في فترة زمنية دامِت لـ 15 سنة تقريبًا، وتحديدًا بين سنة 1985 لحَد سنة 2000، لقوا 4 جُثث في حديقة بيير بروك العامة بنيوهامشر، واللي مساحتها بتبلُغ تقريبًا أكتر من 10 آلاف فدَّان، الجُثتين اللي لقوهم في البداية كانوا جُثث لسيدة وطفلة صغيَّرة، واللي لقاهُم كان صيَّاد يوم 10 نوفمبر 1985، الجُثتين كانوا متقطَّعين، و ملفوفين في أكياس بلاستيك، ومحطوطين جوا برميل كبير ورا الحديقة.
السيدة الميتة دي وصفوها بإن شعرها بني مموَّج، إن أسنانها احتاجت لعمَل كتير جدًا، من ضمن الحاجات دي 3 عمليات خَلع وحشو كتير، أما البنت فكانت بين 5 سنين لحَد 11 سنة، كانِت لابسة حلق وعندها فرق بين أسنانها الأمامية، وكان بايِن على رئتيها إنها كانِت بتعاني من أعراض الالتهاب الرئوي.
قالوا إن الضحيتين تعرَّضوا لصدمة قوية جدًا قبل الوفاة، المأمور السيد نورمان كونور مكانش عنده أي أدلة يمشي وراها ولا أي معلومات تساعده في القضية، وكُل اللي التحقيقات قدرت توصلُّه هو إن الضحايا ماتوا بين سنة 1977 وسنة 1985، وفضلت الجُثث في المشرحة الخاصة بمُستشفى نيوهامشر لمُدة 18 شهر على أمل إن حد يظهَر ويقرَّر يمد الشُرطة بأي معلومات تساعِدهم على التعرَّف على الضحيتين، لكن محدِش ظَهَر للأسف، في النهاية.. في مايو 1987.. كونور قرَّر يدفِن الجُثتين في نفس القبر من غير ما يعرف أساميهم أو أي حاجة عنهُم.
لكنه كمان قرَّر إن مفيش داعي لليأس، ولمُدة 15 سنة كاملين فضل مُستمِر في البحث عن أدلَّة، لحَد سنة 2000، واحِد من الضُبَّاط أثناء ما بيفتِّش مسرح جريمة، فوجئ ببرميل تاني، وجوا البرميل دا لقوا هياكِل عظمية لطفلتين ملفوفين في أكياس بلاستيكية.
تحليل الطب الشرعي قدر يثبت إن الطفلتين دول أولاد السيدة اللي لقوها قبل كدا من 15 سنة، أما الطفلة الثالثة فلأ.. كانت بنت حد تاني، وأصبحِت الشُرطة دلوقتي مُضطرة تتعامِل مع جريمة قتل رباعية، الضحايا بقوا معروفين إعلاميًا باسم ضحايا آلينستون الأربعة، وتحوَّلت التحقيقات عشان تركِّز على ساحة قريبَّة من الحديقة العامة، مكان مش بعيد عن الأماكِن اللي لقوا فيها الجُثث، الساحة دي معروفة بإنها موقَف للمقطورات، وأغلَب اللي ساكنين في المقطورات دي كانوا من المُجرمين المُدانين اللي خرجوا من السجن في أوقات مُختلِفة، وتقريبًا كدا المنطقة كان فيها 115 مقطورة، عايِش فيهم 476 شخص، أغلبهم مش مُقيمين هنا لكنهم تواجدوا هنا أثناء فترة حدوث الجرايم، لكن إنك تلاقي دليل في المكان دا كان تحدي للشُرطة وكأنهم كانوا بيدوَّروا على إبرة في كوم قش.
وبسُرعة جدًا انضم السُكَّان المحليِّين للشُرطة في عملية البحث، واحدة منهم.. السيدة روندا راندال، بقت مهووسة بالقضية جدًا لدرجة إنها بدأت تحقيقها الخاص بيها بعيدًا عن تحقيقات الشُرطة، وبدأت تركِّز على موقف المقطورات، كانت شغالة على حملة استجوابات وبحث عن الحقيقة على المدونة الخاصة بيها.
للأسف كُل المجهود دا مقدرش يوصَّل الناس لحل اللغز دا، لكن بعد انضمام المركز الوطني للبحث عن الأطفال المفقودين، بدأت الأمور تتغيَّر، خصوصًا مع بداية سنة 2013 لمَّا قرَّرت غُرفة العمليات بالمركَز إنها تعيد بناء وجوه جديدة للضحايا، وقدروا بعدها يوصلوا لحاجة مُهِمة، إن السيدة، الطفلة الكبيرة، والطفلة الصُغيّرة من نفس المنطقة الجغرافية اللي هي كانت غالبًا نيوهامشر، أما الطفلة المتوسِطة فإتولدِت وإتربَّت في أقصى الشمال.
سنة 2015، واحد من رسَّامين الطب الشرعي قرَّر إنه يرسِم لوَّح للضحايا وهُمّا على قيد الحياة، وللمرة الأولى.. بفضل الرسَّام العبقري دا، الشُرطة بقي معاها صور قريبة من أشكال الضحايا الحقيقيين، وبدأت رحلة بحث جديدة عن أي شخص في نيوهامشر يكون شاف أو عرف الضحايا دول قبل ما يموتوا، دا غير إن الطب الشرعي أثبت إن الأربع ضحايا ماتوا في الفترة الزمنية اللي بين 1980 و1984.
وقتها الغموض بدأ يتفك شوية بشوية، في بداية سنة 2017، التحقيقات قالت إن وللمرة الأولى فيه مُشتبه فيه في القضية، وهو الشخص المعروف باسم روبرت ” بوب ” إيفانز، لكن المُشتبه فيه دا مات في السجن سنة 2012، بعد ما كان بيقضي فترة في السجن بتهمة قتل زوجته، وقالوا كمان إن اسم روبرت إيفانز دا مش اسمه الحقيقي، دا مُجرَّد اسم مُستعار ورفضوا يعلنوا عن الاسم الحقيقي للمُشتبه فيه.
طيب ليه شكوا فيه أصلًا؟ عشان الطب الشرعي وتحليلات الحمض النووي أثبتِت إن هو والد الطفلة اللي في المُنتصف، وإنه غالبًا كان على علاقة مع السيدة الميتة لفترة من الوقت، دا غير إنه كان بيشتغَل في مصنع موجود فيه نفس البراميل اللي لقوا فيها الجُثث.
في أغسطس 2017 قرَّروا يكشفوا الاسم الحقيقي لروبرت إيفانز، وأعلنوا إن اسمه الحقيقي هو تيرانس ” تيري ” بيدير راسموسين.
وكشفوا كمان تفاصيل حياة راسموسين الإجرامية، المُجرِم اللي كان أشبه بالحرباء، استخدم أسماء مُستعارة كتير جدًا لارتكاب جرايمه، الشُرطة كانت عارفة إن قتل 6 أشخاص، وشاكِّين طبعًا إنه قتل ضحايا آلينستون الأربعة، دا غير الجرايم اللي محدِش يعرفها.
لكن للأسف حل اللغز ما زال مجهول لحَد النهاردة، وغير معروف صحة نظرية القاتل دا لأنه مات قبل ما يستجوبوه، تفتكروا مُمكِن يكون هو؟ ولا الشُرطة بتقفِل القضية وخلاص؟
الله أعلم..