كف الإيد بن عبد الحميد .. من حكايا العرب القديمة
مولد كف الإيد
في قديم الزمان في بلاد العربان كان يعيش زوجان فقيران، كانا رغم فقرهما لا يتأخران عن مساعدة أي أحد، حيوانًا كان أو إنسان.
كانا يزرعان قطعة أرض صغيرة ولديهما بقرتين وعنزتين وحمار. وكانا راضيان عن حياتهما تمامًا ولم يشعرا أن شيئًا ينقصهما أبدًا. كانا يحبان بعضهما ولم يغير حبهما طول البقاء سويًا ولا تقدمهما في العمر.
لكن في ذات يوم وجد الرجل، واسمه عبد الحميد، زوجته، واسمها حميدة، جالسة تحت شجرة الكافور العملاقة أمام كوخهما الخشبي واضعة يدها على خدها وتبكي. فهرع إليها وجلس جانبها ووضع يده على كتفها وقال: مالكي يا حبيبتي ماذا يبكيكي؟
قالت: لقد تقدم بي العمر ولا زلت لم أحظى بابن.. أريد أن يكون لي ابن يا عبد الحميد، أريد أن أشعر شعور الأمومة.
قال لها: وأنا أيضًا أريد أن أكون أبًا، لكن ماذا نفعل يا حبيبتي يبدو أن الإله قدر علينا ألا نرزق بأولاد.. لقد جربنا كل الأعشاب وذهبنا لكل الأطباء في البلدة.
قالت: يجب أن نقدم أضحية لله، نذهب للمسجد ونذبح إحدى العنزتين نوزعها على المحتاجين وندعو الله أن يرزقنا بطفل.
قال: إن كان هذا سيسعدك فهيا نسافر غدًا.
وبالفعل سافر الزوجان إلى مسجد المدينة الكبير وذبحا إحدى عنزتيهما عنده وطبخوها وأطعموا بها الفقراء، ثم دخلا إلى المسجد وبدأوا في الدعاء حتى غابت الشمس وتعبا من كثرة الدعاء فرقدا يستريحا فغلبهما النعاس.
وفي نومهما رأى كلاهما نفس الحلم. شيخًا عجوزًا ذو لحية بيضاء كبيرة تلامس صدره.. ووجه يشع نورًا. قال لهما الرجل: أنتما لن ترزقان بولد أبدًا، فليس مقدورًا لكما أن ترزقان بولد، لكن لأنكما طيبين فهناك طفل يتيم يمكنكما أن تكفلانه، يكن لكما عوضًا وعونًا وفرحة.
ردت: أين هو، موافقة أن آخذه وأعتني به كأمه.
قال الرجل: هو في كوخ أمام شجرة التين العجوز العملاقة، عند مصب النهر العظيم.. أمه مصابة بالحمى وستفارق الحياة بعد فترة وجيزة، وقد دعت الله قبل أن يرسل من يعتني بابنها.. فخذاه واعتنيا به، ولكما من الله بركة وفرحة وعونا وللطفل شأن عندما يكبر.
استيقظ الزوجان، وسأل كل منهما الآخر إن كان رأى نفس الرؤيا ثم قاما إلى حيث دلهما الشيخ، فوجدا كوخًا وسمعا امرأة تتمت داعية بصوت متعب، يا رب أرسل من يعتني بابني، دخلا الكوخ فلما رأتهما ابتسمت وقالت الحمد لله وفاضت روحها إلى بارئها، وجدا بجانبها طفلًا صغير الحجم جدًا طوله لا يتجاوز كف اليد يجلس عند قدم أمه يبكيها بعد أن ماتت.
تقدمت حميدة نحو الطفل واحتضنته بحنان، فاستسلم الطفل لحضنها وغاص في نوم عميق وكانت تصيبه تشنجات من كثرة البكاء.
أخذ الرجل جسمان السيدة الميتة وحفر لها قبرًا ووضعها فيه وغطى جسمها بورق نضر من شجرة التين ووردًا من شجرة ياسمين كانت قرب الكوخ. ثم دفنها ووضع على قبرها حجرًا كبيرًا حفر عليه كلمة، “تحت هذه الصخرة قبر أم ماتت وهي تعتني بابنها حتى آخر أنفاسها”. ثم غادر مع زوجته والطفل وعادا إلى بلدها.
