عيد ميلاد نابليون ..
الساعة قاربت على ال12 عشر مساءًا ، هل سنقوم بالعد التنازلي 9-8-7-6-5 كما نفعل في ليلة رأس السنة ، لا أنها مناسبة مختلفة نحن اليوم نحتفل بعيد ميلادي، وتلك سابقة لم تحدث من قبل، وفى نفس ذات الوقت نحن على مشارف حرب ستغير مصيرنا هل أضطرب عقلي كما أطلق البعض علي من إشاعات ؟
من المستحيل فأنا بكامل قوايا العقلية، ولكن لما لا؟ فأنا مررت بحروب وتجارب لو مرت عليها شعوب وقبائل جميعها لأصيبت بالجنون في أن واحد، ربما ما يتم تداوله صحيح، وتكون تلك أول إشاعة حقيقية في التاريخ !، ولكن لا يهم يجب أن أبحث على طريقة لكى أحتفل بها بعيد ميلادي، يخبرونني أننا مقدمين على أهم حرب في تاريخنا ولكنني لا أهتم.
تتداول الأخبار أنه يفصل جيش العدو عن يميننا 10 دقائق فقط ولكن لا يهم ! كل ما يشغل تفكيري حقًا هو كيفية الاحتفال بعيد ميلادي ؟ الحمقى من الوزراء وقادة جيشي يبذلون أقصى جهودهم لإقناعي عن العدول عن ما في رأسي وأن أتأهب للحرب ولكنني غير عابئ بما يقولون فعقلي مشغول بالتفكير بعيد الميلاد !
هؤلاء الحمقى أيظنون حقا أنني أعبأ بالحرب وبأمور الدولة وبأمورهم بعد الآن، فأنا ظللت طوال 30 عاما أحارب وأضع الخطط لتدمير الجيوش، كم مرة انتصرت ؟ لا يهم ولكنني بالتأكيد انتصرت في الكثير، وكم مرة هزمت ؟ حقا أني لا أتذكر ولكنني بالتأكيد هزمت في الكثير، ودخلت في الكثير من الحروب والصراعات والشيء الوحيد الذي لم أفعله في حياتي إلى حد الآن، هو الاحتفال بعيد ميلادي وأنا مقبل على حرب جديدة بعد دقائق.
ولا أعلم هل ستتاح لي فرصة جديدة لكي أحتفل بعيد ميلادي بعد الحرب أم لا، لأنه من المحتمل أن أموت ومن المحتمل أن واحد من هؤلاء القادة الذين يحثونني عن العدول عن ما في رأسي يكون في تحالف مع جيش العدو ومع دقة طبول الحرب سوف يضع سيفه الطويل الحاد في منتصف رأسي، ويعني هذا أنني سأموت ومعنى أنني سأموت أنني لن أستطع الاحتفال بعيد ميلادي أبدا.
ولكن ماذا علي أن أفعل، من منهم من الممكن أن يفعل ذلك ؟ ربما نائبي ؟ أأقتله حتى لا أمنحه فرصة خيانتي والغدر بي وحرماني من الاحتفال بعيد ميلادي، ولكنه من المرجح أنه ليس خائنًا لقد خاض معي الكثير من الحروب وخضنا صولات وجولات ملحمية أبدنا فيها الآلاف، ولكن لحظة !!!.
هو يحارب معى منذ 10 أعوام فقط وهذا يعني أنه قبل ذلك كان ينعم بحرية في حياته لأنه لم يكن من الجنود أو المحاربين من الأساس وتجعلنا تلك النقطة نستكشف بسهولة أنه أحتفل بعيد ميلاده في العديد من السنوات من قبل !!! ، يا أيها الخائن ! أن لم أقتلك على خيانتك وغدرك بي المحتمل في الحرب فيجب أن أقتلك على أنانيتك وطمعك أتريد أن تكون أنت الوحيد الذي نعم بحياة هادئة وأحتفل بعيد ميلاده في العديد من المناسبات وتستحقر الآن أن أحتفل أنا بعيد ميلادي ولو لمرة واحدة بحجة أن جيوش العدو ستحيط بأسوارنا بعد 5 دقائق فقط من الآن !
