تكنولوجيا

المصعد الفضائي بقلم: محمود علام

IMG 20191128 WA0081

عمركم فكرتم قبل كده إن هييجي عليكم يوم في المستقبل، وتطلعوا الفضاء أو الكواكب التانية، بأسانسير ؟

الواقع إن الموضوع أقرب من ما تتخيلوا.. خلوني أحكيلكم إزاي ف مقال النهارده

في السنين الماضية، ومنذ بداية عصر الفضاء، كانت الطريقة الوحيدة اللي يعرفها البشر للصعود للفضاء هي الصواريخ.. لكن في المستقبل، الإحتمالات شبه أكيدة، إننا كبشر هنقدر نوصل لإبتكار أول مصعد، يمتد لمسافة أكتر من ٢٢ ألف ميل، من سطح الأرض، لحد مدار الأرض المنخفض Low Earth Orbit..

الواقع إن أول واحد تخيل الموضوع ده هو العالم الروسي كونستانتين تسايلكوفسكي Konstantin Tsiolkovsky، سنة ١٨٩٥، أثناء دراساته اللي كانت من الدراسات الرائدة في علم الصواريخ.. لكن دايمًا كان الموضوع خيال علمي بسبب صعوبته البالغة في التصميم والإنشاء، وعدم وجود مادة أو ماتيريال قوي بما فيه الكفاية عشان يتحمل وزن زي ده، ومسافة زي دي..

لكن في الفترة الماضية، وكالة الفضاء القومية الأمريكية N.A.S.A درست الموضوع فعلًا، وقالت إن فكرته الأساسية أو الكونسبت Concept بتاعه صحيح وممكن التنفيذ عمليًا، والعديد من الباحثين في العالم بالفعل بيدرسوا الموضوع ده جديًا.. في شركة يابانية إسمها Obayashi Corp بتقول إنها هتقدر تنفذ المشروع ده عمليًا وتنتهي من انشاءه بحلول عام ٢٠٥٠.. وكمان في شركات هندسة فضاء صينية بتقول إنها هتقدر تنفذ المشروع ده بحلول سنة ٢٠٤٥!  لدرجة إن في تجربة قريب هيتم إجراءها على متن محطة الفضاء الدولية International Space Station، عشان يبتكروا أسانسير مصغر يمتد لبضع أمتار، في الفضاء نفسه بدون جاذبية.. مصنوع من الصلب.. عشان يدرسوا إمكانية تنفيذه الفعلية، تمهيدًا لابتكار مشروع هندسي كامل لتنفيذه  التجربة دي تم تصميمها من قبل فيزيائيين يابانيين ف جامعة شيزوكا Shizouka.. وإسمها التفصيلي هو Space Tethered Autonomous Robotic Satellite – Mini Elevator.. أو إختصارًا STARS-ME.. دوروا عليها ف جوجل وشوفوا العظمة بعينيكوا

الواقع إن تنفيذ وبناء مصعد فضائي هيكون أكبر مشروع علمي وهندسي، وأكبر صرح معماري هيقدر البشر إنهم ينفذوه في تاريخهم.. تخيلوا إنهم يبنوا حاجة أطول من سور الصين العظيم، بس في الفضاء! .. حاجة هتكلف ما يقرب من ١٠ مليار دولار في عملية بناءها، بس هتقدر بعد ما تنتهي، إنها توفر تكاليف إطلاق الحمولات والمعدات والبشر للفضاء، وتقللها من ٣٥٠٠ دولار للباوند الواحد، إلى ٢٥ دولار فقط للباوند  تخيلوا انتم بقى.. وده مش كلامي أنا، ده كلام بيتر سوان Peter Swan رئيس تحالف المصعد الفضائي الدولي International Space Elevator Consortium، أو اختصارا (أيسيك ISEC)، الموجود في سانتا آنا في كاليفورنيا.. التحالف اللي بيعمل حاليًا على التنسيق بين دول العالم عشان يمهدوا لبدء تنفيذ المشروع بصورة عالمية..

