قصص الرعب

الرواية الملعونة الحلقة الثانية القربان

القربان
الرواية الملعونة الحلقة الثانية القربان ، صمت وذهول ، رعب يشل العقول ، موقف يهز أقوى القلوب ، تخيل كدة انت قاعد في مكان ما ، سواء عربية ، أوضة ، قهوة ، أي مكان ، وصاحبك قاعد جنبك وفجأة يختفي ، رانيا كانت على وشك الانهيار العصبي ، السواق مكانش مصدق اللي شايفه ، يعني إيه ريهام اختفت ؟ وازاي اختفت ؟ بس مكانش فيه أي حل أو تصرف متاح ممكن يتعمل ، حتى النزول من العربية في موقف زي دة مكانش منتظر ، ليل حالك ، هدوء قاتل ، صحرا ملهاش نهاية ، ذئب أسود ، وبني آدم مختفي بشكل مستحيل ومفاجئ …

بدون كلمة زيادة السواق اتحرك بالعربية اتجاه سيوة ، رانيا مش عارفة تتصرف ازاي ، مخها مشلول ، بتتنفض ومش قادرة تسيطر على نفسها

– الحقني يا عم الشيخ مسعود

– فيه إيه يا بنتي ؟ اتكلمي يا رانيا في إيه ؟ فين ريهام ؟

– ريهام اختفت

– اختفت ؟! يعني إيه اختفت ؟ اتصلتي بيها ؟ كنتوا فين ؟

– اختفت يا عم الشيخ مسعود ، كانت قاعدة جنبي في العربية واختفت

– اهدي يا رانيا علشان افهم ، اهدي واحكيلي اللي حصل بالظبط

طول الطريق ورانيا بتحكي للشيخ مسعود اللي حصل من ساعة ما وصلوا المغارة وقابلوا ” تازيري ” لغاية ما ريهام اختفت ، الراجل حرفياً مكنش مصدق ولا متخيل ، وفي نفس الوقت كان مرعوب من الفكرة الوحيدة اللي جات في دماغه واللي غالباً ملهاش تاني ، وكان سؤاله لنفسه ، اشمعنى ريهام ؟

– انتي فين دلوقتي يا رانيا ؟

– راجعة على سيوة

– توصلي الفندق ومتخرجيش منه لأي سبب ، وأنا بكرة هكون موجود إن شاء الله ، انتي بلغتي الشيخ علي ناجح ؟

– نمرته مش معايا ، ريهام اللي كلمته ، حاجتها جنبي بس تليفونها مقفول بكلمة سر

– طيب خلاص يا رانيا ، أنا هكلمه

– هي ريهام فين يا عمي ؟ ريهام راحت فين ؟

– رانيا ، مش عاوز أي كلام في الموضوع دة مع أي حد أياً كان ، ونبهي على السواق ميجبش سيرة لحد نهائي ، وبكرة يحلها الحلال …

الشيخ مسعود بعد قفل مع رانيا ، اتصل بحد معرفة وطلب منه يوفرله عربية مخصوص تتحرك بيه بعد صلاة الفجر على سيوة ، وراح متصل بالشيخ علي ناجح ، كانت الساعة تقريباً داخلة على عشرة بالليل …

– السلام عليكم يا شيخ مسعود

– وعليكم السلام يا شيخ علي ، ريهام اختفت يا شيخ علي

– يعني إيه اختفت ؟ الدليل كلمني وقاللي إنه طلعهم على الطريق واتحركوا تجاه سيوة ؟

– هي مين الشيخة ” تازيري ” دي يا شيخ علي ؟

– دي العرافة المغربية اللي قولتلك عليها يا شيخ مسعود ؟

– إنت تعرفها كويس ؟

– أيوة طبعاً ، دي ليها اكتر من عشر سنين هنا ، بس بطلت شغل من سنة تقريباً ، بعد ما بنتها ماتت

– بنتها ؟ ماتت ازاي ؟ وكان عمرها أد إيه ؟

– والله يا شيخ مسعود محدش يعرف عنها حاجة ، وناس قليلين جداً اللي شافوها ، ميتعدوش على صوابع الإيد الواحدة ، انت بتفكر في إيه يا شيخ مسعود فهمني ، ويعني إيه البنت اختفت ؟

– لما أجيلك بكرة إن شاء الله

– تآنس وتنور يا شيخ مسعود ، بس قولي دلوقتي علشان اتصرف ، البنت اختفت ازاي وفين ؟

– متتحركش نهائي يا شيخ علي ، ولا حد ياخد خبر ، ملهاش صرفة ، لما أوصل إن شاء الله

– خلاص في انتظارك ، توصل بالسلامة إن شاء الله

الشيخ مسعود خلص المكالمة ، وفضل قاعد مكانه ساكت ، وباصص لللاشيء ، وغالباً كدة ، ومن سياق الكلام ، شكل اللي كان شاكك فيه هو اللي حصل فعلاً لريهام ، بس اللي محيره وفي نفس الوقت مخوفه ، ليه ريهام بالذات ؟

