قصة مذكراتي
قصة مذكراتي.. كانت ليلة تعيسة كالعادة، وأنا وحيد مراتي وبنتي ماتوا في حادثة من سنة، ومن ساعتها كتاباتي منتشرة بأنها أتعس وأحزن كتب، بس على الأقل واقعية وبتجبلي جوايز كتير.
صحيت الصبح على صوت جرس الباب وحد بيخبط جامد وكتير ولأني طبعا كنت شارب في حفلة امبارح فوقت بعدها بشوية.
أستاذ يحيى: أنا آسفة إني بزعج حضرتك في وقت زي ده، أنا محتاجاك في حاجة ضرورية، ينفع ادخل؟
••
ولأني كنت متعصب جدا وتعبان فتحتلها الباب من غير ما أتكلم في حاجة.
••
أستاذ يحيى: أنا كنت عايزة حضرتك تكتب قصة حياتي.
••
ضحكت بسخرية وطلبت منها إنها تكمل.
••
- معلش، أنا معرفتش اسم حضرتك إيه قبل ما تكملي؟
أنا أنا أنا اسمي رنا.. أنا قصتي طويلة جدا وكنت بشتغل مع جماعة سرية، ولو قدرت إنك تساعدني هبقى ممتنة جدا وبالمبلغ اللي إنت تطلبه.
••
أول ما سمعت جماعة سرية رفضت على طول أنا مش عايز خطر على حياتي.
••
– أنا مبكتبش قصص عن حياة حد، وياريت متجيش هنا تاني أو يستحسن تشوفي كاتب غيري.
مقدرة كل عصبيتك دي أنا فعلًا همشي بس هسيب لحضرتك مذكراتي ورقمي يمكن في يوم من الأيام تحب تكتب عنها وتنشرها، شكرا.
مهتمتش حتى أقرأ أول صفحة، رجعت لأوضتي ونمت تاني.
••
صحيت حوالي 10 بليل وتقريبا ده الوقت اللي ببتدي يومي بيه، بفتح التلفزيون أشوف الأخبار مع كوباية القهوة بتاعتي، بس لفت انتباهي حاجة.
«مصرع سيدة ظهر اليوم ووجدوا جثتها قرب النهر»
طبعا حاجة خطيرة ومكنتش مهتم أعرف عشان الحوادث دي بتتكرر كتير، لكن… لما شوفت صورة الست اللي ماتت على التلفزيون بدأ الموضوع يلفت انتباهي.. دي رنا، رنا اللي جتلي الصبح وكانت عايزاني اكتب قصة حياتها.
ماريا: مالك أتضايقت عليها كده ليه
- ماريا؟ انتي جيتي هنا امتى..
ماريا بالمناسبة مراتي
ماريا: أنا موجودة من زمان بس مكنتش عارفة ابدأ كلام معاك ازاي.. قتل تاني يا يحيى؟
-قتل؟ أنا عمري ما قتلت حد
ماريا: مش انت اللي قتلت، أخوك التوأم اللي قتل
وبعدها ماريا اختفت تاني مكنتش عارف قصدها إيه.
أنا وحيد معنديش إخوات، تجاهلت الموضوع وبدأت أرجع بذاكرتي لموت ماريا مراتي وكارما بنتي، كان يوم عصيب، معرفش ازاي حصل حتى كتبت كتاب عن القصة «قبضة روحي» من ساعتها وأنا حاسس إني عايش من غير روح، أنا كنت معاهم في نفس البيت، ليه هما اتحرقوا وماتوا وأنا عشت، من ساعتها زي ما ذكرت مبكتبش غير كتب كئيبة معظمها عن القتل والموت وبيبقى الظالم فيها دايما بيعيش، دايما بيقولوا عليا مجنون وسكيزوفرنك بس أنا طبيعي إلى حد ما، يمكن الحالة النفسية اللي دخلت فيها خلتني كدة… جرس الباب بيرن وشيء غير متوقع عشان محدش بيجيلي.
أستاذ يحيى، أنا عارفة أنت أكيد مخضوض ازاي رنا لسه عايشة، بس أنا عملت الفيلم ده كله عشان أتفرغ لكتابة قصة حياتي وكنت حاسة إن حضرتك أكيد غيرت رأيك في الموضوع و….