قالت حميدة لزوجها وهما في الطريق، نحن لم نعرف اسم الطفل ماذا نسميه؟ حك رأسه قليلًا ثم قال: لا أعرف ليس لي خبرة في إطلاق الأسماء.
قالت: سأسميه كف الإيد، لأن حجمه مثل الكف.
ضحك الرجل بقهقهة ثم قال: اسم جديد.. ضحك مرة أخرى بقهقهة.
ظلت حميدة ترعى كف الإيد بحنان كبير حتى زال عنه الحزن ونسى فقدانه لأمه.. كانا الزوجان يطعمان الصبي صغير الحجم أفضل الطعام، فلم يكن في الواقع يحتاج الكثير من الطعام، لذا فرغم فقرهما كان من السهل عليهما إطعامه جيدًا. اشتد عود الفتى مع الوقت وصار قوي البنية، رغم أن طوله لم يزد إلا القليل. كبر الصبي وصار شابًا ولم يزد طوله، لكنه كان يساعد عبد الحميد في أعمال الحقل.
وفي يوم ذهب الفتى إلى كافليه وقال لهما: لقد كبرت يا والداي، ويجب أن أساعدكما، أنتما تبذلان مجهودًا كبيرًا في الحقل، ويجب أن أحمل عنكما بعض العبء.
قالت حميدة بابتسامة: وكيف ستفعل ذلك يا بني؟
رد: سأسافر إلى المدينة أعمل هناك، وسوف أكون غنيًا ثم سأعود لكما وأعطيكما أموالًا كثيرة حتى تستغنيان عن هذا العمل الشاق.
ضحك عبد الحميد بقهقهة وقال: يا كف الإيد وماذا ستعمل؟
رد الفتى بنبرة مترددة: لا.. لا أعرف، لكني سأجد طريقي، لا تقلقا علي.
كانت حميدة تظن أن الفتى يمزح لكنه تابع: لقد جهزت حقيبتي وبنيت مركبًا وسأسافر غدًا.
ظهر على وجه حميدة خوفًا شديدًا وقالت: ماذا تقول يا كف الإيد هل تتكلم جادًا، المدينة يا ولدي كلها مخاطر.. وأنت.. أنت.
قاطعها: صغير الحجم.. أعرف، لكني لست صغير العقل، وسترون ما سأفعل، ولن أتراجع عن قراري، فأرجو أن تساعداني فيه.
خضع الزوجان لقرار الشاب صغير الحجم.. وطلب منهما سيفًا ومأونة للسفر.. لم يعرفا من أين سيحصلان له على سيف يصلح لحجمه، لكن حميدة جاءت لها فكرة، فأعطته مسلة الصوف التي كانت تغزل بها الملابس من صوف الغنم، وصنعت لها جراب من صوف غليظ، ثم أعطتها لكف الإيد في الصباح، ففرح بها ولفها على وسطه وحمل حقيبته وغادر على قاربه، الذي لم يتجاوز طول النصف متر.
ظل القارب يمشي في المياه مدفوعًا بحركة النهر يومان حتى وصل أخيرًا إلى المدينة، فنزل من المركب وبدأ يتجول في طرقات المدينة.
لم يكن يعرف شيئًا في المدينة، ولم يكن يعرف أين يذهب ولا حتى ماذا سيعمل، لكنه كان يريد أن يكون غنيًا، ولأن كف الإيد ذكي فقد فطن أنه لكي تكون غنيًا يجب أن تذهب إلى أغنى مكان في المدينة. رأى سائق حنطور واقفًا يطعم حصانه، فذهب إليه ونادى: يا سيدي، يا سيدي.
لم يعرف الرجل من أين يأتي الصوت، ظل يتلفت حوله يبحث عن مصدر الصوت، وكان صوت الشاب أجشًا رغم صغر حجمه. أخيرًا نظر الرجل عنده قدمه ورأى كف الإيد.
ضحك الرجل بقهقهة وقال: آسف أيها الفتى الصغير لم أتخيل أن مصدر الصوت يكون بالأسفل هكذا.. ضحك مرة أخرى بقهقهة.
