قصص الرعب

لعنه أوباس.. الجزء الأول

بقلم: عبدالوهاب صبري

لعنه أوباس.. الجزء الأول، بقلم: عبدالوهاب صبري

“ياعلي متوهمش نفسك محدش موجود بالاسم ده”.

السلام عليكم ورحمة الله..

أولًا كده أحب أعرفكم بنفسي: أنا علي، دكتور أمراض نفسية وعصبية، صاحب عيادة نفسية مشهورة في مكان مقبول، يعني تقدر تعرف المرضى بتوعي من الفئة اللي تقدر تدفع تمن بيع “الوهم للمريض”.. الاقتناع إنك كويس والحكايات اللي ملهاش آخر، بس أنا اخترت أبحاثي تتركز في موضوع معين، وهو الهلاوس البصرية والسمعية.

من طبيعة شغلي عرفت حكايات كتير عن الدجالين، وبيع الوهم للمرضى على إنه حقيقة، بس أنا كنت بحاول إني أشوف شغلي بدون ما أتعرض لحد منهم.

كل مريض كان بيحكي حكاية بيكون عنده يقين إنها حقيقية، مهمتي إني أكشف له الحقيقة بعد ما يتأكد من حقيقة إنه مريض، وكان أغلبهم بيكون مقتنع إن ده جن وكلام كتير أوي من كلام الدجالين اللي بنسمعه كل ساعة.

نسيت أقولكم أنا لا أؤمن بوجود الجن والعالم الآخر،
يمكن حاولت أتقبل الفكرة دينيًا، لكن عقليًا مش مقتنع بيها ولا هقتنع لحد ما…

كانت كل حاجة في حياتي طبيعية جدًا.. لحد كل حاجة ما اتغيرت من يوم ما بدأت أتعامل مع عم صبحي، عامل المشرحة..
كان بيجي يحكيلي عن المشاكل اللي في حياته، بس أنا كنت بتخنق من عم صبحي بسبب ريحة الموت، “عامل مشرحة” هيحكيلي إيه غير عن الموتى والعفاريت اللي بيشوفهم كل يوم!

بالرغم إنه راجل طيب، إلا إني كنت غصب عني بتعايش معاه علشان منهروش، وواحد زي ده أكيد مش هيتكلم في أي حاجة مفيدة.. وكالعادة كان كل ال بيتكلم فيه عفاريت وأصوات الأموات اللي بيكلموه، وموتى بيعدوا قدامه، وكل الكلام اللي تقدروا تقولوا إن آخره فيلم رعب رخيص.

بس اللي أكيد إن عقله الباطن بيصورله كتييير، راجل عدى الستين من عمره ومكان شغله لايحسد عليه صراحة، مشرحة وجثث وإهانة، بعيدًا عن كل ده أنا كنت بخاف منه لسبب معرفوش!

يوم زي أي يوم في المستشفى قاعد في المكتب، الباب خبط خبطات ضعيفة تبين إن الشخص اللي واقف وراه عاوز يخبط بس عنده استحياء:
– دكتور علي لوسمحت أنا كنت محتاج أتكلم معاك شوية.
– خير ياعم صبحي، أنا تحت أمرك..
-ممكن بس أجي لحضرتك العيادة؟

مع إني استغربت من السؤال، بس مكنش ينفع أقوله لا:
– تنورني ياراجل ياطيب.
– شكرًا يادكتور.

الغريبة إن عيونه كانت بتبص على حاجة ورايا! وخرج بعدها بسرعة!
استغربت، بصيت ورايا لقيت كل حاجة طبيعية، روحت البيت اليوم ده منهك جدًا من الشغل.. نمت ساعتين زي ما متعود كل يوم، بس لأول مرة أحلم بأحلام غريبة!
أكفان في كل مكان حوليا وأصوات غريبة!

