حدث بالفعل

شيطان الرسائل المشفرة

بقلم: أحمد ناصر

شيطان الرسائل المشفرة
(أنا أحب قتل الناس لأن ذلك شيء ممتع، بل إنه أكثر إمتاعًا من صيد الحيوانات البرية في الغابة..
أنا لم أغادر سان فرانسيسكو ولن أغادرها أبدًا، سأبقى هنا معكم وأفضل ما في الأمر أنني حين أموت سوف ترفع روحي للجنة، وكل من قتلتهم سيصبحون عبيد لي ومخلصين لجلالتي في الحياة الأخرى.. أنا الزودياك).

في البداية القصة دي حقيقية ومرعبة.. فاستعدوا لوقت ممتع جدًا جدًا وحاولوا تنشروا القصة دي في كل مكان..

قصتنا النهاردة بتبدأ في أحد الأيام، بالتحديد في ولايه سان فرانسيسكوا.. كان يوم هادي وجميل
وفي طريق من الطرق الريفية كان في سيارة مركونة وجواها شاب وفتاة بيتكلموا طبيعي جدًا.. لحد ما ظهر قدامهم واحد فجأة، وبدأ يتحرك ناحيتهم بهدوء
لحد ما وصل قدام باب السيارة.. وبكل برود أعصاب ومن غير ما يتكلم، خرج مسدس وبدأ يطلق الرصاص باتجاه رأسهم أكتر من مرة..

ووقف في مكانه لمدة 3 دقايق يتفرج على الضحايا وهما بيطلعوا في الروح وبيتعذبوا من شدة الألم، ولما اتأكد إنهم ماتوا، اتحرك ومشي بكل هدوء.

طبعًا أنت من أول جزء في المقال هتفتكر إن ده مشهد من فيلم رعب مثلًا..
لكن أحب أقولك إن الأسوأ لسه جاي في الطريق..
بعد مرور 24 ساعة على مرور الجريمة وبعد ما اتحركت الشرطة وفريق البحث الجنائي لموقع الجريمة.. الشرطة استقبلت مكالمة من شخص مجهول بيعترف إن هو القاتل، وعلشان يأكد لهم إن هو القاتل فعلًا بدأ يوصفلهم تفاصيل دقيقة جدًا عن الجريمة.. زي نوع السلاح المستخدم في تنفيذ الجريمة، ومكان دخول الرصاصة ومكان خروجها من الجثة، ونوع الملابس بتاعت الضحايا.

وفعلًا الشرطة اتأكدت إن الشخص المتصل هو القاتل
وفي نفس توقيت الاتصال الغريب ده، في 3 صحف وصل لهم رسالة خطية من هذه القاتل المجهول
وبرضو في الرسالة دي بيحكي ليهم تفاصيل دقيقة عن الجريمة، وأنهى الرسالة دي ب8 أسطر من الرموز الغريبة والمشفرة والغير مفهومة!
وبيقولهم بمنتهى البساطة إنهم لو عايزين يكشفوا هويته الحقيقية عليهم أولًا أن يقوموا بحل الأسطر المشفرة، وبيطلب منهم إنهم ينشروا الرسالة بتاعته في صحيفتهم، ولو رفضوا ذلك في نهاية الأسبوع هيكون قتل 100 شخص من سكان المدينة..
وفي النهاية بيوقع رسالته بشعار القنص في البنادق اللي بيستخدم في تحديد الهدف!

شرطة سان فرانسيسكوا خدت الموضوع كتحدي بينها وبين القاتل وقرروا إنهم لازم يقبضوا عليه في أسرع وقت؛ لأن الصحف التلاتة نشرت رسالة القاتل والموضوع انتشر جدًا.. وعلشان حالة الرعب اللي انتشرت في المدينة.. وبعد محاولات كتيرة لفك السطور المشفرة قدروا يوصلوا إن اسم القاتل ده هو (الزودياك)!
وباقي الرسالة بيوصف فيها سعادته وفرحته عندما يقوم بقتل الناس وتعذيبهم حتى الموت!
وفي آخر الرسالة بيقول إن هو مستعد لقتل المزيد والمزيد بدون أي تردد.