رسم الفتى ابتسامة مرحة على وجهه وقال بتهذيب: لا عليك يا سيدي.. أريد فقط أن أسألك عن شيء، فأنا لست من المدينة.
رد الرجل: تفضل، سأجيبك عما تريد أيها الشاب كف الإيد. لم يكن الحوذي يعرف اسمه، لكنه قال صفته، وكانت صفته هي اسمه.
قال كف: أين يقع أغنى مكان في المدينة؟
قال الرجل متعجبًا: لماذا تريد أن تذهب إلى أغنى مكان في المدينة؟
رد: أريد أن أعمل هناك، حتى أصبح غنيًا.
ضحك الرجل بصوت عال وقال: قصير مكير.. قصير مكير.. تابع: أغنى مكان بالطبع هو قصر الملك، أنا ذاهب لهناك الآن، يمكنني أن آخذك.
قال كف: رائع.. إذًا سأركب على رقبة الحصان.
قال له الحوذي: لماذا؟
رد: لأني لو ركبت في الحنطور ستطلب مني مالًا.. أنا (صغير الحجم) سأركب على رقبة الحصان وقتها لن تطلب مني مالًا.
ضحك الرجل بقهقهة وقال: يا إلهي.. يا إلهي.. لم أرى هذا من قبل.. ماكر.. ماكر.. لك ما تريد أيها الشاب صغير الحجم.. لكن لا تنساني عندما تصير غنيًا. ضحك بقهقهة مرة أخرى.
رد كف: وعد لن أنساك.
وصل القصر، ودخل من بين أقدام الحرس، ولم يلاحظه أحد. دخل وتجول فيه حتى وصل إلى غرفة الحكم، فوجد الوزير الأعظم واقفًا يتناقش مع كبير الحرس في إحدى الأمور.. فطن كف بذكائه أن هذا رجل هام في الدولة، فاقترب منه ونادى يا سيدي المعظم.. يا سيدي.
فزع الوزير وكبير الحرس، من أين يأتي هذا الصوت ظلوا يتلفتون حولهم.. أمسك كف برداء الوزير وشده فنظر الوزير إلى أسفل فزعًا ورأى أخيرًا كف الإيد.. قال الوزير بدهشة: ما هذا؟ يا إلهي؟! لم أرى شيئًا مثل هذا من قبل.
رفع كبير الحراس الفتى من على الأرض وقال بنبرة غليظة: من أنت؟ ومن أرسلك أيها الشيطان القزم؟
رد كف الإيد بنبرة فخورة: أنا لست شيطان ولا تدعوني بالقزم أيها الرجل، أنا ابن مزارعين من قرية على ضفاف النهر وجئت أبحث عن عمل، هل عندكم عمل لي، إن لم يكن عندكم سأذهب لأبحث عن عمل في مكان آخر.
ضحك الوزير بقهقهة وقال: خفيف الظل يا هذا الذي لا نعرف كنهه، وجريء أيضًا.
قال كف: هل عندك عمل لي يا سيدي؟
رد: ما اسمك؟
قال: كف الإيد.
ضحك الوزير بقهقهة مرة أخرى وقال: بالطبع هو اسمك، فأنت كف إيد بالفعل.. سأجد لك عملًا بالتأكيد.. فشخص بصفاتك لابد وأن يكون له عمل.. سأفكر قليلًا.. ها.. نعم.. ها.. نعم نعم. أنت ستنضم للشرطة.
أمتعض وجه كبير الحراس.. وقال: هذا الشيء ينضم للشرطة.. كيف ذلك يا سيدي الوزير؟
قال: سينضم لفرقة الجاسوسية، ومن أفضل منه يمكن أن يصبح جاسوسًا، لقد دخل إلى غرفة الحكم وجاء ووقف تحت أقدامنا ولم نلحظ وجوده، كما أنه يبدو نبيهًا وذكيًا.
هز كبير الحراس رأسه موافقًا.. تابع الوزير: لكن سأعرضه على الملك في البداية، سيعجبه جدًا رؤيته.. انفجر الوزير ضاحكًا.
قال كف لكبير الحراس بنبرة آمرة: أنزلني على الأرض، فقد قال لك الوزير أنه سيشغلني، أنزلني إذا سمحت.