صحيت مفزوع كذا مرة، وكل مرة زي ما يكون حاجة بتشدني للنوم! وقتها حسيت إن فيه حد واقف جمب السرير!
في اللحظة دي كان أقصى درجات الرعب النفسي.. شقة مقفولة وعايش لوحدي، كوابيس وكمان حد في الأوضة، مقدرتش أفتح عيني من الخوف..
“اللهم إني أعوذ بك من همزات الشياطين وأعوذ بك ربي أن يحضرون”.
قعدت أكررها أكتر من مرة لحد ما حسيت إني بدأت أطمن.

بصيت جمبي ملقتش حاجة، هديت شوية وخرجت على العيادة لقيت عم صبحي قاعد علي السلم مستنيني:
– عم صبحي إيه اللي مقعدك هنا.
– أصل السكرتيرة قالتلي استنى حضرتك برة.
– طيب تعالى ياعم صبحي، أنتِ إزاي تقعدي الراجل على السلم؟ الظاهر إنك نسيتي شغلك!

دخلت على المكتب:
اتفضل ياعم صبحي، احكيلي مالك؟
– أنا، أنا كويس بس يادكتور أنا بشوفهم!!
– تاني؟ بتشوف مين ياعم صبحي؟
– بشوفهم عايشين حولينا واقفينلي في كل مكان.

في اللحظة دي حسيت بخبط جامد برة الباب، لقيته ارتبك وبدأ يتلفت حوليا زي ما يكون خايف من حد بيطارده، وقتها خرجت من المكتب لقيت المكان مفهوش حد!
العيادة فاضية كل اللي فيها اختفى، كل اللي فيها بمعنى إن مفيش كراسي، مفيش مرضى، مفيش جدران، المكان عبارة عن “فراغ”.. فراغ وبس، كل حاجة حوليا اختفت، حسيت إن الأضواء بتقل تدريجيًا لحد ما كل حاجة اسودت.

أنا مش فاهم حاجة! بحاول اتحرك امشي مفيش حاجة:
– حد موجووود!!
– حد سامعني!!
-أنا فيين!!

في نفس اللحظة دي بدأت أشوف نور بعيد، فيه حاجة منورة قدامي أنا شايفها، معرفش ليه شامم ريحة غريبة، إحساسي بيقولي دي ريحة الموت! بس كنت كل ما بقرب من النور ده الجو بيزداد برودة بدرجة فظيعة، حسيت إن جسمي بيتجمد مكاني من اللي شوفته.. ده مش نور، ده “كفن”!

كنت بحاول أهرب في كل مكان، بس كان كل مكان بيظهر منه كفن جديد، ميت جديد واقف قدامي، وقتها بدأت أسمع صوت قطة مزعج وعااالي أووي لدرجة خلتني أسد وداني، وفضلت أصرخ:
“ربي أعوذ بك من همزات الشياطين وأعوذ بك ربي أن يحضرون”
“قال اخسئوا فيها ولا تكلمون”.

مع كل كلمة كنت بنطقها كان بيزيد الصريخ بتاع القطة، بس وقتها رجع النور تلقائيًا، كل حاجة رجعت طبيعية.. بس أنا قاعد في العيادة زي ما أنا، دورت على عم صبحي ملقتهوش، طلعت بره تاني وأنا خايف أطلع أشوفهم تاني، رجلي مكنتش شيلاني، سألت السكرتيرة:
– الراجل اللي كان معايا خرج؟
– يادكتور حضرتك داخل لوحدك!
– يعني ايييييه!!!

سبتها وطلعت على المستشفى زي المجنون، سألت التمريض فيه حد منكم شاف عم صبحي؟!!
محدش كان بيجاوبني كانوا ببتجاهلوني!
-المشرحة في آخر الطرقة ممكن تلاقيه هناك يادكتور.
صوت واحد من التمريض كان معدي.

أنا بقالي أكتر من 10سنين في المستشفى عمري ما فكرت أروح المشرحة، كنت بخاف من الموت وريحته، المشرحة في آخر ممر طويل، أغلب الأنوار بايظة، لون الجدران مليانة كآبه، كل حاجة ريحتها موت.
وصلت لقيت عم صبحي قاعد علي كرسي خشب قديم قدام باب المشرحة:
– نورت يادكتور.

… يتبع

زر الذهاب إلى الأعلى