شركة كونغو غومي أكبر شركة مساهمة في العالم
قبل شهور قامت شركة توماس كوك السياحية بتسريح أكثر من 21 ألف موظف من جميع أنحاء العالم وتصفية أصولها، مما أنهى حقبة استمرت لنحو 178 عامًا، في الوقت الذي أغلقت الشركة أبوابها كانت تُحقق أكثر من 9.5 مليار جنية إسترليني كإيرادات سنوية، وتُحقق ربح قدره 163 مليون جنية إسترليني،
بالسنوات القليلة الماضية شهدنا فشل العديد من الشركات العملاقة بشكل مذهل، أمثال بنك ليمان براذرز، وساب للسيارات، وجنرال موتورز وغيرهم من رواد الصناعات الذين أعلنوا الإفلاس.
تستمر معظم الشركات أقل من عقدين، في دراسة حديثة انخفض متوسط عمر الشركة الأمريكية حوالي 50 عامًا بالقرن الماضي، من67 عامًا في عشرينات القرن العشرين، وهذه بعض أفضل الشركات في أمريكا، المدرجة في مؤشر إس و بي 500 لبورصة الأسهم الأمريكية، ومن المتوقع أن ينكمش متوسط العمر أكثر إلى 12 عامًا فقط بحلول عام 2027، وتتوقع الدراسة أنه بهذا المعدل ستختفي حوالي نصف شركات إس و بي 500.
يمكنا القول أن السوق الأمريكية في حالة تغير مستمرة، مع عمليات من الاندماج والإفلاس والاستحواذ والمضاربة، ولكن في أوروبا والشرق الأقصى فإن السوق أكثر استقرارًا، يوجد في جميع أنحاء العالم أكثر من 5.500 شركة يزيد عمرها عن مائتي عام، وتُهيمن اليابان على القائمة بأكثر من ثلاث آلاف شركة يزيد عمرها عن مائتي عام، وتاليها ألمانيا برصيد 837، ويليها هولندا برصيد 222، ويليها فرنسا برصيد 196 شركة،
هنالك 21 ألف شركة باليابان وحدها تجاوز عمرها المائة عام، ويبلغ عمر 8 شركات تجارية أكثر من ألف عام.
تاريخ شركة كونغو غرمي:
وتُعد شركة كونغو غرمي وهي شركة بناء متخصصة في بناء وترميم المعبد البوذي، وهي أطول شركة بالتاريخ المُسجل، مؤسسها هم “Shigemitsu Kongo” كان نجارًا ماهرًا، تمت دعوته من كوريا لبناء أول معبد بوذي باليابان في “Shitennoji”، وعندما وصل لليابان عام 578م كانت اليابان قد بدأت في اعتناق البوذية وكان الأمير شوتوكو يُشجع ذلك، ولكن اليابانين لم يكن لديهم أي خبرة في بناء المعابد، وتلك كانت فرصة كونغو.
ومن هنا أصبح ترميم وبناء المعابد التي دمرتها النيران والحرب هي المصدر الرئيس للإيرادات لكونغو غومي، وبدأت الشركة المشاركة في بناء العديد من المباني الشهيرة، منها مبني “Hōryū-ji” عام 607م ومبنى قلعة “Koyasan” عام 1583م، وطوال تاريخها الطويل تجاوزت الشركة الكثير من التهديدات السياسية والاجتماعية التي هددت تواجدها، ونجت الشركة من فترة ميجي التي دمرت فيها الحكومة اليابانية الكثير من المعابد، الفترة المستنيرة التي كانت تسعى للقضاء على البوذية باليابان.
الشركة خلال الحرب العالمية:
خلال الحرب العالمية الثانية، حدث تقليل لمواد البناء اللازمة لبناء المعابد والمحافظة على الهياكل المتواجدة، مما أجبر الشركة على صُنع التوابيت الخشبية بدلًا من ذلك، وبعد الحرب بدأت الشركة بترميم المعابد التي دمرتها الحرب، وفي أواخر القرن العشرين وبداية الألفية بدأت الشركة تعاني من انخفاض المال وزيادة المنافسة من الشركات الأخرى، وبعد أربعة عشر قرنًا وفي عام 2006م تم شراء الشركة من قبل شركة “Takamatsu” ولا تزال موجودة كشركة تابعة لها.
صمود الشركة حتى النهاية:
طول عمر الشركة رائع ويستحق الدراسة خلال فترة ميجي، فبغض النظر عن جودة الصناعة فقد ركزت الشركة على بناء علاقة قوية مع العملاء، بمبدأ استمع إلى ما يقوله العميل وعامل العملاء باحترام، فيعتقد البروفيسور ريتشارد فوستر بجامعة ييل أن الكثير من الشركات تفشل لأنها تضع الربح فوق كل شيء آخر، ولقد نجت العديد من الشركات اليابانية لفترة طويلة لأنها صغيرة، ومعظمها تديرها عائلة، ولأنها تركز على اعتقاد مركزي لا يرتبط فقط بتحقيق الربح.
سبب نجاح شركة كونغو:
ولكن لم تنجح الشركة هذه بسبب قيادتها فقد أظهرت الشركة هنا مرونة غير عادية، على عكس الشركات العائلية، فقد اعتمدت الشركة على الكفاءة وليس الوراثة في تولي الإدارة، مثلًا كان الابن الأكبر غير قادرًا على تحمل مسئولية الإدارة وآلت الإدارة للابن الأصغر، ومن هذا المنطلق كان الرئيس التاسع والثلاثون صهرًا، وانتحر الرئيس السابع والثلاثون بسبب عدم قدرته على القيادة وصعدت أرملته لتصبح المرأة الأولى والوحيدة التي تقود الشركة.
كانت الشركة غير كبيرة قبل تصفيتها كانت إيراداتها السنوية 7.5 مليار ين ياباني، وفي عام 2005م كان بها ما يصل من مائة موظف.
وفي كتاب للاقتصادي الإنجليزي إيرنست فريتز شوماخر “Small is Beautiful” الذي صدر عام 1973م قال أن الشركات الكبيرة غير فعالة وقال أن ما يميز الصناعة الحديثة هو استهلاكها الضخم لإنتاج القليل وهي غير فعالة، ومع ذلك يعتقد أنه من أجل الصالح العام للاقتصاد أن تموت الشركات بمجرد الصعود، وقال إذا توقف الاقتصاد عن التغيير فسوف تختفي الإنتاجية..!