لمَّا كان عندها 12 سنة، نشرِت باربرا أول رواية ليها، كانت بعنوان (منزل بلا نوافِذ)، الرواية دي هي خلصتها تمامًا وهي عندها 9 سنوات بس، لكن للأسف النسخة الأصلية بتاعتها تفحّمِت تمامًا في حريق، فأعادِت كتابتها مرة تانية اعتمادًا على ذاكرتها بس، جريدة (نيويورك تايمز) شافِت إن الرواية فعلًا كويسة، وكمان إليانور فارجوين، كاتبة الأطفال الإنجليزية الشهيرة اللي قالت عن الرواية: “أنا مش عارفة أقول إيه عن الكتاب دا غير إنه مُعجِزَة”.
بعدها بسنتين بس، باربرا اللي كانوا بيطلقوا عليها الطفلة العبقرية كتبت روايتها التانية (رحلة نورمان) وبدأت أعمالها تزيد وكان بايِن جدًا إن الطفلة دي فيه مُستقبَل باهِر في انتظارها.
لكن قبل عيد ميلادها الـ 26 بـ 3 شهور بس، باربرا اختفَت تمامًا بدون ما تسيب أي أثر، ولحَد النهاردة.. ما زال اختفائها واحِد من الألغاز اللي مالهاش أي حل أو تفسير.
خلونا نبدأ من الأول..
باربرا اتولدِت يوم 4 مارس 1914.. والدها كان الكاتب ويلسون فوليت ووالدتها السيدة هيلين، كانِت طفلة موهوبة وعندها هوس بالحروف وتكوين الكلِمات، لمَّا كمّلت 3 سنوات، تسلَّلِت لغُرفة والدها وبدأت تقلده وتضغّط على زراير الآلة الكاتبة الخاصة بيه، ووالدها كان فخور بيها أوي وهو شايفها متعلَّقة بيها بالشكل دا.
لمَّا كمّلت 5 سنوات، كانت والدتها –السيدة هيلين– بتعلمها بنظام التعليم المنزلي، ودا سَمَح لباربرا إن يكون عندها وقت فراغ تمارس فيه إبداعها الفكري، وبدأت تكتب أول حكاياتها اللي كانت بعنوان (حياة عجلة الغزل، الحُصان الهزَّاز، والأرنب).
ولمَّا كمّلت 8 سنوات كانت بدأت تكتِب أول رواية طويلة في حياتها، وعلى عكس باقي الأطفال اللي في سنها رفضِت تكوين صداقات عشان تسيب مساحة من الوقت تمارِس فيها إبداعها، وخلال فترة طفولتها كانت خلقت وصمِّمِت عالم سحري كامِل اسمه (فاركسوليا) لدرجة إنها اخترعِت لُغة كاملة جوا العالم دا سواء على مستوى الحروف أو الكلمات.
في النهاية.. وفي سنة 1926 كانت خلَّصِت أول رواية ليها وهي (منزل بلا نوافِذ) واللي كانِت مكوَّنَة من 40 ألف كلمة، والرواية كانت بتتكلِّم عن طفل هرب من وحدته للغابة عشان يكوِّن صداقات مع الحيوانات هناك.
ويلسون فوليت كان بينشُر أعماله مع (Knopf) في نيويورك، وقرَّر يعرض رواية بنته على الناشِر، ولدهشته الناشِر أعجَب بيها وقرَّر ينشرها.
في فبراير 1927، بدأت الآراء الإيجابية تظهَر وتزيد، والبنت الصُغيّرة لقت نفسها مشهورة لدرجة إن الناقِد الشهير هنري لويس منكن كتب جواب لوالدها ووالدتها عشان يهنئهم على موهبة بنتهم.
لكن دوام الحال من المُحال..
