شبح شيبيتا المظلومة
يقال أن الظلم لا يأتي إلا بالمأساة، وأن من قُتل ظلمًا لن تهدأ روحه أبدًا حتى يحصل على عدالته، لذا لطالما كان الظلم أحد أبشع المصائر في انتظار البشر.
وهكذا وعلى غرار الحكايات القديمة، والتي اعتاد الناس قولتها وتكرارها بين بعضهم البعض حتى تبعث داخل قلوبهم رعبًا حول مصير الظلم، قيل أن في ولاية تكساس كلما تم اتهام امرأة ظلمًا بتهمة ما، يظهر شبح امرأة شاحبة بحبل حول رقبتها، تسير بلا هدف علي ضفاف نهر Nueces .
ربما إذا رأيتها خلال إحدى زياراتك الخيالية للولايات المتحدة لن تعرف لها هوية أو اسمًا، ولكن سكان تكساس يعرفونها جيدًا، ويطلقون عليها اسم شيبيتا.. شيبيتا رودريجز.
والدها رودريجز كان مكسيكيًا قاتل مع سام هيوستون في معارك استقلال تكساس، وكما كانت الحياة مع والدها كانت مع شيبيتا، قاسية.. حيث عاشت طوال حياتها في فقر مدقع، وحينما تزوجت ورسمت لنفسها حياة هادئة في كنف زوجها، هرب زوجها من المنزل وأخذ طفلها معه ولم تعرف له طريقًا بعدها، ولم ترى كذلك طفلها سوى بعد سنين حين حدثت مأساتها.
في منتصف القرن التاسع عشر، في محاولة لها كي تستطيع العيش في بيئة تكساس القاسية، جهزت شيبيتا كوخًا صغيرًا على طريق سفر بجوار نهر Nueces حيث تستطيع تقديم خدمة الطعام والمبيت للمسافرين.
وفي إحدى الأيام وصل للكوخ تاجر قطن يسمونه جون سافاج، وكان عائدًا من إحدى رحلات تجارته مع حوالي 600 دولار في حقيبة حصانه، ولكن للأسف لم يتمتع جون بخيرهم حيث تم قتله بفأس أثناء مبيته في كوخ شيبيتا، وبالتالي تم اتهام السيدة الفقرة بجريمة القتل.
يقول البعض أنها بالفعل كانت القاتلة، ويقول أخرون أنها كانت بريئة وأنه كان هناك رجل آخر معهم في الكوخ تلك الليلة، وكان ذلك الرجل هو خوان سيلفيرا ابن شيبيتا الضائع، وأن ذلك الفتى قتل الرجل وأخذ المال ثم ترك والدته لتواجه التهمة والعقاب بدلًا منه.
في النهاية بدأت محاكمتها وبرغم صراخها بأنها كانت بريئة وأنها لم تقتل الرجل إلا أنها كانت دائمًا ترفض الإفصاح عن هوية القاتل الحقيقي وترفض قول أي شيء قد يمكنه الدفاع عنها.. ربما حتى تحمي ابنها المذنب، فمشاعر الأمومة كانت دائمًا وأبدًا طاغية حتى في اللحظات الأخيرة.
وبالرغم أن الناس قد طلبوا الرحمة بالسيدة العجوز إلا أن القاضي قد قرر إعدامها شنقًا، حيث تم الحكم في يوم الثالث عشر من نوفمبر عام 1863، حينها لم يتم بناء مشنقة لها، فقط اكتفوا بشنقها على شجرة مسكيت بجوار النهر، ثم في النهاية دفنوا جثمانها أسفل الشجرة.
لم تعش الشجرة طويلًا، فبعد دفن شيبيتا ضربت صاعقة الشجرة، ثم أتى الطوفان ليخفي كل أثر لقبرها، وعلى مر الزمن مهما حاول الناس زرع شيء في المكان الذي اتفقوا على أنه مكان قبرها فشلوا.. فالحياة كانت تهرب من مكان موت شيبيتا.
كانت في الثلاث والستين من العمر يوم إعدامها، وقيل أن آخر كلمات خرجت من فمها كانت “no soy culpable” أي ” أنا لست مذنبة”.
ومنذ يوم موتها إلى الآن.. يقال أن شبح السيدة العجوز شيبيتا، يظهر بجوار النهر كلما تم اتهام امرأة ظلمًا ليخلد مأساة حياتها.