حكاياتحكايات وأماكن

هل تحمي عرش الملك؟.. قصة لحيتين في مصر القديمة

قصة لحيتين في مصر القديمة.. تتسم غالبية تماثيل ملوك مصر القديمة بوجود اللحية المستعارة عليها، وهو ما يطرح تساؤلات حول أهميتها في ذلك العصر، وهنا سنلقي الضوء على اللحية وأشكالها عند المصريين القدماء.

مكانة اللحية لدى المصريين القدماء

شهدت تربية اللحية في مصر القديمة فترات صعود وهبوط على مر العصور، فاعتاد الرجال تربيتها في عصر ما قبل الأسرات لتتلاشى تلك العادة بشكل مفاجئ في بداية عصر الأسرات.

وجسدت لوحة الملك «نارمر» اهتمام مسئولي وحكام مصر القديمة بتربية اللحى في عصر ما قبل الأسرات، فجسدوا الأمير «رع حتب» بالشارب، وكذلك أظهرت أقنعة بعض المومياوات من الفترة الانتقالية الأولى والمملكة المصرية الوسطى الاهتمام بتربية اللحى، مثل تلك الخاصة بمومياء الأسرة المصرية الثانية عشرة المسمى «عنخف».

وحرص أفراد الطبقات الأرستقراطية على الظهور حليقي اللحى منذ بداية عصر الأسرات، ليتبعهم بعد ذلك المواطنيين العاديين، فيما كان الكهنة يحلقون رؤوسهم وحواجبهم بشكل تام مع تلوين الأخيرة، علمًا بأن تربية اللحية بشكل عام لم يكن له علاقة بمظاهر الرجولة وقتها، وفقًا لما أكده العديد من المؤرخين.

وبات تربية اللحية في عصر الأسرات علامة على الحالة الاجتماعية السيئة أو تواجد الشخص بحالة حداد أو استعداده للقيام برحلة استكشاف خارج البلاد.

أدوات الحلاقة في مصر القديمة

اقتصرت أدوات الحلاقة الأولى على شفرات حجرية حادة، عادةً ما توضع في مقبض خشبي قبل أن تتطور لاحقًا لشفرات نحاسية رفيعة، ثم شفرات الحلاقة البرونزية على شكل شبه منحرف في عصر المملكة الوسطى.

وعرفت مصر القديمة مهنة الحلاق، حيث أظهرت بعض مقابر النبلاء في طيبة تلقي المجندين بالجيش قصات شعر، فيما أظهر قبر «أوسرهيت» مشهد حلاقًا يعتني بعملائه أثناء جلوسه على مقعد تحت ظل تين الجميز، بينما ينتظر شباب آخرون على التوالي دورهم، وهم جالسين على كراسي قابلة للطي وحوامل ثلاثية القوائم.

مكانة اللحية المختلفة لدى الملوك

اتخذت اللحية مكانة مختلفة لدى ملوك مصر القديمة، في ظل كونها إثباتًا لوجود اتصال بينهم وبين الآلهة، لاسيما الإله «أوزوريس» حاكم العالم السفلي الذي امتلك ذقنًا طويلة بها انحناء بارز للدلالة على حكمته، وكذلك الحال لـ«جب» إله الأرض و«شو» إله الهواء والرياح.

واستخدم ملوك مصر القديمة اللحية المستعارة المصنوعة من شعر الماعز أو النحاس أو الذهب في بعض الأحيان للتعبير عن نظافتهم ورقيهم، حيث كان يتم تثبيتها بواسطة حبلين حول الأذنين، علمًا بأنهم قد حرصوا على الظهور بها في كافة المناسبات الدينية.

ولم تقتصر عادة اللحية المستعارة على ملوك مصر، بل حرصت الملكات على تكرار الأمر ذاته مثل حتشبسوت، وذلك لنفس الأسباب السابق ذكرها.

وأوصى ملوك مصر القديمة بوضع اللحية المستعارة ذات الإنحناء في توابيتهم بعد وفاتهم، والتي كان أشهرها ذقن الملك توت عنخ آمون.

وحرص نبلاء البلاط الملكى، وحكام الأقالیم، وكبار موظفى المملكة، على محاكاة ملوك مصر القديمة في ذلك، فاستعانوا باللحیة المستعارة إلا أنها بدت قصيرة نسبيًا عن الملوك.

لحية مستقيمة وأخرى معقوفة

ظهر نوعان من اللحى في تماثيل ملوك مصر القديمة، فكان منها المستقيم ومنها المعقوف، إلا أن علماء الآثار نجحوا في حل ذلك اللغز، حيث مثلت اللحية المستقيمة انعكاس أشعة الشمس بالماء، فيكون وجه الملك بمثابة الشمس فيما تكون لحيته انعكاسًا للأشعة المشرقة على سطح نهر النيل، مما يعكس مكانة الشمس الكبيرة لدى مصر القديمة، والتي تمثلت في تجسيد العديد من الآلهة بقرصها مثل حورس، رع، آتون، وآمون.

وكانت اللحية المستقيمة بمثابة إحدى الأدوات لتدعيم شرعية الملك وإثبات علاقته القوية بالآلهة، التي تحمي عرشه وتمنحه القوة أمام الشعب باعتباره ظل الإله على الأرض. وركزت البرديات التي تظهر الملك باللحية المعقوفة على علاقته بالإله أوزوريس، والتي عادةً ما تكون لوحة جنائزية لارتباطها بالعالم السفلي.

زر الذهاب إلى الأعلى