شفرةٌ باكيةٌ
شفرةٌ باكيةٌ.. صريرُ أصواتٍ بداخل حجرةٍ صغيرةٍ مليئةٍ بالنّساءِ، يتهمسنَ من أجلها، ينظرن إلى بعضهن، يمشيّن إليها كمشية العنقاء التي فقدت وليدها، يأخذن من يديها عروستها، يلقين بها على حصيرة مغطاة بملاية بيضاء، تُحدِّثها نفسها ثَمَّة أمر غريب يحدث، تنظر إليهن في دهشة يكسوها الخوفُ، يخفق قلبها كعصفور ينتفض من البرد القارص لا مأوى له إلا الخوف.
تُنادي بعينيها إلى مَنْ تعتقد أنّها سَندٌ لها، فتراها مبتسمةً وكأنها تثأر لنفسها وترد ما حدث فيها، إنّه شيءٌ قديمٌ دفين في صدرها، لن تُجدي نظرات الشّفقة والاستغاثة لقد غرقت في بحر العادات السلبية، يُكبِّلن يديها وقدميها، ينقضين عليها كالفريسة في صحراء شاسعة دون رحمة، يجتثين قطعة جلدٍ من جسدها بآلة حادة تلمع شفرتها في ضوء أصبح ظلمة تسبح فيه كل معاني الانتهاك والدونية، ترى فيها أعين مَنْ سبقوها دامية لا أحد يشفقن عليهن.
تسيل الدماءُ المنتهكةُ ُللحياة، تتعالى صوت الصرخات، تتعالى صوت الزغاريد وكأن العفة تنعقد في هذه القطعة الجلدية المبتورة دون ذنب لجسد لا حول له ولا قوة، يقفن في جيش الموروث البالي، يرفعن راية عادات سلبية مجندين عقولهن للجهل، يرفضن الالتحاق بمعركة العلم، فالصيحات تتعالى داخل كل بيت ما بين فراق تُزهق فيه أرواحُ زهور بريئة تتفتح وبين حياة بلا حياء، تغرق عروستها في نهر الدماء ذارفة الدموع خلف الشفرات الحادة التي تنهش فيهن وما زالت الدماءُ تسيل وتُقَدَّمُ قربانًا لعقول الجهل.
قصة قصيرة
بقلم: هناء محمد