قرية الفتية أصحاب الكهف
قصة أصحاب الكهف من أعظم القصص القرآنية التي وردت في سورة الكهف وحدثنا عنها القرآن الكريم، اختص العلماء وخاصة علماء الطبيعة وتحديدًا علم الكهوف والمغارات بدارسة الكهوف وأنواعها من حيث طرق التكوين والتشكيل والطول والعمق والعرض، وهناك من الكهوف ما لا يوجد إلا بالمناطق الجبلية وهناك ما لا يوجد إلا متصلًا بالبحر والبحيرات، ولكن من الملفت أن أغلب الكهوف مغايرة للمحيط المتواجدة فيه والميزة الأخرى أنها تشكلت بعد وقت طويل جدًا، لكنها تتطلب حركة عنيفة في الأرض مصحوبة بحرارة عالية وممتزجة بعناصر المحيط، وبالتالي هي عملية غاية في التعقيد.
كان الكهف قديمًا أحد وسائل الاحتماء للإنسان والكائنات الحية وهو علامة على الوعي البشري توحي بالاحتماء والعزلة بجانب أنه محتوى الأسرار ومخزن للكنوز والثروات، ولكن رمزية الكهوف تشير لدينا إلى الاستعمال الديني في إطاره الديني يحمل مخزون دلالي عميق يشير للحماية والثبات العقلي والسلوك الرشيد، ولعل أهمية ذلك تكمن في قصة أصحاب الكهف.
قصة أصحاب الكهف
تُروى القصة من قبل المسلمين والمسيحيين شابها في بعض الوقت الخرافات والأساطير ولكن جاء القرآن الكريم وهدى الإنسانية والبحث العلمي لأحداث القصة الحقيقية، وتحمل القصة رمزية بالغة الجمال، فتنوع القصص فيها يفتح آفاقًا كبيرة لعالم الخيال والعظة وتصويرها البلاغي الرائع بجانب المعاني والإيقاع الصوتي، وهي أصحاب الكهف مشهورة أولئك الفتية الذين آمنوا بالله الواحد ونأوا بأنفسهم عن القوم الظالمين الذين عبدوا الأوثان وآووا للكهف، وبعد تحقق الحكمة عادوا للحياة، القصة هي زيادة في الهداية وزيادة للإيمان والتقوى لتنشل القلب لخالقه وتربطه به حتى يتحرر من كل شك وقلق واضطراب.
اختلف الكثير من العلماء والمفسرين والباحثين في أصحاب الكهف من هم أصحاب الكهف في أي فترة عاشوا، هل قبل زمن سيدنا موسى عليه السلام أم سيدنا عيسى عليه السلام؟ وهل آمنوا بالله من تلقاء أنفسهم؟ وفي أي مكان وفي أي بلدة؟
ولكن الله تعالى نهانا عن الجدال في تلك الأمور ويأمرنا بإرجاع علمهم لله وحده ولذلك سميت سورة الكهف بهذا الاسم لتلفت القلوب والعقول إليها، فالعبرة ليست في عدد الفتية ولا زمانهم ولا مكانهم ولكن العبرة أن الله أقامهم بعد أكثر من 300 عام ليرى ما عاصرهم قدرته تعالى على بعث من في القبور وتم تناقل الخبر جيلًا بعد جيل.
قرية أهل الكهف
على الرغم من أن بعض الروايات التي نقلت بأن مدينتهم تسمى أفسوس والبعض ذكر اسم مدينة كرسوس، ولكن القرطبي ذكر عن ابن عباس رضي الله عنهما أنهم كانوا في مدينة من مدائن الروم يقال لها أفسوس وقيل هي طوسوس، وذكر الإمام الزمخشري أن مكانهم بين غضبان وأيله وقيل أنها مدينة دقسوس واليوم تُعرف باسم طرسوس.