سينما

مالا تعرفه عن سكايلر وايت في فيلم Breaking bad

انما للشر حدود
بقلم عبد الرحمن جاويش: عن سكايلر وايت.. إنما للشر حدود

صعب جدًا تكون أكتر شخص مكروه في مسلسل زي Breaking bad؛ مسلسل كله تُجَّار مخدرات وقتلة وعصابات ومحتالين؛ شخصيات عندك مليون سبب عشان تكرههم.. بس المستحيل إنك تكون أكتر شخصية شريرة في نظر المشاهدين وأنت معملتش ولا حاجة من دي!

كلامنا عن مدام “سكايلر وايت”؛ أو الـBitch كما يلقبها الجميع.

 

(تحذير بحرق بعض أحداث المسلسل، ولو لسه ماتفرجتش على Breaking bad أجل كل حاجة في حياتك وروح اتفرج.)

حكاية “سكايلر” وايت بتبدأ في أحداث المسلسل وهي مجرد زوجة عادية، مشكلتها في ابنها “والتر جونيور” المُعاق، وإنها حامل من زوجها “والتر” المدرس البسيط المريض بالسرطان.. وفي الوقت ده الممثلة الكبيرة (آنا جان) بتوصل للمشاهدين إحساس إن “سكايلر” هتعيش وتموت وهي أسيرة ظروفها دي.. كل حاجة بتتغير.

 

مع الوقت “سكايلر” بتعرف إن جوزها متورط في عصابة لتجارة المخدرات، وإنه أهم تاجر لمخدر الميث، وخلق لنفسه هوية “هايزنبرج”.. بتحاول تاخد حقها بالطلاق، بس مع الوقت بتألف الوضع وبتساعده في عملية غسيل أموال لفلوس المخدرات.

بعد كده بتقوم “سكايلر” بثورة على كل حاجة في حياتها، وبتقرر تخون “والتر”، وبتقرر نهائيًا تاني إنها تبعد أولادها “والتر جونيور” و”هولي” عن أبوهم، وتدمر “والتر” تمامًا، وفي آخر مشهد بيجمعهم بترفض اعتذاره.

 

أهم مفتاح في بناء شخصية “سكايلر” وكافة تحولاتها وتطوراتها؛ هو “متلازمة ستوكهولم”؛ وهي ببساطة ظاهرة نفسية بتصيب الفرد لما بيتعرض لأذى معين لفترة طويلة.. فبيبدأ يتعاطف ويتعاون مع الشخص اللي سبب له الأذى ده.. زي كتير من عمليات الخطف اللي الرهينة بتتعاون فيها مع الخاطف ضد الشرطة.. ودي المتلازمة اللي قامت عليها فكرة “الجميلة والوحش”.

 

سر نجاح المسلسل -بالنسبة لي- إنه نجح يوصلنا إحنا كمشاهدين لمتلازمة “ستوكهولم”.. وفعلًا كلنا بلا استثناء حصل لنا ارتباك في منتصف الأحداث، وبدأنا نشرّع اللي بيعمله “والتر وايت” ونحبه كمان.

 

كل المشاهدين كانوا بيفكروا مع “والتر” في حلول لمشاكله، ويتضايقوا من “هانك” لما يقرب من شخصية “هايزنبرج”.. ده غير غضبنا من ثورة “سكايلر” الأخيرة على جوزها ورغبتها في الطلاق، وخلقنا كل المبررات اللي تخلينا نتعاطف مع “والتر” في حين إنه أصبح شرير وقاتل من الدرجة الأولى.. ومحاولناش نخلق مبرر واحد لسكايلر!

 

الـBackstory لشخصية “سكايلر وايت” كان مقصود إنه يكون طبيعية وفي ظروف أقل من العادية.. هي مجرد بنت درست محاسبة، وكانت بتشتغل في مطعم، وهناك قابلت “والتر” والأمور مشيت بينهم بسهولة واتجوزوا.. واشتغلت محاسبة في شركة.. كل دي عوامل لا تقود لأي شر من أي نوع، وغير مبشرة بشخصية جذابة للمشاهدين، وده فعلًا اللي حصل مع “سكايلر” اللي عملت زي أي حد –طبيعي- مكانها ما كان هيعمل.

 

“سكايلر” أخلاقيًا مش عظيمة؛ هي ممكن تكون متسلطة شوية، منافقة، خبيثة.. بس دي كلها آليات دفاع ضد الوضع التقليدي جدًا اللي هي فيه، مش شريرة درجة أولى.. بس مش مميزة كذلك؛ مش عبقرية زي “والتر”، ولا مشوشة زي “جيسي” ولا قاسية زي “جاس”، ولا شريفة زي “هانك”.. ولا حتى دمها خفيف زي “ماري”.. هي مجرد شخص عادي بيعكس كل التصرفات غير العادية في كل اللي حواليه.

 

دوافع “سكايلر” في كل اللي عملته بيبدأ من لحظة ما عرفت حقيقة جوزها في المشهد المشهور بجملة: I am the one who knocks.

من وقتها وهي اعتبرت نفسها أرملة ، وإنها حاليًا في “صفقة” مع شخص جديد تمامًا عليها اسمه “هايزنبرج”.. صفقة بتضمن مستقبل عظيم ليها ولأولادها.. ومن هنا بتقترح موضوع غسيل الأموال.. وبعد فترة بتفهم التتحوُّل اللي حصل في شخصيتها فبترفض إنها تفضل متزوجة من شخص هي ماتعرفوش.. وده كان أحد أهم الدوافع النفسية إنها تعمل علاقة مع مديرها “تيد”.. هي بس بتثبت بينها وبين نفسها إنها مابقتش متجوزة.

 

“سكايلر” ماتحاكمتش من المشاهدين بنفس المعايير اللي حاكمنا بيها “والتر”.. والتر اللي كان سبب في وفاة وأذية ناس كتير، بحجة في البداية إنه “أب خايف على مستقبل أولاده”، أو بحجته في منتصف الأحداث إنه أخيرًا لقى مجال هو متميز فيه.

 

“سكايلر” كمان أم، وحقها تخاف على أولادها بالشكل اللي هي تحبه، وحقها ترفض الإكراه على عيشة معينة هي ماختارتش فيها أي حاجة.. بس نفسية المشاهد بتميل دايمًا للبطل، كلنا بنحب الـ”مُستضعَفين”.

 

“سكايلر” مش شخص مثالي، بس إحنا كنا أشرار في تقييم شرها.

يمكنكم مشاهدة المقالات السابقة من هنا 

عبدالرحمن جاويش

كاتب وروائي شاب من مواليد محافظة الشرقية سنة 1995.. تخرج من كلية الهندسة (قسم الهندسة المدنية)..صدر له عدة رويات منها (النبض صفر،) كتب في بعض الجرائد والمواقع المحلية، وكتب أفكار العديد من الفيديوهات الساخرة على مواقع التواصل الاجتماعي.. كما دوَّن العديد من قصص الديستوبيا على صفحته الشخصية على موقع facebook وحازت على الكثير من الإشادات من القراء والكُتَّاب كذلك..
زر الذهاب إلى الأعلى