لحظة أخرى، ثانية واحدة من فضلكم ، ما الذي أسمعه من الخارج ؟ لا أستطيع التمييز أهي صرخات أستغاثة أم صرخات ألم ؟ يا إلهي أتكون هي جيوش العدو التي تدمر جيشي يجب أن أتأهب الآن.
أين الشمع ؟
تبا للخادمين أين وضعتوا الشمع أن جيشهم بالخارج ومن المحتمل أنهم حاصرونا، أين الشمع ؟ أين هو الآن؟ ، ولكن للحظة شعرت بشعور غريب يضمر قلبي، ليس علي أن أفكر في الشمع الآن، ما لهذه الحماقة ! المهم في هذه اللحظة المصيرية هو أن أجد ما سيوقد الشمع ؟ ما سيشعل فيه النار، فلا فائدة أن وجدت الشمعة أذا لم أجد ما سيوقد فيها النار ولكنني لا أجد ما مصدر للنار في أرجاء الغرفة.
وإذا خرجت من الغرفة من المحتمل أن ألقى حتفي، لا ليس من المحتمل، بل من المؤكد أن ألقى حتفي، يا لغبائهم أو لو يعلم قائدهم ؟ أنني أريد شمعة الآن فربما أوقف الحرب وأعطاني أيها مع الموقد ويجعلنا نستكمل الحرب بعدها، فهو لو يعلم فبالتأكيد لساعدني لأننا ملوك نفهم بعضنا البعض ويفهم كلًا منا مشاعر الأخر وهو بالتأكيد سيفهم رغبتي الجامحة في أن أوقد الشمعة كما أتفهم أنا رغبته في أحتلال مملكتي !
فأنا كنت مثله عندما كنت في سن الرابعة والعشرين كل ما كان يستحوذ على تفكيري حينها هو السيطرة على البلاد ونهب خيراتها ولكن ليس بمثل تلك الهمجية، فأنا كنت قبل أن أقتل ملك البلاد التي سوف أحتلها كنت أسأله عن أخر أمنياته، كسؤال شرفى تقديرًا له على بسالته وشجاعته في الحرب، ولكن من الواضح من أسلوب وأستراتيجية ذلك أبن الأحمق بأنه لن يترك لي ذلك الخيار ولن يطرح علي السؤال الشرفى.
لأنه أذا لمح ظلي سوف يقطعه إلى أجزاء متناثرة غير قابلة للتجميع أو التركيب ، فلقد سمعت في أخر لحظة كنت أدرك ما يدور حولي فيها من أحدى القادة بأنني قتلت والده منذ 30 عاما وهو يريد أن يأخذ بثأره منى الآن ، فلقد قام بتغيير أستراتيجيته عندما علم بحالة الضعف التي يمر بها معسكرنا وقلة الموارد والطعام وقرر أن يبدأ بمملكتي أولًا.
لكى ينول شرف قتلي ولكن الوصول للقمر أقرب له من أن يحقق حلمه حتى أحصل أنا أولا على الشمعة التي تتوهج بالنار حتى أحتفل بعامي ال56 !!!! فبالتأكيد والده الوغد أحتفل معه بعيد ميلاده على الأقل سبع مرات قبل أن أقتله ولكنني لم أفعل ذلك من قبل .
