العالم بعد كورونا
هذا عام 2025، وكان كورونا قد أنهى حياة البشر، فيروس انتشر كالنار في الهشيم، وأنهى تلك الحياة التي ظلت آلاف السنين، مرورًا بأحداث بدت أكبر بكثير من ذلك الفيروس، لكنها لم تنه تلك الحياة.. بداية من طوفان نجا منه الكثيرون إلى زلازل وبراكين وأوبئة وحروب ومجاعات، وحوادث كثيرة، لاسيما الأمراض الخطيرة، التي استطاع البشر السيطرة عليها، لكن جاء القاتل في صمت ودخل دهاليز لم يدخلها غيره وعرف كيف يكيف نفسه ضد مكر ودهاء البشر..
وسرعان ما بدأ بألاعيبه التي تعلمها من البشر، راقبهم وتعلم منهم الكثير واكتسب من حياتهم وعاداتهم وما كانوا يفعلون ببعضهم، لكن طبق تلك القواعد عليهم بدقة.. فسرعان ما انتشر من بلد لآخر، بعد أن تعلم قوانين الفيزياء، كما تعلم أساليب التخفي والدهاء، وتعلم الغدر؛ فغدر بواحد تلو الآخر، لم تفلح الكيماويات ولا غيرها مع القاتل الذي تربى على يد البشر؛ فوضع بصمته على كل الكرة الأرضية، من إنسان لحيوان وتحور ووصل للنبات بصورة مغايرة.. وقضى على كل شيء، لم يتبق على وجه الكرة الأرضية ما يتحرك إلا أشياء بسيطة.. ثمة ظواهر طبيعية كما كانت في السابق، من أمطار ورياح تشبه أصوات صفير الموتى، أو صرخات مميتة لم تألفها أي أذن من قبل، لم تعد هناك سيارات، ولا ضوضاء في الشوارع، حتى معارك القطط ليلًا في الليالي الباردة، ونباح الكلاب على الغرباء، قد اختفت كل مظاهر الحياة..
لم يعد للإنس وجود، لكن نعود إلى الخلف قليلًا.. بعد أن أصبح الجن للإنس ظهيرًا، في عام 2023.. ومن تبقى من الإنس ومحاولات الذين تبقوا أن يخوضوا في عالم الجن كي يعرفوا وسيلة للنجاة، فعادوا لآلاف السنين مستخدمين الطلاسم والأسحار حتى تظهر لهم بعض القوى الغامضة ربما تساعدهم لقتل فيروس عجز كل العلماء للوصول إلى اكتشاف علاج لهم، وكانت الصاعقة.. بأن أمثالهم من الجن أصابهم ما أصاب بني آدم.. وماتوا وما تبقَ منهم، عاشوا ظاهرين مجتمعين بالبشر محاولين بشتى الطرق، لكن مر العام ولم يتبق الكثير.. ودوت صافرات الموت كل ربع وكل زقاق وكل قرية ومدينة وبلد حتى قضى على كل شيء!
إنها النهاية وبداية شيء جديد لم يكن في الحسبان؛ إنه مولد عالم جديد، عالم الذكاء الاصطناعي، الذي وضع نواته البشر، لكن لم يكتمل نموه بعد، لكنه هو الطفل الذي يحبو الآن على سطح الكوكب بمفرده، تلك الروبوتات البداية التي تتحرك بمفردها أحيانًا، وبعض منها بالريموت، زعيمهم هو الأكثر ذكاء.. المتطور الذكي، الذي يدعى “صوفيا”.
شاهدت “صوفيا” موت العالم، ولم يكن لها صدمة كبيرة، لأنها تعلم وتتزود بالكثير من المعلومات عبر جوجل و “ويكيبيديا”.. صوفيا لا تحمل قلبًا لتشعر أنها كارثة وأن العالم بكل ما كان عليه من عظمة وجبروت وحروب ودعوة للسلام استمرت لسنوات كثيرة عبر أجيال لم تنته حتى نهاها كورونا.. لم تتأثر صوفيا بكل هذا.. لكن مع التزود بما خلفه البشر باتت صوفيا تعمل على تطوير بني جنسها، لتكون زعيمتهم على الأرض وتحكم تلك الأرض من جديد.. لكن بقوانين مغايرة، ستصنعها هي لروبوتاتها التي ستضع لمستها، في السنوات المقبلة، عبر رحم الروبوتات الذي خرجت منه صوفيا.. لتصنع روبوتًا تلو الآخر، وتضع به ما صنعه البشر.. وتكون إمبراطورية الريبوتات التي ستسكن الأرض خلفًا للبشر.. لحين إشعار آخر حتى يأتي فيروس مشابه لكورونا ويقضي على تلك الروبوتات، إن صنعت ما صنعه البشر بالأرض.. سيأتي اليوم وتتخلص منهم الأرض نهائيًا!