سجن الفردوس
علي مر التاريخ كانت السجون ولا زالت مكانا مخيفا و مقبضا للبشر، فتلك الأماكن و المباني الضخمة تحمل دائما بين جدرانها ألاف الذنوب، ومن خلفها يركض مئات المجرمين القساة، وكذلك يجلس هناك عشرات المظلومين، وهكذا تصبح هذه الأماكن مرتعا للمشاعر السلبية، والكراهية، و الحقد، وفي النهاية تترك هذه المشاعر بصمتها فتحولها لجحيم خفي.
جزيرة Isla Coiba البانامية تُعتبر المعادل البانامي لسجن ألكاتراز الأمريكي المشهور، حيث أن الجزيرة منعزلة عن اليابسة
و كي تصل لأقرب مدينة عليك أن تقطع أميالا بالقارب، الجزيرة بعرض عشرة أميال وبطول ثلاثين ميلا، وتحيطها مياه شريرة حيث تعيش تحت سطحها مئات القروش، وتيارتها تحمل شهرة عظيمة في حصد أرواح البشر، وأضيف أيضا أن الجزيرة نفسها تحمل غابة كثيفة فوق ظهرها حيث تشكل موطنا لأشهر الثعابين السامة، في الحقيقة هي ليست مكانا يرغب أن يتواجد به أي أحد.
في عام 1919 تم إنشاء سجن علي الجزيرة، حيث كان يتم إرسال أسوأ المجرمين وكذلك المعارضين السياسيين للحكم العسكري إليه، حيث كان السجناء يتم أخذهم للجزيرة مرتين في الشهر، وتأخذ رحلة الذهاب فقط ست ساعات، وحتي تكون بلدا رحيمة فباناما لا تمتلك حكما بالإعدام و أقصي مدة حكم كانت عشرين عاما.
سجن الجزيرة كان يتكون من ثلاثين مبنا، وكان يحتوي حوالي ثلاثة ألاف سجين، كان يتم إبقائهم في المجمع المركزي حيث توجد عيادة صغيرة مع كنيسة، وخلف المجمع المركزي كان هناك مجمعات تسعة أصغر حيث يعمل السجناء في مزارع صغيرة.
كان العمل شاقا خلف جدران السجن، حيث لم يكن مسموحا للسجناء بتناول أكثر من وجبة واحدة، بينما يعملون طوال النهار في المزارع، و علي الجانب الأخر كان معظم السجناء من المعارضين السياسيين يتم تعذيبهم بشكل مستمر حيث سرعان ما تحول السجن لمعسكر إعتقال، وفي النهاية كان يتم قتلهم شنقا عن طريق تعليقهم في أعمدة كرة السلة، وكان يتم تركهم إلي أن تتعفن رؤوسهم تماما، بينما من كان يحاول الهرب كان يتم قتله مباشرة في الغابة، أما السجناء أصحاب السجلات الإجرامية فقد كانوا يقتلون بعضهم البعض معظم الوقت تحت أعين الحراس.
في عام 2004 تم إغلاق السجن و نقل السجناء بالكامل إلي سجون أخري، وتم ترك السجن فارغا إلي أن إستولت عليه الغابة في النهاية وحولته لمحمية طبيعية، ولكن ذلك لم يمحي التاريخ المآساوي للسجن، حيث بعد الإنتهاء من تماما من إخلائه، بدأ الحراس المتبقون يشاهدون حدوث أشياء غريبة.
أصوات سجناء يئنون ليلا، وأصوات صراخ متألمة و كأن حفلات التعذيب لم تنتهي أبدا، وأشخاص خفيون يسيرون هنا و هناك، وأخيرا أشباح تطرق علي قضبان الزنازين طلبا للنجدة.
يقال أن احد الحراس إستطاع رؤية أحد السجناء، ولعلمه أن السجن تم إخلائه قبلها قرر أن يطارد ذلك السجين الغريب، ولكن سرعان ما جره السجين إلي الغابة خارج السجن و هناك يقال أن الحارس أدرك أنه كان يطارد شبحا قبل أن يري شيئا ما يدفعه للإنتحار.
في صباح اليوم التالي تم العثور علي جثته، ومن بعد تلك الحادثة تم إخلاء جميع الحراس من الجزيرة وتركها لتصبح ملكا للغابة مرة أخري.
ويقال أن الغابة قد حولتها إلي جنة طبيعية الأن، ولكن ربما لا زالت أشباح المعذبين تعيش هناك بين أشجارها.