تاريخ

حملة فرانكلين المفقودة

حملة فرانكلين المفقودة
في الركن الجنوبي الغربي من جزيرة ديفون “Devon Island” في أرخبيل القطب الشمالي الكندي، تقع جزيرة صغيرة مهجورة تُدعى بيشي، لأكثر من مائة عام ظلت الجزيرة مهجورة وقاحلة وكانت الجزيرة مكانًا مفضلًا للمستكشفين بالقطب الشمالي، فقد سمح شاطئ الجزيرة لسهولة الهبوط، ووفر التل الصغير خلف الشاطئ المأوى المطلوب لأطقم البعثات للقطب الشمالي بفصل الشتاء على مر السنين، ولكن ترجع شهرة هذه الجزيرة إلى ارتباطها بإحدى أكثر الأحداث مأساوية في تاريخ استكشاف القطب الشمالي هي حملة فرانكلين المفقودة ..

بداية رحلة فرانكلين:

أبحرت الحملة بقيادة الكابتن السير جون فرانكلين، وهو ضابط في البحرية الملكية ومستكشف ذو خبرة، من إنجلترا في 19 مايو لعام 1845م مع طاقم مكون من 24 ضابطًا و110 رجل على متن سفينتين “HMS Erebus & HMS Terror”، كانت مهمتهم هي العثور على الممر الشمالي الغربي، وهو عبارة عن طريق بحري من المحيط الأطلسي للمحيط الهادئ مما يسمح للتجار الذين يسافرون عن طريق البحر السفر من طريق سهل من آسيا عبر القارة الأمريكية الشمالية، فقد اعتبروا العثور عليه بمثابة المنقذ لهم، وقد سافر الكثير من المستكشفين على أمل إيجاده وفُقد الكثير منهم.

 

كانت بعثة فرانكلين واحدة من أفضل البعثات إمدادًا بالمعدات لحل مشكلة ممر القطب الشمالي، تم بناء السفينتين وتجهيزهما بأحدث الاختراعات الجديدة مثل المحرك البخاري، والمروحة الدافعة ودفة السفينة الحديدية، وكانت السفينة تحتوي على نظام تدفئة داخلية لراحة طاقمها، ومكتبة تحتوي على ألف كتاب، ومجموعة من الطعام المُعلب.

بعد مغادرة إنجلترا توقفت البعثة في اسكتلندا لفترة وجيزة، من ثم أبحرت لخليج ديسكو على الساحل الغربي لجرينلاند، وهناك كتب طاقم السفينتين أخر رسائلهم وعندما دخلوا للمياه الباردة حول شمال كندا بأواخر يوليو 1845م، التقت السفينة مع اثنين من صائدي الحيتان، وقالوا أن طاقم السفينة كان في حالة معنوية جيدة وكانوا هم آخر من رؤوا السفينتين.

لغر موت طاقم السفينة:

ومر عاملين ولم يسمع أحد عن البعثة مما زاد من القلق العام، وتم تنظيم ثلاث فرق بحث ولكنهم رجعوا بعد بضعة أشهر دون أن يروا أي أثر للبحارة، وفي عام 1850م ذهب فريق بحث آخر يتكون من 12 سفينة للبحث عن بعثة فرانكلين ووصلوا لجزيرة بيشي غير المأهولة.

وعلى شواطئ الجزيرة عثر فريق البحث على ثلاث قبور ذات علامات منقوشة تُحدد هوية الموتى على أنهم “جون تورينجتون، وويليام برين، وجون هارتنيل” جميع أطقم طاقم السفينة، أشارات المخلفات التي خلفها طاقم السفينة بالجزيرة، هناك بين عامي 1845-1846م.

وسرعان ما أصبحت الجزيرة نقطة مهمة لبدء التحقيقات لاختفاء حملة فرانكلين، وفي عام 1854 ظهرت أدلة جديدة أخرى أفاد شهود عيان من الإسكيمو رؤية 35-45 رجل أبيض، يموتون من الجوع بالقرب من مصب النهر الخلفي، وفي عام 1859م اكٌتشفت مذكرة في جزيرة الملك ويليام الواقعة على بعد 670 كم جنوب الجزيرة، وأن جون فرانكلين توفى عام 1847م مع 23 ضابط ورجل آخرين.

وعلى مدار 150 عامًا التالية حاول عشرات المستكشفين والعلماء الوصول لحقيقة ما حدث، حيث أن السفينتين كانتا محاطتين بالجليد مما أجبر الرجال على السير عبر الجليد، تظهر بعض الهياكل العظمية الموجودة بجزيرة ويليام وجود علامات تقطيع بالعظام، مما يُشير أن الظروف كانت قاسية لدرجة أن أطقم السفينة لجئوا لأكل لحوم البشر، ولكن الأمر المحير من قتل أفراد الطاقم الثلاثة بالجزيرة بوقت مبكر من الرحلة الاستكشافية؟!

اكتشاف السفينة المفقودة:

اليوم، هناك أربعة علامات قبر رئيسية بالجزيرة وتم إضافة الرابع لاحقًا، للمحقق توماس مورغان الذي توفي عام 1854م بمرض الاسقربوط في طريقه للبحث عن السفينة وطاقمها، وأيضًا يوجد كوخ خشبي، والجزيرة بمثابة موقعًا تاريخيًا وطنيًا ولم يتم اكتشاف سفينة الحملة المفقودة إلا عام 2014م عندما اكتشف فريق كندي حطام السفينة الأولى بخليج كوين بالقرب من جزيرة الملك ويليام، وبعد عامين تم اكتشاف حطام السفينة الثانية في جنوب جزيرة الملك ويليام ويقال أن السفينتين بحالة جيدة.

هاجر طلعت

طالبة دكتوراه تخصص إعلام - تكنولوجيا الصحافة أحب التدوين وكتابة المقالات شاركت في تأسيس عدد من المواقع العربية مهتمة بالزراعة المنزلية والتصميم والقراءة والتصوير .
زر الذهاب إلى الأعلى