سحر قراءة الأدب
كتبت- رنا مسعد:
متى آخر مرة شعر أحدكم بالتيه ثم التقط قصة ما وبعد انتهائه منها شعر بالرضا أو الراحة ولو لبعض الوقت؟
من منكم كان يقرأ رواية قديمة ثم استوقفه سطرًا لأنه رأى نفسه فيه موصوف بدقةٍ لم يشهدها من قبل؟
نعم أيها القراء، إنه ما يسمى بسحر قراءة الأدب، فهو حقيقة لا تكشف نفسها إلا لمن يرجوها بشدة.
هناك نوع من الآراء التي تظلم قيمة الروايات لأن أصحابها لم يتعلموا تذوق النصوص، ولم يساعدوا أنفسهم على التعلم والترقي من خلال مواقف أبطال الأعمال الأدبية.
ولذلك، إليكم في هذا المقال بعض النصائح التي سوف تساعدكم على اختيار الرواية المناسبة لكم والاستفادة مع الاستمتاع بها..
١- تعرفوا على حالتكم النفسية وقت اختيار العمل الأدبي:
معرفة حالتنا النفسية وأفكارنا التي تستحوذ علينا والتي تختلف من فترة لأخرى، أمر أساسي في اختيار العمل الأدبي الذي سنقرأه، لأننا إن لم نعرف ماذا يدور بداخلنا لن نستطيع أن نختار قصة تعبر عنا بوضوح، فكتابة هذه الأفكار والمشاعر وتصنيفها على الورق تساعدكم على فهم دواخل أنفسكم ومن ثم ترشدكم لاختيار عمل يعبر عنكم.
٢- ابحثوا عن كُتاب أو كاتبات برعوا في وصف نوع المشاعر والأفكار التي تنتابكم:
استخدموا محرك البحث “جوجل” ببساطة للبحث عنهم واستعرضوا نبذات عن أعمالهم حتى تشعرون برابط بينكم وبين قصة ما، فهذه هي علامة التأكد من الاختيار المناسب (الشعور بالرابط).
٣- عند القراءة تمهلوا وعند التفكير تعمقوا:
قد تقرأون وأنتم بلا تركيز وتنتهوا من العمل سريعًا وتصابوا بالصدمة في النهاية لأنكم لم تتفهموا مغزى المؤلف أو المؤلفة، لذا لن تتمكنوا من الوصول إلى ما يعبر عنكم إلا وأنتم تقرأون بتركيز وراحة وتفكُر في المعاني والأوصاف، فتوحدوا مع القصة بكل شغفٍ هادئٍ.
٤- إن لم تشعروا بالحماس لا تضيعوا وقتكم:
إن حدث وفاجئكم الملل في أي عمل سواء كان كبيرًا أو صغيرًا لا تتجاهلوا هذا الشعور وتستكملوا القصة حتى لا تصابوا بما أسميه “انسداد شهية القراءة”، وابحثوا مرة أخرى ولن تندموا.
٥- راقبوا ما تأتي به الذاكرة أثناء القراءة:
وقت قراءة الروايات، قد يفاجئنا عقلنا بذكريات مضت سواء كانت مؤلمة أو مفرحة، خاصة عند قراءتنا لأحداث مشابهة، قد تكون هذه فرصة عظيمة لإعادة النظر في هذه الذكريات وإطلاق صراح ما يضيق صدوركم منها، إما عن طريق كتابتها وتحليلها أو عن طريق مسامحة أنفسكم لفظيًا عليها.
٦- إن صعب فهمكم لمراد الكاتب اقرأوا تحليلًا عن الرواية وعن إسلوبه، لتستعدوا إلى تجربتكم التالية معه فيما بعد.
وبالإضافة إلى الاستمتاع بالروايات والقصص وكل ما سبق، فهناك جانب استفادة راقيًا جدًا، ألا وهو رؤية عيوب النفس وتفاصيلها، فكثيرًا ما يلعب العمل الأدبي دور المرآة العاكسة لكل ما فينا، ويرتبط القارئ بالنص بقدر نقاء تلك الصورة التي رآها عن نفسه بكل ما فيها، فإن قال أحدهم لك أن هذه القصة غيرت شئ ما بداخلي، صدقه لأن الأدب قادر على تغيير الأشخاص والمجتمعات كذلك.
وأدركوا أن كل المؤلفين عانوا لوقت ما حتى ينقلوا كل هذه المشاعر في قصصهم التي أغلبها خبرات شخصية أثرت فيهم، وليس بالضرورة مشاعر الحب فقط ولكن كل أنواع الشعور، فهو أمر ليس بهيّن، فإن لم يلمس النص روحكم أنتم قد يلمس غيركم، فانتقدوا بلا إهانة.
ستجعلكم قراءة الأدب أكثر انفتاحًا على العالم، لأن بتعدد أنواع الأدب ستتعدد ثقافتكم وصوركم عن بلادٍ عديدةٍ، فعندما تقرأون الأدب الألماني ستتعرفون على عادات الشعب الألماني وكذلك تاريخه، والأمر نفسه في الأدب العربي والروسي وغيرهم، وتذكروا أن القراءة سفر من نوع خاص يزيدكم علمًا وإنسانيةً.
وفي النهاية يجب عليّ ذِكر أجمل ما في قراءة الأدب ألا وهو الخيال، ورسمنا لصور الأماكن والأحداث وكأننا تواجدنا هناك بالفعل، ومن لا يستطيع التخيّل تصعب عليه الحياة وتضيق، فمن ذا الذي يريد الضيق؟!
لذا اقرأوا الأدب، فالقراءة حياة يسهُل معها الواقع والخيال.