«المغربلين».. رحلة في عبق التاريخ
المغربلين.. تضم القاهرة العديد من الشوارع والأحياء التي تملك تاريخًا طويلًا يحكي ما مرت به البلاد خلال الحقب المختلفة، وهنا سنتعرف بشكل أكبر على حي المغربلين:
موقع حي المغربلين
يقع حي المغربلين في منطقة الدرب الأحمر، حيث يتوسط كل من السيدة زينب وحي الحسين، ويمتد تاريخه من الدولة الفاطمية.
ويتوسط حي المغربلين ست أحياء في منطقة الدرب الأحمر، وهي من الجهة البحرية، حارة الروم، أما من الجهة الشرقية، الدرب الأحمر وسوق السلاح، أما الحد القبلي، السروجية والحد الغربي، الدوادية والقريبية.
سبب التسمية
سُمي الحي بالمغربلين نسبةً إلى الحرفة التي كان سكانه يعملون بها في تلك المنطقة، وهي غربلة الحبوب من خلال الغربال بهدف تنقيتها من الشوائب.
معالم إسلامية أثرية
– يزخر حي المغربلين بالآثار الإسلامية التي تعود أغلبها لعهد الدولة الفاطمية، التي حكمت مصر في الفترة من عام 909-1171.
– يعد مسجد جاني بك الأشرفي الذي يرجع تاريخه إلى عام 1426 من أبرز المعالم الإسلامية بحي المغربلين، إذ بنى جاني بك مدرسة ألحقها بالجامع الموجود بقبره، فيشغل المسجد مساحة مستطيلة الشكل، ويحيط به أربع إيوانات أكبرها إيوان القبلة، وتغطي الإيوانات أسقف خشبية مزخرفة بزخارف هندسية ونباتية، علمًا بأن مدفن جاني بك الأشرفي يتكون من مساحة مربعة تغطيها قبة، ويزينها من الخارج زخارف زجزاجية الشكل.
– مسجد جاني بك الأشرفي له ثلاث واجهات، وتتميز الواجهة الشمالية الشرقية بكونها معلقة على صف من المحلات السفلية، أما الواجهة الجنوبية الشرقية فتطل على حارة الجامع، وتعتبر الواجهة الشمالية الغربية هي الواجهة الرئيسية حيث تشتمل على المدخل والمئذنة وواجهة المدفن ذو القبة.
– يضم حي المغربلين زاوية «كتخدا» التي تم بنائها عام 1142 بواسطة الأمير عبد الرحمن، علمًا بأن الكتخدا هو لفظ أُطلق على وكيل الباشا ممثل السلطان في مصر، حيث ينوب عنه في كامل اختصاصاته، فتمتاز واجهة الزاوية الحجرية بالزخارف الجميلة المنحوتة بشكل متقن.
– تتكون زاوية كتخدا من طابقين إذ يحتوي الطابق الأرضي منها على ثلاث حوانيت تشرف على الشارع، وتوجد خلفها من الداخل حنفيات للوضوء يصل إليها المصلون من مدخل الزاوية، أما الطابق العلوي فيحتوي على قاعة كبيرة للصلاة يُصعد إليها بدرج ولها ثلاث نوافذ مستطيلة كبيرة تطل على الطريق، وعليها خشب خرط علي شكل تربيعات صغيرة من نوع المشربيات.
– يضم حي المغربلين مسجد «قرطبة الذهبي»، وهو زاوية صغيرة للصلاة لا تتعدى مساحتها 50 مترًا، وبها ضريحان لا يعرف المصلون أسماء صاحبيهما حتى يومنا هذا.
– يوجد مسجد «جانبي الأشراف»، والذي تم بناه في العقد الأول من الثلاثينيات بالقرن الماضي، في زمن مصر الخديوية، وهو يضم بداخله مجموعة من النقوش الإسلامية ولمنابر المصنوعة من خشب العاج.
– تتواجد منشأة «إينال اليوسفي»، والتي بُنيت في عصر الدولة الفاطمية عام 1392، فهي تعد مدرسة وجامع في ذات الوقت في ظل الاهتمام بضرورة جمع الطالب المصري بين النواحي العلمية والدينية معًا في تلك الحقبة.
شوارع اشتهرت بالحرف
يضم حي المغربلين العديد من الشوارع التي انفردت بتجارة أو حرفه محددة مثل شارع الخيامية، حيث صناعة وتجارة الخيام فيها، وكذلك شارع السروجية، نظرا لانتشار حرف صناعة سروج الخيول.
مشاهير وُلدوا بالمغربلين
شهد حي المغربلين ولادة العديد من المشاهير به مثل الشيخ محمد رفعت، الفنان محمود المليجي، الفنان محمود شكوكو، المطرب الشعبي شفيق جلال، الكاتب المسرحي بديع خيري، والعالم حامد جوهر صاحب برنامج عالم البحار الشهير.
تبقى شخصية صابحة إبراهيم علي عيسى الغندور الشهيرة بالمعلمة «عزيزة الفحلة»، من أغرب الشخصيات التي عاشت في حي المغربلين، فكانت بمثابة فتوة المنطقة التي قاومت الاحتلال الإنجليزي وناصرت الضعفاء، علمًا بأن عملها الأساسي كان تجارة الحبوب والأغلال.
المغربلين بالوقت الحاضر
يعاني حي المغربلين من الإهمال بالوقت الحالي في ظل انتشار الباعة الجائلين، الذين احتلوا الأماكن الأثرية وأغلقوها ببضاعتهم، وكذلك مداخل ومخارج المساجد والأضرحة.
وتعرض مسجد جانبي الأشراف لحالات سرقة من قبل مافيا الآثار حتى وصل الحال إلى قيامهم بتفكيك أحجار ورخام حوائط الجامع. وتحول جزء من مدرسة إينال اليوسفي إلى حضانة لصغار الحي، فيما بات السور محاطَا بالباعة الجائلين.
وتتواجد العديد من محلات بيع الملابس بكل أشكالها وأنواعها في حي المغربلين، بجانب محلات العطارة التي تميز المنطقة.