وفي ظل ما الشرطة والمحققين مشغولين في البحث عن طرف الخيط، كان الزودياك مستعد لتنفيذ وعده وهو قتل المزيد والمزيد من الناس، لكن هذه المرة أوقف سيارة يقودها شابين صغيري السن، وبدأ يتكلم معاهم لفترة بهزار وبيوجه ليهم اللوم لوجودهم في هذا المكان وفي هذه الساعة من الليل، وفي وسط جو الهزار والضحك من الزودياك، قال للشابين بكل برود: “أنا سوف أقتلكم بعد دقيقة من الآن”، وبدأ ينظر لساعة يده!

طبعًا الشابين افتكروا إن هو بيهزر، لكن فعلًا بعد مرور دقيقة خرج سكينة وبدأ في دبحهم من منطقة الرقبة، ولم ينصرف هذا القاتل المجهول حتى تأكد من أنهم فارقوا الحياة..
وترك نفس التوقيع والعلامة المميزة وتاريخ الجريمة على باب السيارة مكتوبة بدماء الضحايا..
وكالعادة اتصل بالشرطة واعترف بكل اللي عمله ووصف ليهم أدق التفاصيل وبعدها قفل الخط بكل هدوء.

من بعد الجريمة دي بدأ الخوف ينتشر بين سكان المدينة بشكل غريب، لدرجة إن بمجرد غياب الشمس الشوارع بتبقى خالية تمامًا زي ما تكون مدينة أشباح!
أما الشرطة والمحققين بقى عندهم حالة من الجنون والعجز التام؛ بسبب عجزهم عن إيجاد أي دليل قوي عن القاتل.. ولا بصمات ولا شهود ولا أي دليل ممكن يوصلهم للزودياك!

مكنش فيه معاهم غير الرسائل المشفرة اللي كان بيبعتها الزودياك، والمكالمات الهاتفية.. وفي الستينات مكنش لسه في تطور في التكنولوجيا زي دلوقتي
علشان كده مقدروش يوصلوا ليه من خلال المكالمات أو اتباع أثره أو حتى كشف هوية المتصل من خلال بصمة الصوت.. مكنش لسه في أي من الأساليب المتطورة اللي موجودة حاليًا.

الشرطة تقريبًا استخدمت جميع قواتها وجميع المحققين وجميع الإمكانيات.. ده غير إنها اهتمت بالقضية دي بشكل غريب والموضوع ده كان أول مرة يحصل في تاريخها..
والموضوع بقا مرعب أكتر لما تلقت الصحف التلاتة رسالة تانية من القاتل المجهول.. كان بيوصف فيها كامل استعداده للقيام بتفجير أحد الباصات المدرسية المليئة بالأطفال الصغار..

وكمان كتب لهم أدق التفاصيل عن العملية زي (نوع وحجم القنبلة اللي هيستخدمها).. وهدد الصحف دي وأجبرهم إنهم ينشروا الرسالة في صحيفتهم.. وفي حالة الرفض هددهم بفعل الأسوأ.
وبسبب التهديد ده أغلقت جميع مدارس سان فرانسيسكو.. وانتشر في كل مكان الرعب والخوف من الشيطان صاحب الرسائل المشفرة! واسم (الزودياك) بقا على كل لسان، وفي نشرات الأخبار، وفي البرامج، وفي الصحف والمجلات العالمية.

الأمر حرفيًا كان خارج عن السيطرة، وعلشان كده اتشكلت لجنة خاصة من المخابرات الأمريكية (cia) والمباحث الفيدرالية (fbi) وجهاز شرطة سان فرانسيسكو، كل ده تعاون لكشف هوية الزودياك.

ومعلومة ليك أنت.. كل الجهات الأمنية دي مستحيل تتدخل في قضايا القتل أبدًا، لكن تدخلوا لأن ده مش قاتل، ده شيطان! وبقى راجل واحد بس اللي هو (الزودياك) أمام دولة بكاملها.

