا رسايلهم الأخيرة لأسرهم ولمُحبِّيهم، في الوقت دا كان بيتم شحن الإمدادات الرئيسية للمركبين، قبل ما السُفن تتحرَّك تم طرد ٥ رجال – لسبب مش معروف – من على سطح السُفن، وبكدا نزل عدد الموجودين على السفينتين لـ ١٢٩.
آخر واحِد شاف السفينتين كان القُبطانين دانيت وروبرت مارتين قباطنة سُفن صيد الحيتان في أواخِر شهر يوليو، وكانوا بالقُرب من خليج بافين في انتظار تحسُّن حالة الطقس قبل العبور لمنطقة لانكستار ساوند.
اللي حَصَل بعد كدا غير معروف إطلاقًا، لكن قدرنا نستنتِج شوية من حُطام السُفن، وشوية من الجوابات اللي الناس كتبوها، عشان نكوِّن صورة عامة نحاول نفهم منها إيه اللي حَصَل لهم!
أول فصلين شتاء ليهم قضّوهم في جزيرة بيتشي، وهناك مات منهم أول ٣ رجال وتم دفنهم على الجزيرة، بعدها استكملوا رحلتهم، وصولًا لجزيرة الملك ويليام، وهناك التلج حاصرهم في سبتمبر ١٩٤٧، في وثيقة موقَّعة صدرِت بتاريخ ٢٥ أبريل ١٨٤٨ بتقول إن الطاقِم قضي شتائين (١٨٤٧ و١٨٤٨) على الجزيرة دي، الوثيقة دي كمان ذكرِت إن رئيس البعثة القُبطان السير فرانكلين مات يوم ١١ يونيو ١٨٤٧، وإن اللي موجودين على متن السفن حاولوا يهرَّبوا من حصار التلج على رجليهم، الخطة كانِت إنهم هيروحوا ناحية نهر باك في كندا، ومن هناك هيدخلوا حدود كندا، وإنهم هيبدأوا رحلة الهروب دي تاني يوم من كتابة الخطاب، اللي هو يوم ٢٦ أبريل.
بعد ٣ سنين من بداية الرحلة، كان مات منهم ٢٤ شخص بسبب إنخفاض حرارة الجسم، سوء التغذية، والتعرُّض للظروف الجوية القاسية، والـ ١٠٥ الباقيين ماتوا أثناء محاولتهم الوصول للأراضي الكندية، في أماكِن ما زالت مجهولة لحَد النهاردة.. وعلى الأرجَح هتظل مجهولة لسنين طويلة جاية!
سنة ١٨٥٠ قدرت بعثة استكشاف تانية تحدِّد الأماكِن اللي الطاقِم خيِّم فيها في جزيرة بيتشي، وقدروا كمان يحدِّدوا أماكِن قبور الـ ٣ رجال اللي ماتوا هناك، لكنهم ملقوش هناك لا وثائِق ولا خطابات تفسَّر أي حاجة تانية، بس في الوقت دا.. كان لسَّه المُجتمَع عنده أمل يلاقي الرجال المفقودين.
فضلت الأمور غامضة لحَد سنة ١٨٥٤، لحَد ما ظهرت أخبار جديدة من مصدر غير متوقَّع، وهو المُستكشِف جون راي اللي اكتشف الأرض اللي كان فرانكلين وسُفنه رايحين يستكشفوها، قابل هناك واحِد من السُكَّان المحليين اللي حكى له عن ٤٠ راجِل ماتوا من الجوع بالقُرب من نهر باك، قاله إنهم كمان في أواخِر أيامهم كلوا لحوم بعض، وكمان عرض على جون شوية حاجات من أشيائهم كان مُحتفِظ بيها كذكريات.
وعلى الرغم من إن الرحلة كانِت كارثية ومشؤومة، وبعض المُشاركين فيها ماتوا بطُرق فظيعة ومُخيفة، وإن كتير من تفاصيل الرحلة دي كانِت وهتظل غامضة لسنين طويلة، إلا إن اللي اكتشفناه عنهم كان كارثي أكتر من قُدرة أي حد على التخيُّل، زي الرحلات الاستكشافية اللي اكتشفِت سنة ١٨٧٠ عظام بعض اللي ماتوا وعليها جروح بتدُل على أكل لحوم البشر!
لكن إيه اللي حَصَل لهم بالتفصيل.. دا ما زال لُغز لحَد النهاردة!