- حضرتك مين؟
أنا رنا اللي مذكراتي سبتها على ترابيزة حضرتك إمبارح”
- بس أنا محدش جالي إمبارح، بس اتفضلي ادخلي طبعًا
أنا مقدرة رهبتك وخضتك تعمل أكتر من كده، بس أنا عايشة فعلا ودي مش روحي
مكنتش فاهم هي بتتكلم عن إيه أو أتخض من أيه أصلا
-أنا موافق على موضوع كتابة قصتك بس أبدأ في قراءة المذكرات الأول
“ياريت حضرتك تقرأ جزء كبير منها عشان هرجعلك على نهار النهاردة”
كنت حقيقي مش عارف إزاي جت المذكرات دي هنا، وامتى فتحتلها بس ممكن أكون كنت شارب جامد
••
مذكرات رنا
21 أغسطس 1999
“يوم موت أعز صديقاتي ماريا علي النشواتي”
ماريا مراتي؟… بس ماريا مكنش ليها صديقة اسمها رنا….
كملت قراءة بعد خمس دقايق من تأمل إزاي ده، ومن إعادة قراءة أول سطر أكتر من عشرين مرة.
مذكرات رنا:
“كان يوم حزين عليا وعلى كل اللي حواليها، ماريا كانت بتشتغل في المخابرات معايا يعني دايما معرضين للخطر، معرضين إن إحنا نموت بس عمري ما تخيلت إن الموضوع ده ممكن يحصل وبسرعة كده، وماتت هي وبنتها، ومن اللحظة دي بدأت أدور على حقيقة قتلها، ومين اللي كان ورا القصة دي حتى لو هضيع عمري كله”
مكنتش قادر أفهم حقيقة موت ماريا؟… ماريا ماتت في حادثة لما كانت راجعة مع بنتي من المدرسة….
مكملتش قراءة عشان فيه حاجة ناقصة مش قادر أفهمها…
Flashback
يوم موت ماريا
ماريا: صباح الخير يا يحيى
••
يحيى كان متغير بقاله كتير، بيسهر بره كتير، دايما في مكتبه مشغول في نشر كتابه الجديد ومكنش مديني أي اهتمام ولا لبنته…
25 أغسطس 1999 من مذكرات رنا
كنت مستغربة إن بعد يوم بالضبط من موتها جوزها يحيى أصدر كتابه الأول «موت حبيب»، ونهايته كانت شبه حادث موت ماريا اللي لقوا جثتها في النهر وإن تحريات الشرطة أثبتت إن ده حادث انتحار مع إن أنا الوحيدة اللي كنت متأكدة أنها جريمة قتل….
••
بس ده كان مجرد صدفة، هو آه موت ماريا مشابه لموت البنت في القصة بس عمري ما تخيلت إن ممكن حد يتخيل إني قتلتها هي وبنتي.
وبعدها خبط الباب وقولت أكيد دي رنا، بس لسوء حظي ده كان ضابط شرطة عايز يبحث أكتر عن سر موت ماريا وبنتي، لأن مؤخرا ناس ليها علاقة ببعض ماتت.
الضابط: آسف إني جيت على غفلة بس كان عندي بعض التساؤلات، شاكك إن في حد ممكن يكون قتل ماريا وبنتك كارما؟
••
أعتقد إن الموضوع عدى عليه أكتر من سنة، والتحريات قالت إن ماريا ماتت منتحرة وكارما خبطتها عربية.
••
الضابط: ده اللي كانت فعلا التحريات قايلاه بس إحنا اكتشفنا تزوير في الموضوع من الطب الشرعي نفسه ولما اعترف قال إن ماريا كان سبب موتها إن حد خنقها، ولكن تحت ضغط من حد وتهديده ليهم كتب كده في التقرير، وبنتك كارما كانت فعلا حادثة عربية، بس مش غريبة نفس اليوم؟
••
معتقدش إن ماريا كان ليها عداوة مع حد، ولا حتى أكيد كارما اللي مكملتش 17 سنة
••
الضابط: ولا حتى شاكك في إن الشخص ده ما بينه وبينك عداوة؟، آه جدير بالذكر ماريا كانت جاسوسة في المخابرات
••
أنا مؤخرًا عرفت موضوع المخابرات ده من صاحبتها ومقدرش أفيد حضرتك بمعلومات أكتر من كده.
••
الضابط: هنرجع لحضرتك لما يكون عندنا تساؤلات ليك تانية
••
قتل ماريا اللي متزامن مع ظهور رنا فجأة خلى عندي تساؤلات وفضول أكبر من إني أكمل مذكرات رنا.
