نفسانى

ضحايا الاغتصاب.. لماذا دائمًا ذاكرتهم مشوشة وغير كاملة عن حادثة اغتصابهم؟!

ضحايا الاغتصاب.. لماذا دائمًا ذاكرتهم مشوشة وغير كاملة عن حادثة اغتصابهم؟!

غريزة البقاء هي كل ما يتحكم في ضحايا الاغتصاب

ضابط في مداهمة لموقع إجرامي، يمسك بقوة ببندقيته ويضع عينه في آداة النشان. حواسه كلها مركز على شيء واحد. كيف يكتشف مكان المجرمين ويطلق عليهم الرصاص قبل أن يردوه هم قتيلًا.

كل حواسه يسيطر عليها الغريزة الأقوى بين الغرائز غريزة البقاء.. لذلك هو لن يتذكر إن كان المجرم الذي قابله في أول دخوله له شارب أم حليق. وبالطبع لن يتذكر لو جدران الشقة، ولن يتذكر أي مجرم قابل أولًا، ولا المكان الذي أطلق فيه أول رصاصة. لأن كل مجهودة العقلي موجه ناحية شيء واحد.. النجاة.

ضحايا الاغتصاب أيضًا كل ما يركزون عليه هو النجاة.. كيف تهرب من هذا الوحش الذي يحاول أن يهتك حرمتها.

لذلك إن سألتها عما تذكره في الحادثة ستجد ذاركتها مشوشة تمامًا وربما غير مترابطة وربما في بعض الأحيان تتداخل معها بعض الهلاوس التي كتبت على ذاكرتها بفعل الضغط الشديد على خلايا عقلها بسبب الخوف المروع الذي يسيطر حليها في تلك اللحظة.

الفص الجبهي وإدراك الواقع المحيط.. ضحايا الاغتصاب

دعونا ننظر في قشرة الفص الجبهي. هذا الجزء من دماغنا مسؤول عن “الوظائف التنفيذية” ، بما في ذلك تركيز الانتباه حيث نختار ، وعمليات التفكير العقلاني وتثبيط النبضات العصبية الغير مبررة. أنت تستخدم قشرة الفص الجبهي الآن لقراءة هذه المقالة واستيعاب ما كتبناه ، بدلاً من التشتت بسبب الأفكار الأخرى في رأسك أو الأشياء التي تدور حولك.

ولكن في حالات الإجهاد الشديد أو الخوف أو الرعب مثل القتال والاعتداء الجنسي ، تتأثر قشرة الفص الجبهي – وأحيانًا يتم إغلاقها بشكل فعال – من خلال زيادة المواد الكيميائية التي تسبب الإجهاد والتي تنطلق مباشرة من منطقة الأميجدلا وهي المنطقة المسؤولة عن ردات الفعل العنيفة.

ربما كان لدى معظمنا تجربة مواجهة مفاجئة لحالة طوارئ ، حالة تتطلب نوعًا من التفكير الواضح ، وتجد ذلك بالضبط عندما نحتاج إلى دماغنا للعمل في أفضل حالاته ، يبدو أنه تعثر وغير مستجيب. عندما يكون المركز التنفيذي لعقلنا غير متصل بالإنترنت ، فإننا أقل قدرة على التحكم عمداً بما ننتبه إليه ، وأقل قدرة على فهم ما نعيشه ، وبالتالي أقل قدرة على تذكر تجربتنا بطريقة منظمة.

كل ما تستطيع فعله تلك المسكينةمن ضحايا الاغتصاب في هذه اللحظة هي ضخ أكبر قدر من الدم في عضلاتها حتى تصبح قوية كفاية لمقاومة هذا المجرم.. ثم الهرب بأقصى سرعتها.

لوزة الدماغ تمسك بزمام الأمور ل ضحايا الاغتصاب

عند الخوف الشديد تمسك بذمام الأمور الأميجدلا، وتنزع القيادة من الفص الجبهي، لذلك لا تتذكر الضحية سوى ذكريات مشوشة عن الأشياء التي تصرف الأميجدلا الإنتباه إليها وهي أعنف طريق للتخلص من هذا المجرم. لذلك فهي ربما تتذكر شيئًا رأته كانت تظنه سيساعدها كسلاح لصد هذا المجرم، أو تتذكر لحظة ركلته في منطقة حساسة فأبعدته عنها.. ستتذكر فقط الأشياء التي تلفت إنتباه الإميجدلا أو لوزة الدماغ أو مقر العنف في المخ.

ربما يستطيع الضخايا تذكر ما حدث لهم مباشرة قبل الحادثة بتفصيل دقيق جدًا وتذكر ما حدث بعد الحادثة أيضًا لكن الحادثة نفسها تكون مشوشة بشكل كبير ولا يمكن تذكر سوى ذكريات متقطعة وغير مترابطة.

لكن تلك الذكريات المتقطعة غالبًا ما تطبع بشكل قوي على تحت المهاد، بحيث أنها تتحول فيما بعد لذكريات مفزعة ربما تؤدي لدخول الضحية في حالات هلع عندما تطفو تلك الذكريات فجأة على السطح.

إقرأ أيضًا

مطهر الحرب الباردة لديه القدرة على مكافحة الجراثيم والفيروسات المقاومة للأدوية

مصدر

المصدر
Time

سمير أبوزيد

باحث ومهندس في مجال النانو تكنولوجي بمدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا، وله عدة أبحاث علمية منشورة. ألف ثلاثة روايات " صندوق أرخيف" و " الرفاعي الأخير" و " عز الدين"، كما كتب للعديد من المجلات وله ما يزيد عن الثلاثمائة مقال.
زر الذهاب إلى الأعلى