قصة مكان معبد حتشبسوت
يُعد معبد حتشبسوت من ضمن أجمل المعابد الفرعونية فكان من ضمن واجبات الملك بمصر القديمة بناء المعابد لعبادة الآلهة ولتظل ذكرى باقية للأبد، ولم تكن هذه المشاريع لفتة من الملك ولكنها كانت لتأسيس دولة مركزية موحدة وضمنت هذه المشاريع العمل للفلاحين في وقت غمر مياه النيل للأرض، كما أنها شجعت على الوحدة من خلال الجهد الجماعي، وهذا على غير الشائع أن العبيد من قاموا بالبناء ولكن قام المصريون المهرة من الفلاحين والصناع بالبناء للمعابد والأهرامات والمسلات جميعها تمت بجهود مصرية جماعية، وهنالك العديد من الأمثلة من بينها المعبد الجنائزي للملكة حتشبسوت في الدير البحري وهو واحد من أبرز المعابد المثيرة للإعجاب.
معبد حتشبسوت
تم تصميم البناء على غراء المعبد الجنائزي لمنتوحتب الثاني أمير طيبة مؤسس الأسرة 11 ومؤسس المملكة الوسطى، تم وصفه بالملك الأسطوري تم بناء معبده في الدير البحري وهو أول هيكل يتم بناءه هناك، وكان مفهوم أو مبتكر جديد حينها ليكون قبر ومعبد، لم يُدفن الملك بالمعبد ولكن قبره بالخلف على المنحدرات، تم تصميم الهيكل بالكامل ليمتزج مع الطبيعة المحيطة والمنحدرات الشاهقة وكان من أكثر القبور لفتًا للانتباه.
ولذلك صممت حتشبسوت المعبد بنفسها ولكن على نطاق أكبر وأمرت ببنائه بجوار المعبد القديم كنوع من إحكام القوة والسيطرة وتخليدًا لاسمها بالتاريخ، لأنها امرأة فكانت بحاجة لترسيخ سلطتها وشرعيتها بطرق كثيرة مثل أسلافها وانعكس ذلك في أناقة معبدها.
عهد حتشبسوت
كانت حتشبسوت ابنه تحتمس الأول وتماشيًا مع التقاليد الملكية تزوجت من أخيها تحتمس الثاني قبل بلوغها العشرين من عمرها وتم ترقيتها لتكون زوجة لآمون وهو أعلى وسام تحصل عليه المرأة بمصر القديمة بعد منصب الملكة، وأنجبت ابنه نفر رع، وأنجب تحتمس الثاني ابنًا من زوجته الصغرى إيزيس وعين الابن تحتمس الثالث وريث للعرش وتوفى تحتمس الثاني وابنه طفلًا بالتالي أصبحت حتشبسوت وصية على العرش وسيطرت على شئون الدولة، ولكن في السنة السابعة من الولاية كسرت القواعد وعينت نفسها فرعون مصر.
وكانت فترة حكمها من أكثر فترات التاريخ ازدهارًا وسلامًا وهنالك أدلة على البعثات العسكرية والاقتصاد المزدهر، والعديد من المشاريع والأشغال العامة والمبادرات التجارية وقد تمكنت من بناء أمة مزدهرة من كل الجوانب.
تصميم معبد الملكة حتشبسوت
بعد فترة من وصولها للسلطة عام 1479 قبل الميلاد، صممت لتروي قصتها على شيء من الأناقة والعظمة، وتم تصميم المعبد من قبل مضيف الملكة وصديقه المقرب، والذي كان معلمًا لابنتها، صاغ المعبد بعناية على غرار معبد منتوحتب ولكنه أخذ كل الجوانب وجعلها أكبر وأطول وأكثر تفصيلًا، تميز معبد منتوحتب بمنحدر حجري كبير يمتد من الفناء الأول للطابق الثاني ولكن بنت حتسبشوت معبدها بمنحدر أطول بكثير وأكثر تفصيلًا تم الوصول إليه عبر الحدائق المورقة وبوابة مدخل متقنة تحيط بها المسلات الشاهقة.
كان محاطًا بتماثيل الأسود بالمنحدر المركزي، وفي المستوى الثاني بركتان ومنحدر آخر يأخذ الزائر للمستوى الثالث، وتميزت طوابق المعبد بالنقوش والرسومات والتماثيل التي تؤدي للقبر الفخم، رويت جانب من تلك النقوش الرحلة التي تؤكد على وجود بلاد النبط وعلى طرفي المعبد يوجد معبد أنوبيس بالشمال ومعبد حتحور بالجنوب.
اقرأ أيضًا : هل حضارة النبط كانت موجودة بالفعل ؟
تدمير المعبد وإعادة الاكتشاف
طوال فترة حكم حتشبسوت لم يكن تحتمس الثالث معزولًا ولكنه كان يقود الجيوش ويقوم بحملات ناجحة، وأعطت الملكة القيادة العليا للجيش وكان من أعظم القادة العسكريين بتاريخ مصر، والأكثر نجاحًا، ولكن كانت هناك عداوة بينه وبين زوجة والده بعد اعتلائه للعرش عمل على محو ذكراها كان يحاول القضاء على دليل صريح لوجود أنثى فرعون قوية، وبالرغم من بناء النقوش واللوحات الداخلية للمعبد إلا أنه بقدوم عهد إخناتون كانت قد نسيت تمامًا فقد دفن تحتمس صورها ودفن تماثيلها ودمر أجزاء من معبدها.
ظل اسمها غير معروف بالتاريخ لقرون حتى منتصف القرن 19 عندما كشفت الحفريات عن تلك التماثيل المكسورة وتم العثور على أعظم ملكة بالتاريخ القديم وتم إعادة ترميم معبدها.