أخيرا وجدت الشمعة ، ووجدت أكثر مما تخيلت لقد وجدت بجانبها الرقم 56 على هيئة بلاستيكية !! ، هل كان الجنود سيحتفلون معي بعيد ميلادي بعد أنتهاء الحرب ؟، ربما ولكننا أذا انتظرنا لما بعد الحرب سيكون مر يوم ال13 وبالتالي تجاوزنا يوم ميلادي وسأضطر لانتظار عام كامل قادم !! يجب التوقف عن التفكير والبحث عن عود ثقاب لكى أوقد الشمعة ، أبحث كالمجنون الآن
لحظة واحدة أخيرة أذا تكرمتم ما الذي جعل الأبواب تفتح على مصراعيها هكذا؟ من هذا الأحمق ليدخل غرفتي الملكية بتلك الطريقة ؟
ما هذا ؟ أشعر بإحساس غريب ؟ وكأن شئ ما اخترقني ؟ ، يا ليتني لم أنظر أمامي وخلفي لم أكن لأعلم ما حدث وكان سيظل ذلك مجرد شعور، ولكنني بالتأكيد كنت سأجبر أن أنظر لنفسي لأن الألم كان سيزداد لا محالة، سيف اخترقني من الخلف ونصه أمام عيني فمن الواضح أنه أستمر في أختراقه حتى تجاوز معدتي، فبالتأكيد هو سيف أبن الأحمق الذي لم يجرؤ على منحي السؤال الشرفى قبل أن يفعل ما فعله.
ولكن الغريب أنني ما زالت لا أشعر بالألم رغم مرور بعض الوقت ربما تكون رغبة الحصول على نار لتلك الشمعة تملكت مني إلى ذلك الحد، لدرجة أفقدتني الشعور بالزمان والمكان وأخرجت روحي من جسدي لتسبح في الهواء لدقائق حتى تعود بالشمعة.
أبن الأحمق يقسم نظراته بيني وبين الشمعة، يا ترى ماذا يريد منها، هل يريد أن يحتفل معها هذه المرة بأنه أخذ ثأر والده وليس بعيد ميلاده كما أريد ؟ يا ألهي أنه يمتلك ما تتركز عليه كل حواسي وما تتمناه ولو لحظة، أنه يمتلك في يده موقد نار !!!
الألم أزداد بقوة لا أستطيع تحملها، وكأن الألم كان يجمع كل قواه ويملأ ويضرب بها جسدي فجأة، لا أستطيع الوقوف على قدامي، سقطت رغمًا عن أرادتي بسبب أعصار الألالم الذي أطاحني أرضًا فجأة ودون سابق أندار، ولكن لا يهم الأهم أن مع أزدياد الألم يدي تتمسك بالشمعة أكثر فأكثر كأنه تعطيني قدرة على المقاومة ولكنها قدرة سالبة ليس لها قيمة فأنا لا أستطيع تحمل الألم.
ومع ذلك ما زلت متمسك بالشمعة، مازال أبن الأحمق الذي قتلت والده أمام عينيه ينظر لي وأنا طريح أرضًا من شدة الألم وكأن ذلك يا أحمق سيعيد والده الذي أحرقت جسده أمام عيناه وأمام أعين والدته التي أصبح الرجال يتناوبون عليها بعد ذلك وكأنها كنت تنتظر موت والده لكي تخرج العاهرة التي كانت تختبئ بداخلها.
أنها اللحظة التي كنت أنتظرها منذ ثواني تجسدت في سنوات، الشيء الذي كنت أريده يحاوطني في كل مكان لدرجة أنني أذا استطعت أن أقف على قدماي في معجزة من معجزات الزمن لن أستطيع مغادرة المكان أيضًا بسبب قوته وانتشاره، لا يهم أن كان أبن الأحمق شعر بالثأر أم لا ؟ لا يهم أنه أستولى على مملكتي بأكملها ؟ لا يهم أذا قتل أتباعي في الخارج أم لا ؟
لا يهم أذا كان سيشعر أهل البلدة بالجوع والفقر أم لا ؟ ، الأهم أنني حصلت على ما أبغاه ، النار تشعل المكان بأكمله والآن فقط سأستطيع أن أوقد الشمعة وتنغمس النار فيها بأريحية، ويالروعة شكلها من حولي وهي تحيطني من كل مكان وأنا طريح أرضًا للأسف لا أستطيع الرقص على لهبها ولكنني أخيرًا سأوقد الشمعة وأحتفل بعامي ال56 والأخير !!!!