بكنباور..القيصر الذي لن تنساه جماهير ألمانيا
بكنباور.. فقدت الكرة العالمية والألمانية واحدًا من أبرز أساطيرها في القرن الماضي، بعد وفاة فرانز بكنباور في السابع من يناير الجاري عن عمر 78 عامًا، وهنا سنتعرف على أبرز المحطات التي صنعت أسطورة بكنباور الملُقب بالقيصر.
مخترع دور الليبرو
بدأ بكنباور مسيرته كلاعب وسط مدافع مع فريقه بايرن ميونخ عام 1964، إلا أنه أذهل الجميع بقدراته الهجومية التي لم تكن شائعة في ذلك التوقيت بالنسبة للاعبي ذلك المركز، فكان بكنباور قادرًا على ربط كافة خطوط الفريق من خلال طاقته الكبيرة في الملعب علاوةً على قدرته على بناء اللعب من الخلف وامتلاكه مهارة التسديد من خارج منطقة الجزاء علمًا بأنه تراجع بعد ذلك للعب في الخط الخلفي ليعتبره خبراء الكرة بمثابة اللاعب، الذي أدخل دور الليبرو في تكتيك اللعب بتلك الحقبة، فكان بكبناور صمام الأمان لدفاع البايرن ومنتخب ألمانيا في حال خسارة الكرة فيما كان يقوم بدور الزيادة العددية في وسط الملعب عند شن الهجمات.
اندثر دور الليبرو في تكتيكات كرة القدم مع نهاية العقد الأول للألفية الثالثة، إلا أن بكنباور ظل العلامة المميزة لذلك المركز في تاريخ الكرة.
مباراة القرن والذراع المعلق
تعرض بكنباور لإصابة قوية بخلع في الكتف في الدقيقة 70 خلال مباراة ألمانيا وإيطاليا بنصف نهائي مونديال 1970، إلا أنه رفض الخروج من الملعب في ظل استنفاذ منتخب بلاده للتبديلين المسموح بهما في ذلك التوقيت ليفاجئ الجميع بمواصلة اللعب بعد تعليق ذراعه بحمالة، وذلك بالرغم من الطابع البدني العنيف الذي تميزت به تلك المباراة، التي امتدت لمدة 120 دقيقة مثيرة بين الجانبين لدرجة اختيار «فيفا» لها كمباراة القرن العشرين.
وخسرت ألمانيا تلك المباراة بنتيجة 4-3 إلا أن بكنباور فاز باحترام العالم كله، وحفر اسمه داخل قلوب الجماهير الألمانية التي لن تنسى استبساله في ذلك اللقاء متحديًا آلام الإصابة.
مسيرة دولية استثنائية
خاض بكنباور 103 مباراة مع المنتخب الألماني مسجلاً خلالها 14 هدفا، بالإضافة لصناعة 10، وذلك بالرغم من أدواره الدفاعية بالملعب، حيث نجح في التتويج مع الماكينات بلقب مونديال 1974 الذي استضافته البلاد، بجانب لقب يورو 1972.
وشارك بكنباور في ثلاث نسخ من كأس العالم مع المنتخب الألماني تُوج خلالها بميدالية ذهبية وأخرى فضية (1966) وأخرى برونزية (1970)، ليصبح اللاعب الوحيد بجوار مواطنه فولفجانج أوفيراث، الذي حاز على الميداليات الثلاث بتاريخ البطولة.
نجاحات مدوية مع بايرن ميونخ
أمضى بكنباور غالبية مسيرته الكروية في صفوف العملاق الألماني بايرن ميونخ الفريق الأكثر تتويجًا بالألقاب في الكرة الألمانية، حيث حقق معه 4 ألقاب بالبوندزليجا ومثلهم بكأس ألمانيا بالإضافة لثلاث ألقاب دوري أبطال متتالية في الفترة من 1973-1976، ولقب بكأس الكؤوس الأوروبية عام 1967 ليحقق كافة الألقاب الممكنة لأي لاعب في تلك المرحلة.
لعب بكبنباور ثلاث مواسم في نهاية مسيرته الكروية لفريق نيويورك كوزموس الأمريكي، حقق خلالها ثلاث ألقاب بدوري أمريكا الشمالية، قبل أن يقرر العودة بشكل مفاجئ للدوري الألماني محققًا لقب الدوري مع فريق هامبورج عام 1982.
المجد من مقاعد التدريب
تولى بكنباور تدريب المنتخب الألماني عام 1984 خلفًا ليوب ديرفال عقب الإقصاء المبكر من الدور الأول لليورو، فنجح من خلال شخصيته القيادية التي عُرف بها في الملاعب في إعادة الاتزان سريعًا للمنتخب، الذي بلغ نهائي مونديال 1986 قبل أن يخسر بشق الأنفس أمام الأرجنتين بقيادة الأسطورة مارادونا بنتيجة 3-2.
ولم تفقد الجماهير الألمانية ثقتها في بكنباور رغم فشل المنتخب في التتويج بلقب يورو 1988 التي استضافتها البلاد ومرارة الهزيمة 1-2 أمام الجار الهولندي اللدود في الدور نصف النهائي، فعاد بكنباور بعدها بعامين ليطيح بالمنتخب البرتقالي بطل أوروبا من دور الـ16 لمونديال 1990 الذي واصل مشواره فيه حتى بلغ الدور النهائي ليلتقي بالأرجنتين مجددًا، حيث تعلم القيصر الدرس جيدًًا بعدما نجح في إبطال خطورة الأسطورة مارادونا طيلة اللقاء عن طريق الرقابة اللصيقة من المدافع جويدو بوخفالد، الذي قدم المباراة الأفضل في مسيرته الدولية لتحرز ألمانيا لقبها المونديالي الثالث بعدما رد بكنباور الدين للأرجنتين.
وبات بكنباور ثاني من ينجح في التتويج بلقب المونديال كلاعب ومدرب، بعدما سبقه الأسطورة البرازيلية ماريو زاجالو قبل أن يلحق الفرنسي ديديه ديشامب بتلك القائمة الاستثنائية عام 2018.
وكان بكبنباور ذكيًا في الرحيل عن تدريب المنتخب الألماني بعد التتويج بلقب المونديال، الذي اعتبره نقطة النجاح القصوى لأي مدرب، فخاض تجربة تدريبية ناجحة مع مارسيليا الفرنسي ليقوده للتتويج بلقب الدوري عام 1991 قبل أن يختتم مسيرته التدريبية مع فريقه الأصلي بايرن ميونخ، الذي حقق معه لقب البوندزليجا عام 1994 وكأس الاتحاد الأوروبي عام 1996.
عطاء من خارج الملاعب
اعتزل بكنباور التدريب عام 1996 إلا أن عطائه مع الكرة الألمانية لم يتوقف بعدما أصبح نائبًا لرئيس اتحاد الكرة عام 1998، لينجح في قيادة ملف ألمانيا للفوز باستضافة مونديال 2006، حيث ترأس اللجنة المنظمة للبطولة وعمل كمعلقًا لجريدة «بيلد تسايتونج» خلالها.