طب إزاي الأسانسير ده ممكن يشتغل ؟.. شكله هيبقى ايه ؟

الواقع إن شكله هيبقى بالظبط زي الأسانسيرات بتاعتنا الطبيعية اللي احنا نعرفها.. بس أضخم بما لا يقاس.. هيتكون من حبل عملاق مصنوع من مادة جديدة أشد ب ٢٠٠ مرة من الصلب، وأخف منه بشكل لا يستوعب، إسمها الجرافين Graphene، وهتكلم عنها قريب ف كبسولة تكنولوجية تانية.. الحبل الضخم ده هيمتد من نقطة إرتكاز على الأرض هنا، في بقعة معينة تقع على خط الإستواء بالظبط، عشان يستفيد من قوة الطرد المركزية المتولدة من دوران الأرض حول نفسها، واللي بتكون أكثر ثباتًا عند مركز الأرض اللي هو خط الإستواء، عشان يفضل ثابت وفي مكانه.. الحبل ده هيمتد لفوق لأكثر من ٢٢ ألف ميل، لحد نقطة ارتكاز تانية هيتم بناءها على محطة فضائية مصغرة، في مدار الأرض المنخفض اللي بتسبح فيه الأقمار الصناعية

طبعًا المشروع قدامه صعوبات هو كوننا لسه مقدرناش نصنع مادة الجرافين بصورة ضخمة تقدر انها تصنع منها حبل طويل وضخم وسميك لكل الطول الخرافي دي، وكمان واحد تاني من الصعوبات الكبرى هي الشظايا والنفايات الفضائية Space Debris، اللي اتكلمت عنها قبل كده ف مقال طويل لو فاكرينه  الشظايا الناتجة عن تصادم وانفجار وانتهاء صلاحية الصواريخ والأقمار الصناعية القديمة حوالين الأرض، واللي بتغلفها بسحابة مميتة من القطع الحادة والمعدنية الصغيرة، اللي بتسبح بسرعات أكبر بمراحل من سرعة الصوت حوالين الأرض، وممكن تدمر المشروع ده تمامًا.. هتلاقوا لينك المقال ده هنا :

بس العلماء بردو متفائلين جدًا بالمشروع ده، وقريب في مسئولين من الجيش الأمريكي هيتقابلوا مع علماء أيسيك ISEC عشان يبدأوا مشروع تعاون مشترك، عشان قريب هيكون نواه لبداية عصر إستوطان الكواكب والقمر، وبناء المستعمرات الفضائية.. وهيكون مفتاح لتقليل التكاليف، عشان يخلي كل ده؛ ممكن

تخيل بس كده.. تخيل إنك تصحى ف يوم الصبح، تدفع تذكرة، وتدخل جوه الأسانسير، وتدوس على السهم لفوق، وتطير شوية لحد ما تطلع الفضاء نفسه  تشوف كوكبنا الجميل، من بره.. من بعيد..

قد ايه هنحس حياتنا تافهة ساعتها، واحنا بنبص عليها من بره.. من الفضاء الهادي المسالم

ومتنسوش تسلمولي على بتوع الأرض المسطحة

محمود علام

محمود علام هو كاتب روائي وباحث، وسيناريست مصري، بدأ النشر منذ سنة 2016، وصدر له العديد من الأعمال هي (كتاب الشمس ٢٠١٦ - الله لا يرمي النرد ٢٠١٧ - التنظيم ٢٠١٧ - السائرون ٢٠١٨ - الجيل الثالث ٢٠١٩ تخت النشر)، و التي نالت كلها صدى واسع في أوساط القراء، جاعلة إياه من أشهر الكتاب الشباب المتواجدين على الساحة وأكثرهم نشاطًا..
زر الذهاب إلى الأعلى