حدث في رمضان .. حرب العاشر من رمضان
حدث في رمضان
كان يومًا شديد الحرارة لكنه لم يمنع الأبطال من أن يحفروا تاريخ هذا اليوم على أذهان الصهاينة قبل المصريين.
كان الكيان الصهيوني قد وصلته أخبار من بعض الخونة في مصر عن تخطيط مصر لشن هجومًا قويًا على الضفة الشرقية من قناة السويس. قال المصدر الخائن للصهاينة أن الهجوم سيحدث ليلًا.
وبدأت بالفعل تحركات الكيان الصهيوني لتدعيم دفاعاته، لكنهم لم يكونوا في عجلة من أمرهم فأمامهم عدة ساعات حتى يبدأ الهجوم، ثم أنه مهما كان الهجوم قويًا فهيهات أن يتحول إلى هجوم مكثف بقوات المشاة إلا إذا كان الجيش المصري قد أصيب بالجنون وينوي التضحية بكافة جنوده..
فمصير أي هجوم بالمشاة هو الغرق في قناة السويس، أو الدفن تحت تراب خط بارليف الساتر الترابي الأقوى في العالم، والذي ادعت إسرائيل أن السلاح النووي غير قادر على تحطيمه.. والقناة محمية بأنابيب النبالم القادرة على تدمير أي زوارق تستهدف العبور، علاوة على ذلك فهناك المدفعية القوية المثبتة على خط بارليف والتي يصل مداها إلى عمق مصر، علاوة عن عرض القناة.
توقعت إسرائيل أن الهجوم سيكون مجرد بعض ضربات جوية بالإضافة لبعض الهجمات بالمدفعية، ولم تكن إسرائيل تخاف من ذلك، فالهجمات المدفعية أو الصاروخية حتى مهما حققت خسائر فإنها لن تفقدهم أي شبر من الأرض، أما الهجمات الجوية فلن تتقدم في العمق كثيرًا ذلك لأن إسرائيل تمتلك أقوى سلاح جو في المنطقة، فهي مدعمة بأحدث الطائرات الأمريكية، كما أنها تمتلك أقوى بطاريات دفاع جوي أيضًا.
كل هذا جعل إسرائيل تستخف بالهجوم المصري، وقالوا دعونا نحتفل بعيدنا وكان اليوم هو يوم عيد الغفران لدى اليهود، فمهما حاول الجيش المصري فإننا قادرين على ردعه بسهولة.
وكأن قصة السلحفاة والأرنب كانت حاضرة، فقد كان تلكع الصهاينة في تدعيم دفاعاتهم على وشك أن يفنيهم تمامًا من الوجود لولا التدخل الأمريكي. لم يكن الصهاينة رغم علمهم بأن الحرب ستحدث يوم العاشر من رمضان سنة 1393هجرية يبالون بالهجوم المصري.
لكنهم لم يعرفوا أن الهجوم سيكون بعد الظهيرة، في عز الحر، لم يتوقعوا أن الجنود المصرين سيزحفون على الرمال الملتهبة ليعبروا خط بارليف ويفتكوا بكافة دفاعاته. لم يعلموا أن أنابيب النبالم قد سدت فتحاتها منذ عدة أيام، وأن المصرين يخبئون سلاحًا غير متوقع لتدمير الساتر الترابي المنيع.
في الساعة الثانية ظهرًا بدأ الهجوم الكاسح من الجانب المصري، تعالت صيحات الله أكبر من أفواه الصائمين لترتجف لوقعها قلوب الصهاينة، وتعالت أصوات المدافع المصرية، مدافع الماء والنار لتتهدم لشدتها حصون الصهاينة. وسطرت القوات الجوية أقوى ملاحم الشجاعة وصمدت بقوة وشجاعة أمام سلاح الجو الصهيوني المتطور وردعته وأنهكته وهزمته.
بدأت الدفاعات الصهيونية تنكسر شيئًا فشيئًا، وعبر جنود مصر المسلمين القناة، بل وعبرت معهم الدبابات والأسلحة الثقيلة. وشعر الصهاينة أن النهاية قد حانت، وأن جيش مصر المسلم بينه وبين القدس أيام.. لولا أن الله لم يشاء حدوث ذلك، وأجل هذا الحدث لحين قريب.
أعادت حرب العاشر من رمضان سيناء إلى مصر، لكن الأهم من ذلك، أنها لقنت الصهاينة درسًا لن ينسوه وعلمتهم أنهم مهما تحصنوا فستنهدم حصونهم فوق رؤوسهم يومًا ما، يومًا لا يتوقعون فيه إلا هجومًا ضعيفًا لا يستحق الاهتمام.