دور الفنون فى انتشار ظاهرة التحرش الجنسي وتأثير وسائل التواصل على انتشار الظاهرة
كتبت/ أسماء ابراهيم
لا تزال ردود الفعل من خلال مواقع التواصل الاجتماعي في الدول العربية مستمرة بشأن قضية التحرش الجنسي في مصر، إلا أن النقاش حولها اتسع ليشمل أبعاداً: قضية التصوير الدرامي والسينمائي لهذه الظاهرة، والنقاش حول دور هذه الوسائل ومحترفيها في تطبيع التحرش ‘أو عدمه’.
“تطبيع” التحرش الجنسي
“التطبيع” هو تقنية قديمة وموثوق بها: تعرض الناس لشيء ما مرارا وتكرارا.
سوف يفاجأون في البداية ، لكنهم سيعتادون عليه مع مرور الوقت حتى يصلوا إلى مرحلة عدم اِلتيْه في المقام الأول ، وهذا يندرج من أولويات العقل في التركيز والاستيعاب.
بعض مشاهد التحرش في الأفلام والمسرحيات تحولت إلى ” خطط فكاهية خفيفة الظل ” ، لدرجة أنها ترتبط في أذهان الكثيرين مع الكوميديا أكثر من التحرش.
وبدا أن مبدعي هذه الأعمال قد بنوا أنفسهم لمضايقة الأسوار المدعومة من قبل “الفن” و”الفكاهة “خفة الظلال” التي تحميهم من الإدانة والتجريم، بالطبع في سياق الأعمال الفنية، وبعيداً عن حقيقة أنهم يدينون التحرش الجنسي بخصائصهم الشخصية.
لكن هذه “الفكاهة” يقلدها الكثير من الناس على الأرض، ويصبح كابوساً تصفه المدونة المصرية أمنية إبراهيم “نقف شاعرات بالانهزام أمام ضرباتها كساذجات، حتى مع نظراتنا المستهجنة لتصرفات هؤلاء الشباب، أو تعليق بسيط كـ “احترم نفسك” حتى لا نشتبك معهم في أرض ليست لنا وفي معركة خاسرة سلفا، نخرج منها بشعور من الانكسار والحسرة”.
وتضيف أمنية: “الممثلون وكتاب السيناريو زودوا الشباب بالذخيرة من الردود المناسبة لحالات الاحتكاك المختلفة مع النساء، لذلك نسمع عبارات مسيئة مثل”شوف لابسه ايه الأول ” أو “حد جيه جنبك ولا إنتِ عايزة تتعاكسي”، أو “شوفي نفسك الأول دا منظر يتعاكس”.
هذه القضية، للوهلة الأولى على ما يبدو، تخضع للعديد من الخلافات والمبررات والتفسيرات التي لم تغب على الساحة، على الرغم من غفلتها. وقد أحيا ذلك خطاب الممثل المصري الشاب أسر ياسين، في مقطع فيديو نشر على مواقع التواصل الاجتماعي، عن تمثيل أعمال درامية واسينية من المضايقات كما لو كانت شيئا عاديا ومقبولا.
مسؤولية “المؤثرين”
المؤثرون ليسوا بالضرورة الموضة والسفر والجمال وكمال الأجسام. على العكس من ذلك، كل شخص له تأثير على مجموعة من “المتابعين”.
خارج سياق التمثيل، الذي لا يرتبط بالواقع”، وعلى الرغم من أن “أي تشابه في الأسماء والأحداث ليس سوى صدفة”، فإن الكتاب والممثلين على وجه الخصوص لهم تأثير واسع على عقل وروح تلاميذهم.
وتتجاوز متابعة الفنان والتأثر به حدود شاشات السينما والتلفزيون.
ومع وجود هذه الشخصيات على الشبكات الاجتماعية، يزداد تأثيرها وتصبح مسؤوليتها في ما تنشره وما تروج له شخصية ومباشرة.
وفي سياق الجدل نفسه، تم استخدام اسم الكاتب المصري المعروف “أشرف خميسي” هاشتاج على الشبكات الاجتماعية، مرتبطة بالمضايقات.
وكان ذلك بعد منشور على فيسبوك، قام فيه بتناول موضوع التحرش الجنسي من وجهة نظره “الصعيدي”، كما قال، والتي أثارت غيرة عدد من “الصعايده” الذين تبرأوا من رأيه.
بعد الهجوم الشديد عليه، الذي أصبح حملة لمقاطعة عمله و”التنصل” من موقفه، مثل مكتبة “أنتيكا” ، أصدر خميسي اعتذارا، ليس لما كتبه ولكن لعدم تقديم الأدلة التى وصفها بـ ” المقنعة ” للدراسات العلمية التي تؤكد وجهة نظره.
وأعاد ما كتب مضيفا “سندا” من نظريات “سيغموند فرويد” للتحليل النفسي.
لكن الجانب الآخر من صورة الهجوم على “تبرير خميسي للمضايقات” تم نشره ودعمه واقتبسه ما كتبه، من قبل الكثيرين الذين قرأوا له وقالوا إن كتاباته “ساعدت على نحت أفكارهم واتجاهاتهم”.
إبداع الفن
عند التفكير في هذا السؤال ومحاولة فهم أسباب الرأيين واختلافهما، يجب على المرء أن يطرح أهم الأسئلة: هل للفن دور في إعطاء ” دروس” حول ما هو مسموح به وما هو محظور أو تقديم أدلة على السلوك “الصحيح”؟ أم أنها مرآة للواقع لا تعكس سوى صورة ما هو جيد وسيء في المجتمع؟
هل هي مسؤولية المشاهدين الجانحين أن يقلدوا ما يحدث في هذه الأعمال لمبدعيهم؟
كما أنه يثير مسألة الرسالة الفنية “مباشرة وصريحة”، نظراً للتباينات مستويات مختلفة من الفهم والتفكير لدى المستقبلين
هل ينبغي أن تكون رسالة مفهومة لكل متلقي بساطتها؟ أم أنه يحافظ على أسلوبه “المركب”، في كثير من الأحيان، مهما كان حجم المستقبلين ؟
والأجوبة على هذه الأسئلة ليست قاطعة بأي حال من الأحوال، لأن السؤال هنا يختلف عن وجهات النظر والآراء المختلفة.
اقرأ أيضاً
عن رأفت الميهي والسيريالية المصرية