سينما

عن مايك.. الموظف المثالي

بقلم: عبدالرحمن جاويش

عن مايك.. الموظف المثالي

للأمانة المقال ده كان عن شخصية درامية مختلفة تمامًا..

لكن وسط التساؤلات المختلفة عن الخير والشر، والصح والغلط.. ومعضلة “كتابة الشخصية الرمادية” اللي بتجمع بين الاتنين بنسب متفاوتة حسب بيئة الشخصية ودوافعها، المعضلة اللي بتؤرقني بشكل شخصي كواحد “غاوي يكتب”.. بتظهر لي شخصية “مايكل إيرمنتروت” من مسلسل Breaking bad، وهو قاعد قدامي في منتهى الارتياح، وماسك في إيده مسدس، وبيقول لي “كلمهم عن الشرير الموظف”.

حكاية مايك هي مجرد حكاية “اختلال ضال” أخرى زي “والتر وايت” بالظبط..

(ملحوظة من الكاتب: ملامح الشخصية مأخوذة عن مزيج بين Breaking bad، وBetter call saul)

مايك اللي بدأ حياته كجندي في القوات البحرية الأمريكية، وكمَّلها كشرطي غير فاسد لكنه مجبر على التعامل ومسايرة الفساد، مش أفضل حياة في العالم لكنها هادئة.. لكن كل ده انهار لما ابنه اتقتل بسبب فساد الشرطة، ومايك أدمن الكحول، وبعد فترة قرر يستخدم كل خبراته وذكائه لخدمة عصابات المخدرات.

السمة المميزة لمايك هي “قراءة الناس”.. مايك عنده قدرة كبيرة على تقييم أي شخص قدامه، وده بيظهر في كرهه المستمر لوالتر وايت لأنه دايمًا شايف الشر والنفاق في عيونه.. كذلك أي حد عنده القدرة دي بيكون خايف الناس تقراه بدورها، وده أكسبه صمت تام عن شخصيته وعن مهماته..

وده اللي بيخلي  مايك هو الحل السحري لأي مجموعة بتدير نشاط مشبوه، لأنه بيقوم بدور “المنفذ” بدون أي إضافات من عنده، وهو الشخص القادر على إنجاز أي مهمة تطلب منه بشكل مثالي.. بدون ما يغلط، أو يتكلم عن المهمة أو يغيرها، أو حتى يتناقش فيها.

دايمًا بيظهر مايك بهيئته العجوزة اللي مستحيل شخص عادي يشك فيها، كملاك موت، ملاك بيمثل الحل الأنسب لأي مهمة قذرة.. سواء قتل أو مراقبة أو تنظيف آثار جريمة.. مايك جاهز ومستعد.

“قابلت المجرم الطيب، والشرطي الشرير.. رجال الدين المخادعين، واللصوص من ذوي الشرف.. يمكنك أن تكون على أي جانب تختاره من القانون، ولكن إذا عقدت صفقة من أجل المال.. حافظ على كلمتك.”

الجملة دي على لسان مايك بتوصفه بالظبط.. هو فعلًا مش أفضل  ولا أسوأ شخصية في العالم (ولا حتى في المسلسل”.. هو مجرد “موظف مثالي” أو أداة لتنفيذ أفكار لخدمة الخير أو الشر، المهم عنده هو الصفقة.. لأن الصفقة دي هي الأمان الوحيد للعلاقة السوية المستمرة في حياته؛ وهي علاقته بحفيدته “كايلي”.

على مستوى التطور، فمايك استنفذ محاولاته من التطور قبل نشاطه الإجرامي، وقرر يوقف عقارب ساعة التطور عند لحظة تجاوزه لصدمة ابنه وخلق لنفسه أهداف جديدة بالعمل الإجرامي.

أما صراعات مايك في الحياة ودوافعه خلال الأحداث.. فبدأت (في رأيي) من رغبته في التخلص من حياته بأسرع وقت.. فقرر يكون مجرم ويخوض صراعات كل اللي بيشتغل معاهم بدل ما يواجهوها هما بنفسهم.. هو بباسطة بيخلق لنفسه مواقف كتير خلال يومه ممكن يموت خلالها ببساطة.. ولكن لأن دايمًا القدر عنيد، فمايك بينجو كل مرة..

مايك زي أي حد فينا لما بيلجأ للشر بيقول لنفسه “لو أنا معملتش ده غيري هيعمله، فخليني أنفذ الشر بطريقتي الرحيمة، وحتى لو ضميري نايم.. أكيد هيخرج من هلوسات نوم تنقذ حياة الناس”.. زي ما أنقذ “جيسي بينكمان” بفكرته عن الهروب.. وزي ما أنقذ أكتر من حياة وسط أفعاله الشريرة، طالما المهمة مش متطلبة قتلهم بالدرجة الأولى، فكان دايمًا حريص على تقليل الضحايا.

في النهاية مايك مماتش وهو فخور باللي عمله، ولا مات في شعور من الخزي من أفعاله، لكنه مات متصالح مع ده.. مات وهو مؤمن إن ده جزاءه من الصفقة، وإنه قبض تمن لكل الظلام اللي حل بروحه، في سبيل إنارة حياة حفيدته “كايلي”..

لكن هل “كايلي” لو عرفت ماضي جدها، ومصدر الفلوس اللي ورثتها عنه هتكون مبسوطة أو راضية عنه؟.. دي قصة تانية.

عبدالرحمن جاويش

كاتب وروائي شاب من مواليد محافظة الشرقية سنة 1995.. تخرج من كلية الهندسة (قسم الهندسة المدنية)..صدر له عدة رويات منها (النبض صفر،) كتب في بعض الجرائد والمواقع المحلية، وكتب أفكار العديد من الفيديوهات الساخرة على مواقع التواصل الاجتماعي.. كما دوَّن العديد من قصص الديستوبيا على صفحته الشخصية على موقع facebook وحازت على الكثير من الإشادات من القراء والكُتَّاب كذلك..
زر الذهاب إلى الأعلى