بعد يمكن عشر دقايق من السكون التام …

الشيخ مسعود بص في ساعته وقام دخل الأوضة اللي بيستقبل فيها أصحاب الحاجات من المعلولين والممسوسين …

لما تدخل الأوضة ورا الشيخ مسعود هتحس كدة إنك دخلت مغارة من مغارات العصور الوسطى ، أولاً ملهاش شبابيك هو الباب بس ، اللي هو أصلاً خشب سميك جداً ، ثانياً الإضاءة كلها شمع بس ومفيش حتى وصلة كهربا ، ثالثاً بقى بص كدة على المحتويات ، لوحات كتير متعلقة على الحيطان من الجلد الطبيعي الغير مُعالج ، لما تركز فيها هتلاقي مكتوب على بعضها آيات من القرآن وعلى بعضها التاني كلام سيرياني متعرفش هو معناه إيه بالظبط.

ولوحات تانية عليها علامات ورموز كتير متفهمش إيه دي ، ومعظمها باللون الأبيض وبعضها باللون الأحمر ، هتلاقي بردو مجموعات من الأحجار الكريمة بأحجام متوسطة وصغيرة لما تشوفها تحس إنها مترتبة بشكل معين مش محطوطة كدة وخلاص ، زي الياقوت الأحمر والعقيق ، وحجر الإثمد ، وست كور صغيرين كدة في حجم كرة التنس ، تلاتة منهم عبارة عن حجر الابوسيديان ، والتلاتة التانيين عبارة عن حجر الأوبال ، دة بقى بالإضافة لمجموعات كتير من الكتب العتيقة اللي ورقها اصفر دي وغلافها جلد بني ، ودكتين خشب كبار مفروشين بالكليم محطوطين قصاد بعض في نص المغارة دي وبينهم بس لورا شوية كرسي خشب كبير ليه تصميم غريب ودة اللي بيقعد عليه الشيخ مسعود …

الشيخ مسعود من زمان جداً وهو بيعالج مس الجن ، وبيفك الأعمال السحرية السفلية وأعمال الربط وكل ما يتعلق بالسحر الأسود ، الناس في الجمالية خاصة الكبار واللي من جيله ، بيقولوا إن الجن المؤمن بيساعده وبيحميه خاصة إنه وبسبب قوته في كسر السحر ، بقى ليه أعداء كتير سواء إنس من السحرة أو جن من حراس سحرهم ، لدرجة إن الجن كان بيحاول أو حاول أكتر من مرة يحرق بيته وهو جواه بس الحراس بتوعه حموه ، قصص كتير أوي هتسمعها عن الشيخ مسعود منها اللي هتصدقه ومنها اللي عقلك مش هيستوعبه ، بس متقدرش تكدِّب أي قصة فيهم ، شهود العيان للعلامات الغريبة والمواقف الأغرب كتير ، دة غير إن محدش فينا عارف حدود قدرات الجن إيه …

بعد تلات ساعات تقريباً ، الشيخ مسعود خرج من الأوضة ، وملامحه بتقول إن فيه حاجة مش مبشرة بالخير ، هل عرف مكان ريهام ؟ سبب اختفاءها ؟ كيفية اختفاءها ؟ بس الأكيد إنه عرف معلومة مهمة ، أنا بصراحة قلقت أفضل معاه في الأوضة المرعبة دي ، وأنا أصلاً بخاف من خيالي …

أفضل فين يا صديقي ؟ انت بتهزر ؟ دة أنا لما طلعت وقعدت برة الأوضة كنت سامع صوت ناس بتتكلم جوه ، مع إنه كان لوحده ، فطبعاً مستحيل كنت أفضل موجود في الجو المرعب دة ، بقولك بخاف من خيالي ، وبعدين هي كلها تلات ساعات تقريباً ويصلي الفجر ويتحرك على سيوة وهناك هنعرف الدنيا فيها إيه ، إهدا بقى كدة وتعالى نشرب كوبايتين قهوة وسيجارتين ونسيب الراجل ينام شوية لغاية الفجر ، علشان يومه طويل بكرة …

فجأة ريهام فتحت عينيها ، وبمنتهى الرعب والذهول بدأت تتلفت حواليها علشان تكتشف المكان اللي هي فيه ، أنا فين ؟ جيت هنا إزاي ؟ رانيا فين ؟ أنا نمت ولا حصلي إيه بالظبط ؟ أنا مش فاكرة أي حاجة ؟ الحاجة الوحيدة اللي فاكراها السواد اللي غلف كل حاجة حواليا والرجفة اللي ضربت جسمي وبس ؛ كل التساؤلات دي كانت بتدور في راس ريهام وهي حاسة بالبرد وبتتلفت حواليها ، ضلمة بس هي شايفة ، جدران صخرية سودة على شوية وتقفل عليها بس بعيدة ، مكان ضيق بس واسع ، خيالات سودة بتتحرك في كل حتة حواليها بس مفيش حد ، حاولت تتحرك بس معرفتش وكأنها متربطة بالحبال بس هي مش مربوطة ، بعد كل تفاصيل المشهد المرعب دة ، ريهام صرخت بس مسمعتش صوتها .