عرض الوزير كف على الملك، وقد أعجب الملك به جدًا ولم يتوقف عن الضحك طوال فترة وجود كف الإيد، ورغم أن هذا قد جرح مشاعره إلا أنه لم يظهر ذلك، وقد أصر من داخله أن يثبت لهم أنه لا يستهان به أبدًا. وافق الملك على فكرة تعينه في فرقة الحراس، وأرسله مباشرة في مهمة رسمية للتجسس على إحدى الجيوش التي كانت تتربص بحدود المملكة.
ذهب وتسلل داخل معسكر الجيش ثم تسلل إلى خيمة القائد واختبأ خلف الأريكة، واستمع إلى كامل خطتهم والتي كانت تتضمن إحداث بلبلة وهرج داخل المدينة في الوقت الذي يقوم به جيش العدو مهاجمتها فيسهل عليهم إسقاطها. استمع للخطة كاملة ثم تسلل خارجًا وعاد سريعًا إلى الملك وأخبره بالخطة، وبناءً على المعلومات التي قالها كف استطاع الملك إيقاف المؤامرة وانتصر على هذا الجيش، وحصل كف على وسام الشجاعة، وعلى مكافأة كبيرة من الملك.
عاد كف الإيد إلى قريته وأخبر عبد الحميد وحميدة بما حدث ثم أخبرهما أن يأتوا معه إلى المدينة فرفضا وقالا له نحن نحب حياة القرية وتعودنا عليها، اذهب أنت وتعال لزيارتنا كلما سنحت لك الفرصة، فأعطاهما الكثير من المال ثم غادر على وعد بالزيارة. ذهب إلى الحوذي وعينه سائق خاصًا له وأعطاه راتبًا كبيرًا.
توالت المهام السرية على كف واستطاع بدهائه أن ينجح فيها جميعًا واستطاع أن يوقف العديد من المؤامرات حتى قلده الملك وسام البطولة وأعطاه رتبة فارس وهي رتبة كبيرة لا تعطى إلا للقليل.
صار أهم شخص في فرقة الجواسيس الملكية وصار محط أنظار كافة أفراد الفرقة بل ومحط حسدهم وغيرتهم. وذلك رغم حجمه الصغير.. وكانوا رغم ذلك لا يتورعون عن السخرية منه ومن صغر حجمه غيرة منه وحقد عليه لأنه اجتازهم جميعًا. قالوا له لولا أنك صغير الحجم ما كنت حصلت على أي شيء من تلك الأوسمة. كان ذلك يغيظ كف جدًا.. لكنه قرر أن يثبت لهم أنه أفضل منهم بمهارته وذكاءه وليس لأنه صغير الحجم.
وفي يوم وبينما كان يتجول في الطرقات، سمع بعض الكلام عن وجود امرأة تقوم بأعمال سحرية لشفاء الناس، فقرر التسلل لدارها ومعرفة أمرها.. واكتشف أن المرأة على صلة بأحد أعداء الإمبراطورية وأنها تخطط لخطف الأميرة ابنة الملك.. وأنها قد صنعت وحشًا ضخمًا يطير اسمه طائر الرخ وستطلقه في تلك الليلة ليخطف الأميرة وهي في إحدى الحفلات.
بسرعة خرج من منزل الساحرة وركب على رقبة حصان وشده من أذنه بقوة فانطلق الحصان يجري مثل البرق. وصل مكان الحفل ورأى الرخ المسحور يحلق فوق المكان ينتظر ظهور الأميرة.. نزل كف من على الحصان وجرى بأقصى سرعته وتسلل إلى الحفل، خرجت الأميرة وكانت ترتدي فستانًا ورديًا جميلًا.. خطفت الأميرة قلبه بمجرد أن نظر إليها وتمنى لو تحبه، لكنه سرعان ما شعر بالإحباط يغمره، فهي إن قبلت أصله الوضيع فكيف يمكنه تخطي حاجز شكل جسده المتقزم، عاد إلى الواقع عندما رأى التنين يحلق على مسافة منخفضة، جرى ناحية الأميرة، نزل الرخ إلى الأرض وأطاح بكامل الحراس وظل يقتلهم واحدًا تلو الآخر وهم يحاولون حماية الأميرة، تسلل كف من بين أرجل الرخ وصعد على ظهره بمهارة كبيرة، أخرج المسلة التي أعطتها له حميدة من جرابها وكان لا يزال يربطها على وسطه يتباهى بها كأنها سيف.. وكان بالطبع يسخر الجميع منه بسبب هذا.