وبعد كل ده معرفوش برضو هوية الشخص ده
واستمرت الجرايم زي ما هي لحد ما وصل عددها ل (47) جريمة قتل بشعة، واستمرت مكالمات القاتل واستمرت الشرطة في تلقي رسايل اعتراف الزودياك..
استمر الحال كما هو عليه لمدة 4 سنين.. أنت متخيل الرقم 4 سنين!

واستمر الشيطان في ارتكاب جرائمه، وكان بيختفي وقت ما يحب ويظهر تاني وقت ما يحب..
لحد ما جي اليوم اللي اتقتلت فيه البنت (تشيري) اللي عندها 28 سنة.. تشيري بيست خرجت في يوم من المكتبة وركبت عربيتها علشان تروح للبيت، لكن عربيتها اتعطلت في نص الطريق.. حاولت أكتر من مرة إنها تصلح العطل ده وفشلت..

بس شوية وبدأ راجل يقرب منها، ولما وصل عندها طلب منها إن هو يوصلها بعربيته، وطبعًا هيا وافقت لأنها تقريبًا مكنش فيه قدامها حل تاني.. ومكنتش تعرف إن الزودياك بيسوق بيها لطريق الموت..

وبعد ساعات قليلة لقت الشرطة جثة البنت.. ورغم إن رجال الشرطة متعودين على منظر الجثث، لكن محدش منهم قدر يوقف نفسه من نوبة الغثيان اللي أصابة واحد واحد منهم لما شافوا جثة البنت تشيري..

هوصفلكم الجثة (كانت مدبوحة ومقطعة بشكل مرعب.. وأعضائها الداخلية مرمية في الأرض).
وزي كل مرة وصل للشرطة رسالة مكتوبة بخط الإيد من القاتل تحتوي على شرح مفصل للجريمة ومدى استمتاعه بكل لحظة فيها، وكان بيقول في هذه الرسالة (لقد كانت جميلة وصغيرة لكنها الآن ميتة، وهي لن تكون الأخيرة، وبينما تقرأون هذه الكلمة سوف أكون منشغلًا باختيار الضحية القادمة والتي سوف يكون مصيرها أسوأ مما سبق.. فأرجوكم لا تجعلوا الأمر سهل عليّ.. حذروا الجميع مني، وانشروا هذا الخطاب على الملأ ليقدروا ما سيواجهونه).

لكن المفاجئة اللي مستحيل كان يتوقعها الزودياك هيا إن هناك أحد الأشخاص شافه وهو بيطلب من الضحية أن تركب معه في سيارته، وكمان استطاع أن هو يوصف لفريق المحققين شكل وملامح الزودياك..
وده اللي ساعدهم في رسم صورة للزودياك من خلال وصف الشخص..
وبفضل هذه الصورة الافتراضية، الشرطة اشتبهت في 2500 شخص ليهم نفس ملامح الزودياك.. منهم 320 كان مشتبه فيهم بطريقة مباشرة، لكن بعد فترة من التحقيقات خرجوا من السجن كلهم بسبب عدم تطابق الحمض النووي بتاعهم مع الحمض النووي اللي وجد بين أضافر تشيري والعائد مما شك فيه للقاتل..

وللأسف عادت التحقيقات مرة تانية لنقطة البداية.. بعد سلسلة من الجرايم استمرت لسنين، أنهكت الحكومة والمحققين وفقدوا الأمل في التعرف على شيطان الرسائل..
في الوقت ده الزودياك قرر يعمل تحدي خطير.. تحدي مستحيل يخطر على شخص عاقل!
الزودياك قرر إن هو يتحدث أمام العالم كله من خلال برنامج تلفزيوني، وباتصال هاتفي مباشر.

حب يلعب فيه مع المحققين ويرجع التحقيقات لنقطة البداية ويزيد من غموض القضية، وهدد فيها الشرطة وقال إنهم مستحيل يقدروا يعرفوا هويته الحقيقية..
لدرجة إن انتشر بين الناس إن الزودياك شبح أو شيطان مش إنسان!
والغريب إن الزودياك استمر في إرسال الرسائل إلى قسم الشرطة.. بيعرفهم فيها هو عايز يعمل أي في المستقبل وبيحكي ليهم عن جرائمة القادمة..