وفجأة ، بدأت تظهر وتختفي أودامها خيالات ، لأول وهلة معرفتش تميزها ، ومع تكرار ظهورها ابتدت تلقط بعضها ، ذئب أسود واقف بعيد جداً بس شايفاه بوضوح ، بنت نايمة على ضهرها بس مش نايمة على حاجة ، البنت بتلف حواليها دوامة هوا لونها أحمر ناري ، فجأة ظهر الذئب وبينه وبين ريهام شبرين ، حجمه متضاعف تلات اربع مرات وفاتح بوؤه وهيهجم عليها وصوته هيفرتك ودانها ، خضة رهيبة ، رعب قاتل ، محاولات صراخ فاشلة ، محاولات حركة فاشلة ، سواد مفاجئ غلف المشهد وهدوووء وفقدان وعي ، كلهم في أقل من ثانية …

الشيخ مسعود لما اتحرك من مطروح اتجاه سيوة كان كلم الشيخ علي وبلغه يستناه في الفندق اللي نازله فيه رانيا ، وكلم رانيا علشان لما يوصل تنزل تقابله ، والشيخ علي ياخدهم ويقعدوا مع بعض عنده في البيت بعيد عن أي حد ، وبالفعل الشيخ مسعود وصل سيوة حوالي الساعة تلاتة العصر ، الشيخ علي ورانيا كانوا مستنيينه في الفندق ، واتحركوا كلهم على بيت الشيخ علي

– حمدلله على السلامة يا شيخ مسعود

– الله يسلمك يا شيخ علي ، عاملة إيه يا رانيا يا بنتي ؟

– هموت من الخوف يا عمي ، هتجنن على ريهام ، هي ريهام راحت فين ؟

– اطمني يا بنتي ، ريهام هترجع إن شاء الله ، عاوزك بس دلوقتي تحكيلي تاني وبالتفصيل اللي حصل ، بالوقت والمكان من ساعة ما نزلتوا من العربية لما وصلتوا مكان المغارة ، لغاية ما ريهام اختفت وانتوا راجعين …

لما رانيا خلصت كلام مع الشيخ مسعود ، كانت الساعة عدت أربعة ونص العصر والشمس بدأت توصل لنهاية رحلتها اليومية …

– توكلنا على الله ، ياللا يا شيخ علي ، هنوصل رانيا الفندق ، ونتحرك

– الشمس خلاص بتروح يا شيخ مسعود ، مش هنلحق نوصل في النور

– مش محتاج الشمس في حاجة يا شيخ علي ، الليلة لازم اعرف ريهام مكانها فين ، كلم ” أمناي ” ينتظرنا ، لازم أشوف ” تازيري ” الليلة

التلاتة اتحركوا على الفندق ، رانيا نزلت ، وابتدت رحلة البحث عن ريهام ، الشيخ مسعود قرر إنه يروح يقابل ” تازيري ” لأنه عرف إنها اللي ورا اختفاءها بس مقدرش يوصل للسبب ، عرف كمان مكان ريهام بس بردو مقدرش يحدده بالظبط ، التلات ساعات اللي قعدهم في الأوضة الخاصة في بيته قبل السفر ، قدر يوصل فيهم للمعلومات دي ، بس للأسف كانت معلومات منقوصة ، خلاصتها إن ريهام اتعرضت لسحر أسود من أقوى أنواع السحر ، ووصل كمان لإن أحد الأسباب كان هو ، الأمور في دماغه اتعقدت واتشابكت ودخلت في بعض بشكل مش منطقي ، إيه العلاقة اللي ربطتهم ببعض هو وريهام و” تازيري ” ؟ اللي كان قالقه جداً ، هو ازاي مقدرش يوصل لمعلومات أكتر من كدة ؟ إيه حجم القوة اللي بتحمي مكان ريهام وسبب اختفاءها ؟

– وصلنا يا شيخ مسعود

أيوة ، طول الطريق مفيش ولا كلمة ، الشيخ مسعود كان ساكت وكل اللي فات دة كان بيدور في دماغه ، وكل ما يقربوا من المكان اللي مستنيهم فيه ” أمناي ” كل ما يحس إن الأمور متعقدة جداً وقلقه يزيد …

