الوجه الآخر للعنة الفراعنة
الفراعنة لنعد بالزمن إلى سنين مضت و نتوقف عند عصر قديم حيث كان الفرعون هو الحاكم و الإله على أرض مصر و لندخل مقبرة كانت مُختفية بوابتها ، و لنقرأ ما كُتب هناك من تحذير يقول :
” إنه أنا الذي أمنع الرمال من الوصول إلى الغرفة المقدسة، و أنا موجود لحماية المتوفى”
كانت تلك العبارة التحذيرية هي ما أشعلت شرارة لعنة الفراعنة عندما وُجدت في قبر الملك الشاب توت عنخ آمون ، و بجانب وجود بعض الأحداث الغريبة الأخرى انتشر الفزع و الفضول بين الناس.
في شهر مارس عام ١٩٢٣ غادر اللورد كارنارفون (من قام بتمويل عملية الحفر و البحث عن قبر توت عنخ آمون) من طيبة الى القاهرة و هناك مرض اللورد مرضًا شديدا و ارتفعت حرارته و تدهورت حالته حتى توفى ، قيل أن سبب موته مجرد بعوضة نقلت له مرض ما و لكن الإعلام صور موته بطريقة مشوقة أكثر خاصه عندما قال أحد المراسلين أن القاهرة كلها أظلمت في ليلة مماته !
بالإضافة إلى ما ذكره ابنه المقيم بإنجلترا حيث قال أن كلب اللورد نبح نباحًا شديدًا و مات في نفس توقيت موت اللورد بمصر !
الوجه الآخر للعنة الفراعنة
و بعد تلك التصريحات الغريبة أرجعت الصحافة سبب موته للعنة الفراعنة التي زعموا أنها بدأت منذ فتح مقبرة توت التي تحتوي على العبارة التحذيرية المذكورة بالأعلى !
و من هنا بدأ الخبر يتناوله الصحفيون و يزيدون عليه نصوص فرعونية مُختلقة بواسطتهم و كأنها تشير إلى وجود لعنة حقيقية و تمادوا في ادعاءاتهم حينذاك للحد الذي جعل أصحاب المجموعات الخاصة من الأغنياء يتخلصون مما لديهم من آثار خشية من اللعنة الفرعونية !
و لكن الحقيقة أن تلك العبارة التي بقبر الملك توت هي مجرد صفات للمعبود أنوبيس تُكتب لغرض حماية القبر من أي شخص يعتدي على محتوياته أو من يدخله نجسًا ، و هناك مثال آخر لمقولة تحذيرية و لكن من عصر
الدولة القديمة تقول:
” أما فيما يتعلق بمن يقتحم هذا القبر ليستولى على أثاثه الجنائزي لنفسه، أو يحاول أن يمسه بأذى، فسوف يحاكم على فعلته لدى الإله الأكبر”
و الحقيقة أن هذه الصيغ التحذيرية نادر وجودها بالتاريخ المصري القديم و غير معروفة بين الناس وهذا ساعد على انتشار فكرة وجود اللعنة.
و استكملت الصحافة دورها و تنافست حينها على إثارة الموضوع أكثر فقالوا أن سبب موت اللورد هي بكتريا مميته كانت بالمقبرة ،
و أن اللورد أصيب بجرح من إحدى الأسلحة التي تواجدت هناك ، بل و أرجعوا سبب أي حالة وفاة حدثت لأي شخص دخل مقبرة توت إلى لعنة الفراعنة !
لعلكم تتساءلون لماذا لم يرد أحد على تلك الأكاذيب؟!
فبالفعل حاول (هربرت ونلوك) أحد المشتركين في بعثة الحفائر الخاصة بمقبرة توت بالرد و أثبت أن حالات الوفيات التي حدثت لمن دخلوا المقبرة كانت عادية و لكن صوت أكاذيب الصحافة كان أكثر صدى منه .
و بالرغم من كل تلك الأقاويل التي ذُكرت سواء من الصحافة أو من بعض الكُتّاب المصريين و الأجانب فلدينا حقائق أمام أعيننا ، مثلا (هوارد كارتر) نفسه مكتشف مقبرة توت عاش حتى عام ١٩٣٩ أي عاش لمدة ١٧ عام من بعد اكتشافه للمقبرة ، و (الفريد لوكاس) الذي قام بعمليات الترميم لآثار المقبرة عاش بعدها ٣٠ عام و (جستاف لوفر) الذي نسق المجموعة بالمتحف المصري عاش حتى ١٩٥٧ و معه (بييرلاكو) الذي عاش حتى ٨٠ سنة،
فبرغم وجود حوادث غريبة بالعالم غير معروف سببها حتى اليوم و لا يوجد لها تفسير إلا أن فكرة وجود لعنة الفراعنة اليوم مضحكة !
فإذا كان كل هؤلاء الذين تعاملوا مع آثار توت و حملوها و نقلوها عاشوا حياة طبيعية فلماذا يموت كارنارفون الوحيد باللعنة إن افترضنا صحة وجودها ؟!
لماذا لم تستيقظ مومياوات الملوك و الملكات من المتاحف و تنتقم منا اليوم إذًا ؟!
لماذا مُهربي الآثار المصرية ما زالوا أحياء يرزقون حتى اليوم و لم يُصابوا باللعنة، ألم يستولوا على كنوز المقابر لنفسهم و يستحقون العقاب كما ذُكر بتحذيرات أجدادنا ؟!
اقرأ أيضاً
المتحف المصرى الكبير .. عندما ينحنى العالم فى حضرة الأجداد
مؤامرة البارود .. أول مؤامرة لقلب نظام الحكم البريطاني