تاريخ

كيف ساعد طريق الحرير في انتشار الموت الأسود وانتقاله للقارة العجوز

كيف ساعد طريق الحرير في انتشار الموت الأسود وانتقاله للقارة العجوز
كان لطريق الحرير إرثًا غامضًا وقاتل فقد ساهم في انتشار أحد أسوأ الأوبئة الأولى في التاريخ عُرف باسم الموت الأسود على طوال الطريق حتى وصل إلى أوروبا وساهم في موت 50 مليون شخص ما بين 1346-1352م

وطريق الحرير هو شبكة الطرق التجارية التي تربط بين الصين والشرق الأقصى وأوروبا من عام 130 قبل الميلاد حتى عام 1453م، وأصبح الطريق حيوي لكل شيء، انتقل من خلاله التوابل والأقمشة والسلع الجلدية والأحجار الكريمة، وساعد الطريق في ربط المجتمعات ومشاركتهم الابتكارات منها الورق والطباعة وكذلك اللغة والثقافة والمعتقد الديني.

فقد سمح طريق الحرير ربما لأول مرة بالانتقال المستمر للمرض إلى المستوطنات الآسيوية في أسيا الوسطى ومنها إلى أوروبا.

طريق الحرير مصدرًا لمرض الموت الأسود

يوضح البرفسور مارك ويلفورد في كتابة “جغرافية وباء الطاعون” الأسباب التي ساعدت طريق الحرير على انتشار الميكروبات المسببة للأمراض أنه لم يكن مجرد مسار واحد فقد كان الجزء البري من طريق الحرير عبارة عن مجموعة من المسارات التي انقسمت وأعيد ربطها عبر سهول آسيا الوسطى، وشبّه بالدورة الدموية وأوردة الإنسان ..!

وعلى الطريق كان هناك محطات عديدة مثل القرى والبلدان والخان، وامتدت هذه الخانات لآلاف الأميال من شرق آسيا إلى تركيا، كما أن قوافل التجار كانت تنتقل ذهابًا وإيابًا لمبادلة السلع المحلية أو البيع بالذهب والفضة ثم يعادوا لمنازلهم مرة أخرى.

أثناء ذلك مر التجار وحيواناتهم على مواطن العدوى التي انتشرت ببطء وبشكل تدريجي بين النقاط المتناثرة على طريق الحرير، مما جعل ذلك مصدرًا خطيرًا للعدوى.

البراغيث سببًا للعدوى

في دراسة عام 2015م اقترح علماء من النرويج والسويد فرضًا أن التقلبات المناخية في سهول آسيا الوسطى تتسبب في موت مفاجئ للحيوانات المقيمة كالقوارض، وهذا بدوره جعل البراغيث حاملة لبكتيريا يرسينيا الطاعونية، وانتقلت للإبل ومنها للبشر وبعد عدة سنوات من نقل البراغيث ووفقًا لتلك النظرية استغرق الوقت عقدًا من الزمن حتى تمكنت القوافل من نقل الطاعون بالتدريج باتجاه الغرب حتى وصل لحافة أوروبا.

وحسب ويلفورد فإن مدينة كافا المعروفة اليوم بفيودوسيا هي ميناء يقع في شبه جزيرة القرم على ساحل البحر الأسود، هي نقطة انطلاق الطاعون في العصور الوسطى من آسيا إلى أوروبا، غادر سكان البندقية بالقارب وأصابوا القسطنطينية وأثينا وهم بطريقهم إلى صقلية والبندقية، ولكن الاعتقاد الشائع أنه وصل إلى القسطنطينية عبر الطريق البري.

وزعمت أحد الروايات الشهيرة بالقرن الرابع عشر أن الطاعون دخل عمدًا لكافا بسبب حرب بيولوجية استخدمها المغول بعد إلقائهم لجثة مصابة بالطاعون على أسوار المدينة.

الموت الأسود ينتقل من الشرق إلى الغرب

أصبح الطاعون في النهاية كارثة في الشرق والغرب، يوضح البرفسور كريستوفر آي بيكويث مؤلف كتاب إمبراطوريات طريق الحرير، أن الطاعون قتل الكثير من حكام المغول والنخب وأضعف الجيش والاقتصاد، وتشير التقديرات أنه قتل 25 مليون شخص في آسيا وشمال إفريقيا ما بين 1347-1350 بجانب القتلى في أوروبا.

أثار باحثون ألمان عام 2019 احتمالية انتقال المرض لآسيا بطرق متعددة بعد تفشي المرض في منطقة فولجا الروسية عام 1346م، وعلى أي حال عندما وصل الوباء الأسود إلى أوروبا هاجم السكان الذين ضعفوا بالفعل بسبب سوء التغذية والوحشية الإقطاعية، وبالطبع انتقل منهم لطبقة النبلاء حتى شمل سكان القارة وعم الفقر والمجاعة.

الموت الأسود يُجبر العالم المتصل حديثًا على الحجر الصحي

وبدون المعرفة العلمية كافح الأوروبيون اعتمادًا على التجربة لإيجاد حل لمحاربة المرض، حتى تلاشى الطاعون بسبب الحجر الصحي والانعزال، طور الأطباء أقنعة بدائية وأطواق صحية ولكنه لم ينتهي بالكامل عادت سلالات مختلفة من نفس البكتيريا لتدمر أوروبا مرة أخرى حتى القرن الثامن عشر، ووجد الباحثون أن سلالة من المرض الذي تطور في أوروبا وصلت في النهاية إلى الشرق وتسببت في مقتل ملايين الأشخاص بالصين في القرن التاسع عشر.

وقد تزامن انتشار الموت الأسود مع بداية عالم أكثر ارتباطًا وتكاملًا ويرجع الفضل لذلك جزئيًا لطريق الحرير، الذي ساعد في انتشار الابتكارات وكذلك الميكروبات بسهولة عليه.

المصدر
المصدر

هاجر طلعت

طالبة دكتوراه تخصص إعلام - تكنولوجيا الصحافة أحب التدوين وكتابة المقالات شاركت في تأسيس عدد من المواقع العربية مهتمة بالزراعة المنزلية والتصميم والقراءة والتصوير .
زر الذهاب إلى الأعلى