بسبب أزمة مُنتصَف العُمر، ويلسون فوليت قرَّر يهجُر أسرته ويهرب مع شابة صُغيّرة، باربرا الصُغيَّرة كانت مُحبَطة ومُدمّرة تمامًا، هيلين حاولِت تهوِّن على بنتها شوية، قرَّرِت تاخُد بنتها لرحلة بحرية في الجزر الكاريبية، وأثناء الرحلة دي شاركت الأم بنتها في كتابة كتاب عن رحلتهم، الكتاب اللي اتنشَر سنة 1932.
لكن من سوء الحظ، إن سنة 1929، الفلوس اللي معاهم خلصت، وفي نفس السنة حَصَل الكساد العظيم، وأحلام وطموحات باربرا في امتهان الكتابة بقت في مَهَب الريح، عشان كدا لمَّا كان عندها 16 سنة أخدِت كورس سكرتارية سريع، واشتغلِت سكرتيرة، لكن أحلامها في الكتابة والنشر كانت لسَّه جواها، لأن بحلول سنة 1934 كانِت كتبت كتابين كمان بعنوان (الجزيرة المفقودة) و (رحلات بدون حمار).
لكن للأسف.. وبدون دعم والدها.. باربرا محقَّقتش النجاح المطلوب، عشان كدا قرَّرِت إن حياة البيت وتكوين أسرة هيكون حاجة مُناسبة ليها في الوقت دا، وفي الفترة دي كانِت اتعرَّفِت على شخص اسمه نيكرسون روجرز، ارتبطوا وحياتهم استقرَّت، كانوا عايشين في بروكلين، باربرا كانِت متعوِّدة تسافِر، في نوفمبر 1939.. باربرا رجعت من رحلة بحرية عشان تكتشِف اكتشاف زلزل حياتها كُلها.. جوزها كان بيخونها.
وبدأت حياتهم العاطفية تبوظ، وبدأت الخلافات والجدالات تزيد بينهم، وبعد واحِد من الخلافات الشديدة بينهم، يوم 7 ديسمبر 1939 باربرا خرجِت من بيتهم ومعاها 30 دولار.
ومرجعتش مرة تانية..
نيكرسون استنى إنها ترجَع لمُدة أسبوعين قبل ما يبلَّغ عن اختفاء زوجته، وبعدها استنى 4 أسابيع كمان لحَد ما يعمل تقرير رسمي باختفائها، دوَّروا في المشرحة لكن بدون فايدة، وبدأت رحلات البحث العامة تنتشِر، لكن محدِش قدر يوصَل أو يتعرَّف على باربرا نهائيًا، وتوقَّفِت رحلات البحث بسُرعة جدًا.
13 سنة.. دي المُدة اللي قضّتها والدة باربرا وهي بتضغَط على السُلطات ووسائل الإعلام، كانت بتقول إن زوج بنتها مبذلش أي مجهود عشان يلاقيها ولا كان مُهتَم باختفائها، ولمَّحِت أكتر من مرة إنه متورِّط في اختفائها بطريقةٍ ما، كانت مُقتنِعة إنها هتلاقي بنتها، وفضلت تدوَّر عليها لحَد آخر يوم في عُمرها.
سنة 1966.. بعد 27 سنة من اختفاء بنتها، نشرِت هيلين دراسة عن بنتها المُختفيّة، وبسُرعة بدأ ناس كتير تنضَم ليها في رحلات بحث جديدة، لكن باربرا.. مكانش ليها أي أثر!
النظرية الأساسية اللي بتحاوِل تفسير اختفائها بتقول إن باربرا قلِّدت بطل روايتها، الطفل اللي هرب من وحدته عشان يصاحِب حيوانات الغابة، أو بطلة روايتها التانية اللي خرجت في رحلة بحرية لاكتشاف عالم جديد.
للأسف.. اللي حَصَل للطفلة العبقرية ما زال لغز لحَد النهاردة، محدِش عارِف اللي حَصَل ولا عنده حتى تفسير منطقي، عشان كدا لغز اختفاء الطفلة العبقرية كان جدير يكون موجود معانا في حقل الألغاز الخاص بينا..