قصص الرعب

العازف

العازف
العازف .. هناك مقولة تقول أنه كلما أقتربت مما ترى … أو مما تريد … كلما زاد سهولة خداعك … السؤال هنا … هل أيضًا زيادة تعلقك لشيء ما يجعل من السهل خداعك … أو تدميرك … ماذا لو اقتربت بكل ما تحمله من مشاعر و حواس و عقل لشيء ما وازداد تعلقك به … هنا الكارثة بحد ذاتها … فما عليك هنا إلا أن تنظر لذلك الشيء نظرة عامة و شاملة … حتى تستطيع الحكم و المرور من تلك الكارثة بسلام ….

 

الحان تعزف بالآم من يعزف …

“: أنا ممكن أحققلك اللي انت عاوزه … بس كل حاجه و ليها تمن. ؟؟

: و أيه التمن اللي هتاخده من واحد زي ؟!

: تمنك مختلف … تمنك هتدفعه لنفسك … أنا مش هاخد حاجه ليا للأسف

: يعني أية ؟!

: موافق الأول ؟!!! … موافق حياتك تتغير و تبقي حاجه مختلفه ولا لأ ؟!

: موافق …

“بدأ يشعر بشيء غريب يسري في جسده …. بدأت تحدث أشياء يشعر بكل تفاصيلها الصغيرة …. ازداد ألمة بشكل بشع …. أصبحت قدرته علي الاحتمال لا تساوي سوي فراغًا في الهواء الطلق … لحظات و فقد وعيه ليفيق العازف على اغرب ما لم ترا أعين … فقد استيقظ وجد نفسه يسير بمحاذاة سور عمارته ممسكًا باله الكمان الخاصة به وهو يعزف مقطوعته التي تدرب عليها كثيرًا لكي يعزفه أمام لجنة التحكيم التي ستحكم في ذلك الاختبار …. غير مصدق كيف صعد إلى هنا و كيف كان يعزف بذلك الإتقان وهو نائم … لحظات و قرر أن يعود إلى الواقع دون مبالاة … ففي الفترة الأخيرة كانت بمثابة ضربات مؤلمة والتي قرر فيها أن يبقي وحيدًا ….

لحظات لا تنسى …

وضع الكمان في موضعها الأصلي و ذهب في طريقه …. و كما يفعل الكثير مننا … بدأ ينظر من نافذة المواصلات في اللاشيء متواصلا مع جميع ذكرياته التي لا تنسى باحثًا فيها عما إذا كان هناك أملًا في استعادتها أو على الأقل جزءًا منها و لنستمع إلى بعض العبارات في ذكرياته التي أدت و التي تبدو أيضًا جزءًا من ذكريات الجميع ” أنا مخلفتش راجل … هتعيش و تموت فقري … يابني الفن مبيأكلش عيش في البلد دي …. هنبقى نتصل بيك … أنا خايفة … أنت أترفضت ” …. عاد بصره مرة اخرى ينظر بجواره ليجده مجددًا …

” أنت ؟! … أنت كنت موجود في الحلم .. !!!

: و مين اللي قال أن ده كان حلم … و بعدين أيه اللي طلعك السطوح تعزف فوق … المهم قولي فاكر اتفقنا … !!

نظرات صادمة من ذلك العازف لذلك الشخص الذي يبدو عليه أنه شخص ضبابي لا ملامح له … لم يستطع الرد عليه في شيء …

: هااااا … فاكر اتفقنا ولا لأ ؟!

: ايوه فاكر … بس اخلص الامتحان بس و هبقى معاك ؟!

: أخرك الامتحان … أنا مش قاعدلك انت .. أنا ورايا غيرك كتير !!

