رسائل مجهوله3
الرسالة الثالثة
لا أتذكر تحديدًا كيف أصبحت هناك، ولا اعتقد أن التفسيرات المنطقية ستكون ذات جدوى في حالتي! اكتشفت أنني في بداية ممر طويل، ثُبتت على سقفه مصادر إضاءة لها شكل بيضاوي غير مألوف؛ بعضها فشلت في أداء وظيفتها مما أدى إلى إنشاء فراغات مظلمة كئيبة، أما بقيتها فكانت تعمل بدون إتقان والذي أضاف لتجربة الرؤية أبعاد نفسية غير مريحة.
وقفت مترددًا بعد عدة خطوات من تقدمي، كان الممر يحوي عدة أبواب: المغلق منها، الغير محكم غلقه والمفتوح على مصراعيه؛ فلم اعلم كيف احدد مرادي أم علي تجربتهم جميعًا! لحسن الحظ سمعت هذا الصوت، استرقت السمع جيدًا حتى تأكدت من مكان مصدره ثم تحركت نحوه في حذر.
تحسست ما في جيبي بعد أن ضقت بما يُثقله والذي أجبرني على تثبيته بيدي أثناء حركتي؛ لمنعه من إصدار أي أصوات قد تكشف وجودي، ثم تنبهت إلى أنني لا أذكر إحضار أي شيء معي، لكني أجلت فكرة أخراجه بسبب وصولي لباب الغرفة؛ ولم يعد هناك أهم من هدف تلك المغامرة.
كان مصدر الصوت من إحدى تلك الغرف ذات الأبواب الغير محكمة الغلق، بمجرد أن نظرت للداخل بحرص عرفت أنها هدفي! هدف مهمتي الأولى، وكالعادة لم تكن لدي أي أسباب لثقتي هذه!
احتاج الأمر عدة دقائق حتى استطعت استيعاب ما يجري، كانت هناك بالفعل، انشَغلت بفعل شيء لم أتبينه من موقعي، لكن أصبح من الواضح أنها لم تكن بمفردها: كانت في ما يشبه القبو، قبو مقبض اصطفت فيه الأسِرَّةُ على الجانبين، بعضها كانت فارغة ومعظمها كان يشغلها أجساد ظهر عليها الوهن.
كانت تقف بجوار أحدهم وقد اقتربت بوجهها منه لتفعل شيء ما تسبب في توجعه بشكل مكتوم! اعتادت عيناي على الإضاءة وأصبحت الآن أكثر قدرة على تمييز بعض التفاصيل الأخرى؛ كان المسكين الذي تَسببت في توجعه محاط بعدة أسلاك وأشياء أخرى لم أتبينها..شعرت أني بدأت افهم ما يجري في هذا المكان..يبدو أنه مكان مخصص للتعذيب وتلك الدموية المسئولة عن كل ما يحدث لهؤلاء المساكين!
عند تلك اللحظة قررت تغيير كل خططي، سأقوم بتنفيذ تلك المهمة لإنقاذ المحتجزين بالداخل وبعدها سأعيد تقييم الموقف…ولكن كيف؟..أخذت أتفحص ما حولي قبل أن أتذكر ما في جيبي، وعندما أخرجت محتوياته شعرت وكأن القدر يؤيد ما نويت؛ أكتشفت أن ما في جيبي كان عبارة عن مِفَكّ معدني. أحكمت قبضتي عليه وأخذت نفسًا عميق وأخذت أترقب اللحظة المناسبة.
حانت اللحظة عندما استدارت الدموية وتوجهت لتعذيب أخر، تسللت إلى داخل البدروم، سرت خلفها ببطء وتأهبت لطعنها لإنهاء معاناتي ومعاناتهم! لفت دخولي انتباه المسكين الذي كان يٌعذب قبل قليل، أشارت له ليفهم أن عليه التزام الصمت حتى استطيع مباغتتها، ولكن يبدو أنه قد فقد عقله مما تعرض إليه في هذا المكان؛ فأخذ يصدر أصوات عالية تسببت في جذب انتباهها.
فاكتشفت وجودي وانطلقت صرخاتها الحادة التي دفعتني للإسراع نحوها لإجبارها على التوقف عن إزعاجي، هنا شعرت بمن ينقض علي من الخلف..حاولت المقاومة و إخافته باستخدام سلاحي الوحيد، اكتشفت في تلك اللحظة أنه يرتدي نفس ملابس تلك الدموية فبالتأكيد أنه مجرم مثلها، وهنا لم أسعى فقط لإخافته بل لطعنه لاستحقاقه نفس مصير من يدافع عنها!
للأسف جاء آخرون أدركت من مظهرهم أنهم جميعًا متورطين بما يحدث في هذا المكان المرعب! وكما تعلم فان الكثرة تغلب الشجاعة أحيانًا وخاصة عندما قاموا بإرغامي على أرتداء هذا الرداء الذي قُيدت أماكن الأذرع فيه بشكل متعمد لمنعي من الحركة!
أسمع الآن خطوات أقدامهم تقترب مني..سأضطر تأجيل إخبارك عن خطتي القادمة للهروب إلى الرسالة القادمة.
اقرأ أيضًا