أخرج المسلة وتحرك برشاقة فوق رأس الرخ ثم قفز على أنفه، رأى الرخ كف أخيرًا، لكن قبل أن يهشم جسده، قفز كف وغرس المسلة في عين الرخ اليمنى، ثم قفز سريعًا وغرسها في عينه اليسرى. واقتلعها من مكانها ثم أخذها على مسلته وقفز. صار الرخ لا يرى شيئًا فحاوطه الحراس وتمكنوا منه وقيدوه.
ظل كف يمشي متبخترًا وهو يرفع عين التنين اليسرى على سن المسلة التي سخر منها الجميع، نظرت له الأميرة بإعجاب وكانت قد سمعت عنه كثيرًا من كلام والدها ورأته قبل ذلك وهو في قاعة الحكم لكنه لم يراها. تابع المشي بفخر وليظهر شجاعته أكثر بدأ يأكل في عين التنين.
والعجيب أنه وجدها شهية الطعم، فظل يأكل فيها حتى أكلها عن آخرها.. لكنه سقط فجأة على الأرض. ظن الجميع أن العين مسمومة وأن البطل صغير الحجم قد مات بعد أن أنقذ الأميرة.. حاوطه الجميع تنهال من عيونهم الدموع ويجهش بعضهم بالبكاء.
لكن فجأة بدأ يخرج من جسده أضواء باهرة، ارتعب كافة الحضور وتراجعوا للخلف.. أعمى الضوء العيون فلم يستطع أي شخص أن ينظر ناحية جسده الملقى على الأرض.. بعد لحظات زال الضوء ونظر الجميع لجسد كف، ليجدوه قد كبر في الحجم وصار طويل القامة شديد البنية.
قام كف ونظر إلى جسده بإعجاب وفرح، لم يكن مصدقًا نفسه.. كان وسيمًا جدًا وأحبته الأميرة كما تمنى لكنها بالطبع لم تخبره.
أعطاه الملك وسام الإمبراطورية من الدرجة الأولى وعينه قائد فرقة الجواسيس الملكية. وأظهر كف مهارة فائقة في القيادة وأظهر للجميع أن مهارته تنبع من ذكاءه وليس من صغر حجمه كما أدعى زملائه في السابق.
مرت سنة وكف الإيد يحصد الانتصارات واحدًا تلو الآخر، لكنه رغم ذلك لم يكن سعيدًا فهو يعلم أنه لن يفوز أبدًا بالأميرة التي عشقها. بلغت الأميرة العشرين وهو ميعاد زواجها، وفي هذا الحدث يعلن الإمبراطور عن مسابقة للأمراء، مسابقة شديدة الصعوبة من يفوز بها يتزوج الأميرة.
تقدم كف للمسابقة رغم معرفته أنه من المستحيل أن يُسمح له بالدخول إليها، فهو يجب أن يكون أميرًا ليدخل المسابقة، كيف يدخلها وهو يتيم مجهول الأب؟!
وبالفعل تم رفض طلبه، لكن الأميرة لما عرفت بذلك ذهبت إلى الملك وقالت له أنها لن تقبل الزواج أبدًا من أي شخص لو لم يسمح لكف بالدخول للمسابقة.
قال الملك أن هذا مخالف لقوانين المملكة، فقالت له إن كف قد حصل على وسام الإمبراطورية من الدرجة الأولى وهذا يجعله في مقام الأمراء لذا فدخوله المسابقة لن يخالف القوانين.
وافق الإمبراطور على طلب الأميرة وأصدر فرمانًا بقبول كف في المسابقة لكونه قد حصل على الوسام الأعظم، وفاز كف في المسابقة وانتصر على كافة الأمراء.
وفاز بالأميرة وحضر زواجهما عبد الحميد وحميدة وكانا سعيدان جدًا بطفلهما الذي كبر وتزوج الأميرة.
عاش كف الإيد والأميرة سويًا في سعادة إلى الأبد…
الفتاة الخشبية .. من حكايا العرب القديمة