كيف غيرت الأعاصير التاريخ ؟
في كل عام يضرب إعصارين الولايات المتحدة ودول أخرى من العالم مخلفًا وراءه الكثير من الدمار، ووفقًا لـ إيريك جاي مؤلف كتاب ” A Furious Sky: The Five-Hundred-Year History of America’s Hurricanes ” فإن تلك العواصف القوية تسببت في إضرار بالغ بمليارات الدولارات، في القرن التاسع عشر قتلت ما يقرب من 30 ألف شخص، بجانب الندوب التي تركها على المناظر الطبيعية، وغير الأعاصير أيضًا التاريخ بشكل غير متوقع.
5 أعاصير غيرت التاريخ
1- منع إعصار فلوريدا تحويلها لمستعمرة فرنسية
قبل أكثر من مائة عام من قيام البحار الأسباني بيدرو مينينديث دي أفيليس من تأسيس مستعمرة أوغسطين في سبتمبر عام 1565م، ووضع الفرنسيون أقدامهم في فلوريدا بعد إنشاء حصن كارولين عند مصب نهر سانت جونز.
وسعى دي أفيليس لتدمير المستعمرة الفرنسية الوحيدة وكانت الطبيعة حليفة له بعد أيام من تأسيسه للمستعمرة، توارى أسطول فرنسي بقيادة جان ربيو قبالة سواحلها وطالبوه بالاستسلام، وقبل إرساله للرد ضرب إعصارًا السفن باتجاه الجنوب، وترك الحصن بدون حصانة مما ساعد دي أفيليس بمهاجمة المستعمرة الفرنسية وقتل 130 مستوطن، وبعد أسابيع أعدم الأسبان الناجين من حطام السفن الفرنسية، ووضع حدًا لمحاولات فرنسا لاستعمار فلوريدا.
يقول إيريك جاي فكر كيف تغير التاريخ بهذا الإعصار بدلًا من سيطرة الأسبان كانت فلوريدا تحولت لمستعمرة فرنسية وتمت التسوية مع كندا.
2- إعصار جيمستاون
في يونيو 1609م أبحرت مهمة إمداد مكونة من تسع سفن وحوالي 500 مستعمر من إنجلترا لتجديد مستعمرة جيمستاون الناشئة، وقبل أن تصل القافلة إلى أول مستوطنة بريطانية في أمريكا الشمالية، دمر الإعصار سفينة Sea Venture البالغ وزنها 300 طنًا والتي كانت في قيادة الأسطول وبعدت عن مسارها بعيدًا، نجا الناجون وبنوا سفينة أصغر حجمًا ووصلوا لجيمستاون ولكن بسبب نقص الإمدادات تضاءل عدد السكان بالمستعمرة من 500 لـ 15 بحسب الوثائق تحولت المستعمرة لأكل لحوم البشر بسبب الجوع.
بالإضافة إلى تأثيره على التاريخ الأمريكي الاستعماري فقد غير الإعصار التاريخ الأدبي عندما وصلت الأنباء المروعة عن مستعمرة جيمستاون لإنجلترا، كتب وليام ستراشي عن الحادث شاهد عيان لحطام السفينة..
تداولت روايته عام 1610 في انجلترا وفي نفس الوقت كتب الكاتب المسرحي ويليام شكسبير مسرحية عن عاصفة عنيفة تسببت في غرق سفينة في جزيرة نائية، يقول بعض العلماء الذين اهتموا بدراسة أدب شكسبير أنه استعان بكتاب True Reportory في روايته العاصفة.
3- إعصار قاد للعصر الذهبي للقراصنة
في يوليو 1715م أبحرت 12 سفينة محملة بالجواهر والذهب والفضة من مستعمرات أسبانيا بأمريكا الوسطى والجنوبية على طول الساحل الشرقي لفلوريدا، ولكن دمر إعصار قوي أسطول الكنوز الأسبانية بالقرب من شاطئ فيرو، هربت جميع السفن باستثناء سفينة واحدة تحطمت أمام الشعاب المرجانية وتناثر الحطام على امتداد 30 ميل من المياه الضحلة.
اقرأ أيضًا: القرصان بنجامين هورنيجولد الذي هاجم سفينة تجارية من أجل سرقة قبعات الطاقم
دفع ذلك العديد من البحارة للنزول لجمع القطع الذهبية وقرروا البقاء في منطقة البحر الكاريبي ليصبحوا قراصنة، تحول هؤلاء الباحثين عن الذهب لقراصنة العصر الكاريبي وساهم ذلك في ظهور أساطير القراصنة الذين نهبوا السفن التجارية بمنطقة الكاريبي والمحيط الأطلسي.
4- إعصار تسبب في جعل ألكسندر هاميلتون من الآباء المؤسسين
في أعقاب إعصار أغسطس 1772م الذي ضرب جزيرة سانت كروا بمنطقة الكاريبي كتب شاب روايته عن أب تخلى عن أسرته، غيرت تلك الرواية حياة مؤلفها ألكسندر هاميلتون الذي أظهر من خلالها براعته الأدبية من خلال نثره، الذي عبر بقوة عن ما حدث بعد الإعصار وما خلفه من آثار.
أثارت الرواية إعجاب Hugh Knox الذي طبعها على نفقته الخاصة ونشرها بإحدى الصحف وقام العديد من رجال الأعمال بتجميع المال لتمويل منحة دراسية للشاب الموهوب ذو 17 عام لمواصلة تعليمه في المستعمرات الأمريكية، وغادر المدينة وانضم للثورة الأمريكية وأصبح أحد الآباء المؤسسين للولايات المتحدة ويُنسب إليه الفضل في وضع النظام المالي الجديد.
علق إيريك جاي لم يعرف هاميلتون أنه بروايته عن الكارثة الطبيعية ساعد في الخروج من الفقر بعد وضعه للنظام المالي الجديد للولايات المتحدة.
5-الإعصار حليف النصر للثورة الأمريكية
أثناء اجتياحها لموانئ البحر الكاريبي والتي استخدمتهم كل من القوات الفرنسية والبريطانية كمناطق انطلاق وقت الثورة الأمريكية أودى الإعصار العظيم عام 1780م بحياة ما يقرب من 22 ألف شخص وخسر البريطانيون 8 سفن بجانب 40 سفينة فرنسية ومات آلاف الجنود على متنهم.
اقرأ أيضًا: تمرد الويسكي .. بسبب ضريبة لم تستطيع أمريكا تحصيلها أبدًا
أجبر الإعصار فرنسا على توقيع اتفاقية معاهدة عام 1778م لتوفير الدعم العسكري للمواطنين الأمريكان وجعلهم يوافقون على طلب جورج واشنطون بتحريك سفنهم شمالًا وقاموا بإصلاح سفنهم في شتاء 1781م ونقل الفرنسيون سفنهم شمالًا على ساحل فرجينيا، ومنعت السفن الفرنسية السفن البريطانية من الهروب عبر البحر أثناء حصار يوركتاون والتي انتهت باستسلام القوات البريطانية ونهاية الثورة الأمريكية فعليًا.