وكان في بداية كل سنة جديدة بيبعت رسالة للشرطة وللصحف إنه لسه على قيد الحياة، وبيطلب منهم إنهم ميبذلوش جهد كبير لأنهم مستحيل ينقذوا الناس من مخالبه.
وبعد شهر واحد من عطلة نهاية العام سنه 1978 عاد الشيطان لارتكاب الجرايم.. ولكن دي هتكون آخر جريمة قتل في قصتنا النهاردة.. لما أطلق الرصاص على ظابط المرور (ريتشارد) لأنه حاول يوقفه لإعطائه مخالفة مرور، ومكنش يعرف ساعتها إن ده الزودياك.

بعد الجريمة دي الكل زهق من كتر الجرايم اللي بقت زي الكابوس بالنسبة لجميع السكان.. والكل بقا مستني الضحية الثانية، ولكن تلك الضحية لم تأتي أبدًا.. وعدى شهور وشهور وشهور ومفيش أي جديد حصل!

السؤال بقا اللي أكيد كلكم عايزين تعرفوه دلوقتي..
هل تم القبض على الزودياك؟!
الإجابة.. لا لم يتم القبض عليه نهائيًا لحد يومنا هذا!
ورغم إن الشرطة والسلطات عملت جهود خارقة علشان تعرف مين هو الزودياك.. لدرجة إنهم قاموا بتحليل نوع الورق والحبر بتاع الرسايل..
وطوال ال60 سنة من بداية قيام الزودياك بجرائمه، ظهرت مئات الكتب اللي اختصت بتحليل شخصية الزودياك.. ومنها:
1_zoDiac، اللي صدر سنه 1986
وأيضًا كتاب
2_the most dangerous animal of all
عام 2014
وكتاب
3_the zoDiac killer
عام 2010
وغيرهم كتير اللي حاولوا تفسير سبب جرايم القاتل المجهول.. مش كده بس ده اتصور العديد من الأفلام الوثائقية والأفلام السينمائية عن قصتنا النهارده منها:
1_zøDiac، سنه 2005
واللي خلى الفيلم ده ممتع أكتر إن مخرج الفيلم ده (ديفيد) من مواليد سان فرانسيسكو وعاش فترة الزودياك في طفولته.. وشاف بعينه حالة الرعب والهلع اللي كانت بين الناس في ذلك الوقت.
والفيلم حلو جدًا.. أنصحكم تشوفوه.

وفي أبريل سنه 2017 قامت سلطات سان فرانسيسكو بإغلاق قضية الزودياك رسميًا ونهائيًا
بدون القبض عليه أو حتى معرفه هويته.

علشان قصتنا النهارده تبقى أغرب قضية بوليسية في تاريخ أمريكا أو العالم كله.. وأكيد في كتير منكم بيسأل برضو ليه ارتكب القاتل كل هذه الجرائم بكل وحشية؟
الإجابة مش هتكون مني أنا المرة دي.. الإجابة هتكون من الزودياك نفسه في آخر رسالة بعتها للشرطة وهيا..
(أنا أحب قتل الناس لأن ذلك شيء ممتع، بل إنه أكثر إمتاعًا من صيد الحيوانات البرية في الغابة..
أنا لم أغادر سان فرانسيسكو ولن أغادرها أبدًا، سأبقى هنا معكم، وأفضل ما في الأمر أنني حين أموت سوف ترفع روحي للجنة وكل من قتلتهم سيصبحون عبيد لي ومخلصين لجلالتي في الحياة الأخرى.. أنا الزودياك).

الزودياك كان بيرتكب كل هذه الجرائم علشان يبقى ليه عبيد في الجنة.. كان فاكر إنه لما يقتلهم هيخليهم عبيد عنده في الحياة الأخرى..
ولحد دلوقتي محدش يعرف هل الزودياك عايش ولا ميت.. ولحد دلوقتي محدش يعرف هل الزودياك إنسان ولا شيطان؟!

زر الذهاب إلى الأعلى