بردية حلم.. مجرد فتاة صادقَت الكتب، وأحبت الكتابة بالقلم، وعند التيه عرفت طريق المكتبة، وفي الصعاب ساعدها عقلها، فلم تكرهونها أيها المجتمع الغريب؟
بردية حلم.. من هي جدتي؟
أتعلمون من هي جدتها؟ إنها السيدة المصرية التي عاشت منذ قرون، تلك الأنثى المكافحة التي عرفت معنى الحب والنضال وصنعت مجد يومها بعملها وأمومتها معًا.. بالحب.
تلك التي كانت تعمل بالغزل وبالطب وفي البيت والحقل والمعبد، تلك التي عرفت المكتبات وطرق العناية بالكتب قديمًا، وكذلك تفعل حفيدتها اليوم فهي تعتنى بعقلها ومكتبته بقدر ما تعتني بنعومة جسدها وصحة شعرها.
أنا روح كل أنثى أخيرة حرة بذاتها، اليوم أحدثكم فأنصتوا لتراث كلمات أجدادي الذي ورثته:
إني أعمل وأحب النجاح، دعوني أجمع بعض قوتي من إنجازاتي الصغيرة حتى أكمل مسيرتي في هذه الدنيا، فلدي طاقة قد تُحيي تعاليمنا القديمة النبيلة مرة أخرى، تعاليم ستفيدنا وستنير أنفسنا معًا.
لا تخجلوا من رغباتي في النجاح إذا عزمت على تحقيقها.
لا ترفعوا من شأن جمال الجسد وتقذفوا أفكاري بألفاظ العُهر.. فأنا شريفة الأفكار، نقية كالنبع.
لا تسخروا من ضميري الذي أعطيه نصف طاقتي لأنه هالة روحي.
فلتتركوا مفاهيم العشق لي كما تعلمتها من سيرة أجدادي رفيعة المقام، دعوا من فضلكم قصة رمسيس الثاني ونفرتاري بمخيلتي حتى أعثر يومًا ما بنفسي على حب نقي مثل حبهما.
ولا تكترثوا إن عظّمت إيزيس وأوزوريس وارتباطهم الوثيق، وإذا وجدتموني أقف أمام أحد نقوش أخناتون وهو يعبر عن حبه لزوجته وعائلته دعوني أتأمل رقيهما وحرية أفعالهما.
لا تسيئوا إليّ إن أردت القوة والريادة كملكتي المصرية حتشبسوت، دعوني أتعلم من دون قيود وشروط هذا لن يمس صلاحي.
حدثتني جدتي
جدتي حدثتني عن كيف كانت حياتها قديمًا، قالت إنها ساعدت زوجها بالحقل وعملا سويًا على تربية أبنائهم بقدر من المساواة، وعلمت أطفالها القيم النبيلة وساعد زوجها في ذلك.
روت لي عن عملها هي وصديقاتها في كل مجالات العالم القديم، وأكدت لي أنها كانت تأخذ حقوقها كاملة ولم يفرض عليها أحد الزواج أو قام بحبسها بالمنزل، بل ذكرت بابتسامة عذبة أن جدي كان رجل يحدثها بنعومة ويعتني بها عندما تتعب.
وصفت لي بلدنا «كمت» «مصر» وهي مفعمة بالحياة وملونة بالفرح في الاحتفالات والأعياد، أظهرت لي مجوهراتها وقنينات عطورها الفارغة، ونظرت في عيني وأوصتني بأن أعتني بالكتاب الذي ناولتني إياه، لقد أصلحت صفحاته منذ مدة كبيرة وتخشى عليه كأنه أحد أبنائها.
جدتي كانت قوية بالعزيمة والمعرفة؛ لذا أمرتني أن أكون تلك الأنثى القوية، أرادت من روحي أن تعرف الله وأرادت لاسمي الخلود..
جدتي المصرية ملهمتي الأولى تحدثني في كل مرة أقرأ كتاب، وتأتيني بأحلامي توصيني بتحقيقها.
جدتي..
هي جذوري السحيقة بأراضي الماضي ولكن ما زال كبرياء روحها بملامح هويتي.
لذا أقول لكم بكل قناعة اتركوا الأنثى اليوم تكون رائدة، متعلمة، منتجة، جميلة، قوية.. دعوها تلمع في وجه ظلام الجهل بنور المعرفة، لعلها تجد مثيلاتها ومعًا ينيروا وادي الجهل الدميم.
اقرأ أيضا:
كيف نجح قصر فرساي في دفع الفرنسيين للثورة
من مبتكر أول آلة لتقطيع الخبز؟