: حاضر … حاضر

اختفى ذلك الشخص بمجرد مقاطعة ذلك الصوت الغلظ قائلا : ”الأوبرا .. حد نازل“ …. نزل مترجلًا يفكر في ذلك الشخص و ذلك الاتفاق و وقف عقله عند جملة قالها ذلك الشخص :“كل واحد في الكون ده هيمر بنفس اللي أنت مريت بيه ” … لحظات ثم وصل إلى مقر الاختبار … عشرات المشتركين و لكل منهم الألة الخاصة به … أنفاس أولئك الفنانين يتصاعد بسرعة شديدة و أكاد اجزم أن أنفاسهم تلك تكاد تعزف مقطوعة كاملة عن التوتر … انتظر العازف دوره حتى ادخلوه و اصبح أمام لجنة التحكيم ….

موعد مع الفرصة ….

هدوء في المكان يعبر عن … لا يعكر هدوء ذلك المكان سوء ضوضاء أخراج العازف للكمان من موضعها … أدار وجهه ناحية لجنة التحكيم … ابتسامه خفيفة لإلقاء التحية بشكل رسمي … أخذ أشارة البدء منهم و بدأ …. استمع معي إلى تلك الألحان التي تتكلم عن شيء ما … هي مقطوعة تسمى رحلة … أنها ليست الحان … أنها كلمات وترية تتحدث عن مشقة من ألفها … بدأ من صغره الذي كان جحيمًا … مرورًا بفترة الصبى و الشباب الصغير الذي كون فيها شخصيته بنفسه … بدأ بمراحل الرجولة التي اصبح فيها يعتمد عليه كل شخص مما حوله … بدأت أصابعه تكتب على الأوتار الآن اخر شيء عاناه … حبا ضائع و لن يعود مجددًا … كتب في دقيقة واحدة الحان منشودة لا يعاني فيها وحده و أنما بشرية بأكملها عن مايسمى بذلك المرض اللعين … الحب ….

انهى مقطوعته و كاد يتصبب عرقا … نظر للجنه التحكيم الذين وجدهم واقفين له أكراما لما عزف … مع بدء تصفيق حار !! … تصفيق ممن ؟! … نظر إلى كراسي المسرح المتواجدة ليجد المسرح مملؤ عن أخره … نظرات استغراب مختلطه بدموع الفرح لنجاح ما حققه ذلك العازف … ولكن بدأ المكان يتلاشى شيئا فشيئا و يظهر ذلك الشخص مجددا …

يوما ما لابد أن نلتقي …

أصبح المكان هو السواد المطلق … لا يكسر تلك الظلمة إلا إضاءة طفيفة متواجدة على العازف و ذلك الشخص … بدأ ذلك الشخص يتلو شيئًا غريبًا … و لكن كل ما سمعه ذلك العازف بوضوح تلك الجملة التي أشاعت الفزع في قلبه حقًا ”أأذن لي يا الله أن اقبض روح عبدك ” …. ملاك الموت !!!!! …. بدأ يشعر بذلك الشعور الغريب الذي شعر به في الحلم مرة اخرى … شيء غريب يسري في جسده ويكثر من الآمه مع مرور الوقت …. نظرات الاستغراب على ملاك الموت مع نبضات قلب تنبض مجددًا … بدأ السواد في التلاشي حتى أصبح المشهد العام مجموعة من الأطباء يضخ احدهم بذلك الجهاز الكهربائي في صدر العازف إلى أن تم أفاقته مرة اخرى … ”الحمد لله ” ….

البداية الجديدة لابد من استغلالها ….

”انت ربنا كتبلك عمر جديد … حادثه زي اللي حصلتلك دي كانت ممكن تموت أي حد … أنت قعدت 10 دقايق من غير نبض … بس أنا كان عندي ايمان أن أنت هتعيش ”

ابتسامه تدل على الحياة لذلك العازف … حاول جاهدًا أن يتذكر سبب الحادثه أو كيف تمت … و لكن كل ما تذكره هو أنه خرج من اختباره بعد عزف مقطوعة رحلة و كان يفكر في سبب عزفه لتلك المقطوعة و لم ينتبه لتلك السيارة المسرعة و هو يعبر الطريق … عاد إلى الغرفة مرة اخرى و نظر على الباب المفتوح للغرفة ليجد ملاك الموت يتحدث إلى ممرضة خارج الغرفة و ينظر إليه و هو مبتسمًا …….

زر الذهاب إلى الأعلى