••
21 يونيو 2000 من مذكرات رنا
قتل ماريا عدى شهر بالضبط عليه والغريب في الموضوع إن مش بس ماريا اللي ماتت، وكنت متأكدة أنها اتقتلت هي وبنتها كارما بس ده بعدها مات عمها وواحدة من أعز صديقاتها اللي كانت معانا في ثانوي، وكمان صديق ليها اللي كان معانا في الشلة بردو وكل التحريات طلعت إنها حوادث انتحار بس أنا فضلت شاكة في يحيى وكنت مستنية أثبت بأدلة غير إن موتهم هما الأربعة مشابه لنهاية قصص يحيى إلا موت كارما بنته… يحيى مريض سكيزوفرنيا وده اللي ماريا كانت دايما بتقولهولنا وده اللي كان مأكدلي أكتر إن هو اللي قاتل.
••
قفلت المذكرات ومكنتش عايز أقرأ أكتر من كده، موضوع قصصي أكيد بيجوا صدفة، موت عمها كان منتحر، وقتل ماريا المفاجئ، كلها حوادث مش قادر أجمع تفسيرها غير إني أستنى رنا أو أروح أدور عليها.
••
بعد مرور أسبوع على إني أدور على رنا في كل مكان ممكن هي تبقى موجودة فيه ملقتهاش ولا لقيت أي أثر ليها، مذكرات رنا ممكن توديني في داهية بسبب الأدلة الكاذبة اللي عليا ومحدش هيصدقني لأنهم مشخصني بمرض “الانفصام”.
اديت نفسي فرصة تانية إني أكمل المذكرات، مكنش باقي صفحات كتير وده اللي محيرني عدد الصفحات قليل، أتمنى في الآخر تكون لقت المجرم الحقيقي.
20 يوليو 2000 من مذكرات رنا
“اكتب هذه الورقة اليوم احتفالا بوجود القاتل الحقيقي، وأني قد أنجزت مهمة كنت اتهيأ أني لن أستطيع إنجازها”
متأكدة إني قريب أوي هسلمها للشرطة والكل هيفك شفرة قتل حبيبتي وصديقة عمري ماريا….
••
20 يوليو ده قبل الذكرى السنوية لموت كارما وماريا بـ11 يوم، واللي على ما أتذكر الليلة اللي جت رنا تديني المذكرات فيه وأنا سكران من الحفلة…. الحل الوحيد اللي يخليني أعرف أحل اللغز ده إني أدور في حاجات ماريا على أي دليل.
ملقتش غير صورهم وهم صغيرين، الغريب إني لقيت على ضهر الصور مكتوب «ماريا ورنا علي النشواتي» وصور مامت ماريا وصور ليهم في ثانوي، كل ده أدى إلى إني أوصل في الآخر إن ماريا ورنا إخوات، بس ماريا عمرها ما حكتلي عنها…
رجعت بسرعة عشان أرجع للمذكرات وأقرأ آخر صفحة..
••
كانت كل الصفحات اللي بعدها نفس الصور اللي لقتها في حاجات ماريا وعليها التواريخ والأوقات.
••
19 أغسطس 2000 من مذكرات رنا
عزيزي يحيى، أنت بكدة قدرت توصل لآخر القصة،
أنا اللي قتلت ماريا وكارما، وموضوع المخابرات وضابط الشرطة كان كله خدعة أعطلك بيها من إنك تعرف الحقيقة وعشان ألحق أهرب بس أنت طلعت أغبى من إني كنت أتصور وتعطلت فعلا، طبعا ماريا محكتلكش عني، كنت في مصحة فازاي تفتخر إن عندها أخت في مصحة بتتعالج من الإدمان، بس عايزاك تعرف في الآخر إن هي السبب في موتها هي وبنتها وموتك… ولو أنت بتقرأ الصفحة دي بعد أسبوعين من تسليمك المذكرات فجرس بابك هيرن بعد خمس دقايق، وقت كافي إنك تتصل بالبوليس صح؟…
صحيفة يوم 16 سبتمبر 2000
العثور على جثة الكاتب المشهور «يحيى الزهري» ملقاة ببيته منتحراً بعد إيجاد ورقة بها دليل على أنه القاتل في جريمة زوجته وابنته التي تم العثور على جثثهما يوم 21 أغسطس العام الماضي وتم تشخيص موت زوجته منتحرة وابنته في حادث سيارة لعدم وجود الأدلة الكافية.