الساعة كانت في حدود ستة ونص لما قابلوا ” أمناي ” ، اتحركوا في اتجاه مغارة ” تازيري ” لمدة ساعة كمان لغاية ما وصلوا …

بمجرد ما العربية وقفت ، ” أمناي ” شاور على مكان المغارة ، الشيخ مسعود قالهم محدش ينزل تحت أي مسمى ، وفضل دقيقة قاعد في العربية وبعد كدة نزل …

الشيخ مسعود اتحرك على طول لمطلع التل على نور قمر يوم ١٢ عربي ، وبمجرد ما وصل وابتدا يطلع ، سمع صوت ذئب بيعوي عواء عالي جداً ، الصوت كان جاي من فوق التل ، الشيخ مسعود وقف ثانية وكأن العواء كان تحذيري ، لكنه كمل طلوع ، وبمجرد ما وصل لنهاية المطلع ، لقي في استقباله ذئب ” تازيري ” الأسود واقف متحفز مستعد للهجوم ومكشر عن أنيابه بشكل مرعب ، ومن وراه كانت ” تازيري ” ، وكان ظهورها بشكل مفاجئ وبمنتهى الغرابة ، واقفة في الهوا ، بينها وبين الأرض متر تقريباً ، عيونها حمرا ، كفوف إيديها وكأنها حديد مصهور ، وبنبرة صوت عميقة معدنية حادة

– هل أتيت تبحث عن الفتاة أيها العجوز ؟ لن تراها بعد اليوم ، فلقد اقترب اكتمال القمر ، وفُتحت أبواب المذبح ، وحان ليل التضحية ، لما اقترفت يداك

هنا بقى الشيخ مسعود أيقن هو بيتعامل مع مين …

” تازيري ” مكانتش مجرد عرافة بتفك الأعمال ولا حتى ساحرة بتعمل الأعمال …

” تازيري ” كانت من نسل الجن ، ابنة أو زوجة ، أو الاتنين ، ومن الواضح من كلامها إن الشيخ مسعود تعدى بشكل من الأشكال على حد من عالمها ، بس مين وإمتى وازاي ، وكانت إيه النتيجة ، لسة المعلومة مشوشة …

الشيخ مسعود كان ماسك في إيده اليمين حجر الأبوسيديان وفي إيده الشمال حجر الأوبال ، وابتدا يشاور بيهم اتجاه ” تازيري ” ويقول مجموعة من الكلمات السيريانية ، ومجموعة معينة من الآيات القرآنية بالعربي ، وغالباً هو كان بيقول نفس الآيات بالسيريانية ، وهنا بقى ، الذئب ابتدا يترجف جداً ويرجع لورا وهو بيحاول يكلبش في الأرض ، ” تازيري ” بتتنفض وكأنها بتتكتف وعينها تتقلب لفوق ، وفجأة ومن قلب اللاشيء وفي المسافة الفاصلة بين الشيخ مسعود و” تازيري ” ، ابتدى يتكون ضباب كثيف تقيل بطيء ، الأرض وكأن ضربها زلزال عبارة عن نبضات مستمرة أو خطوات معدنية تقيلة ومع كل خطوة رجة أرضية عنيفة ، وفي اللحظة دي وخلال الضباب ظهرت ريهام …

كهف أسود عميق ضارب لقلب الأرض ، نهر من حمم بركانية جاي من آخره بمنتهى البطء وبيطلع منه القمر اللي قرب يظهر بالكامل ، في نص الكهف بنتين نايمين جنب بعض على ضهرهم في الهوا ، وفي خلفيتهم جني بيتحرق ويظهر تاني باستمرار ، البنتين واحدة بتطلع لفوق فبتبعد عن الحمم البركانية ، والتانية بتنزل لتحت فبتقرب من الحمم البركانية …

روح هتتبدل بروح …

روح حية هتفدي روح حية مقابل روح ميتة …

ريهام هتتقدم قربان ليلة اكتمال القمر …

*** انتهت ***

اقرأ ايضاً

الرواية الملعونة الحلقة الأولى

‫4 تعليقات

  1. قصة مرعبة وكلمات تحبس الأنفاس لكن في نسق مشوق وسلس وأسلوب مثير ومطلع اطلع فيه الكاتب عن أسماء الحجارة التي يستخدمها السحرة والمشعوذين…

  2. اسلوب سلس مبهر ومتطور
    يمتلك الكاتب القدرة على وصف الأحداث والصور بطريقة تفصيليّة رائعة يجعل القارئ يتصوّر الأشياء ويعيش بداخل القصه وكأنه جزء من شخصياتها واحداثها

زر الذهاب إلى الأعلى