حدث بالفعلطلاسم

لغز الأختان بابين

لغز الأختان بابين
يوم 2 فبراير 1933، كريستين وليا بابين ارتكبوا جريمة قتل بشعة ووحشية، بس إيه الدافِع اللي ورا الجريمة دي؟ هل هو الجنون؟ شهوة الدماء؟ الطبقية؟ لحَد النهاردة، مازال الدافِع ورا الجريمة مجهول، وعلى الرغم من إن مئات الأسئلة ظهرت في محاولة لفهم الأمر، إلا إن الإجابة ما زالت مجهولة حتى الآن..

لغز الأختان بابين

الأختين اتولدوا في أسرة عامِلة، اللي رباهم كانوا عماتهم، أعمامهم، ودار أيتام كاثوليكية، كريستين كانت بتحلَم تبقى راهِبة، زيها زي إيميلي بالظبط، لكن والدتهُم رفضت دا تمامًا، ولأنهم بنتين مُطيعتين فكريستين اللي اتولدِت سنة 1905، وليا اللي اتولدت سنة 1911، سمعوا كلام والدتهم، واشتغلوا كخادمات أو كمُساعِدات لواحدة من الأسر الغنية.

متجر الكتب 3

سنة 1926، الأختين بابين، اللي كانوا بيحبوا يشتغلوا سوا، لقوا وظيفة كخادمتين عند السيد رينيه لانسيلين، المُحامي المُتقاعِد اللي عايش في لومان بفرنسا مع زوجته ليوني وبنتهم المُراهِقة جينفيف.

ظاهريًا.. الأمور كانِت ماشية على ما يُرام، الأختين كانوا بيتعاملوا كويّس، بياكلوا من نفس الأكل اللي الأسرة بتاكُل منه، عايشين في غُرف مُريحة، وبياخدوا مُرتب مُحترَم أوي، كريستين تحديدًا كانت مُقرَّبة أكتر للأسرة بفضل طبخها المُمتاز وخياطتها الكويّسة.

لكن مع مرور الوقت الأختين لقوا نفسهم بيشتغلوا أكتر من 14 ساعة في اليوم، وبياخدوا بس نصف يوم أجازة كُل أسبوع، دا غير إن المُحامي كان بيعامِل ليا على إنها عشيقته وبيمارس معاها الجنس طوال الوقت، والأختين لو واحدة فيهم غلطت ولو غلط بسيط أوي كان بيتِم مُعاقبتهم بشدة.

 

ليلة يوم 2 فبراير 1933، آل لانسيلين كانوا المفروض معزومين على العشاء عند أسرة من أصدقائهم، والمفروض إنهم مش هيرجعوا البيت إلا في وقت متأخَّر، لكن ليوني وجينفيف قرَّروا يعملوا شوبينج قبل العزومة، وقرَّروا يروحوا يحطوا الحاجة اللي اشتروها في البيت الأول، لكن بمُجرَّد وصولهم للبيت، اتفاجئوا إن البيت مُظلِم تمامًا، وعلى ما يبدو إن دا ضايِق ليوني جدًا.

 

وفقًا لكلام كريستين وليا بابين، فالكهرباء قطعِت لمَّا كريستين حاولِت تشغَّل المكوة، وبما إن الأسرة هترجَع في وقت متأخَّر من البيت، فالأختين قرَّروا يصلَّحوا العُطل الصُبح بدري.

لكن ليوني اتضايقت جدًا لمَّا الأختين حكوا لها اللي حَصَل، والغضب سيطَر عليها تمامًا وهاجمت الأختين أثناء وجودها على سلم البيت…

انشر بنفسك 7

في البداية.. الأختين كانوا بس بيحاولوا يدافعوا عن نفسهم، خصوصًا بعد ما جينفيف انضمَّت لوالدتها وبدأت تهاجمهُم هي كمان، لكن الغضب سيطَر على الأختين كمان وبسُرعة جدًا الموضوع مبقاش بس دفاع عن النفس.

الأختين خرجوا عينين الأم وبنتها من مكانهم حرفيًا، بمُجرَّد ما الأم وبنتها بقوا عميان ومش قادرين يكمِّلوا هجومهم على الخادمتين، بدأت الخادمتين يضربوهم بفازة من القصدير وشاكوش ضخم، وبعدها طعنوهم بسكاكين جابوها من المطبَخ!

المُحقِّق اللي شاف الجُثث بعد كدا قال إن الجُثث كانت مفتوحة بنفس الطريقة المُميّزة اللي كريستين كانت بتفتَح بيها الساندويتشات كُل يوم الصُبح وهي بتحضَّر الفِطار.

 

بمُجرَّد ما انتهوا من جريمتهم، قفلوا كُل الأبواب وطلعوا أوضهُم، ولعوا شمعة عشان تنوَّر المكان شويّة، وفي نفس الليلة دي.. لمَّا زوجته وبنته اتأخَّروا عن ميعاد العشا اللي المفروض يحضروه كُلهم، رينيه لانسيلين قلق عليهم، فقرَّر يرجَع البيت، عشان يلاقي البيت مُظلِم تمامًا، وكُل الأبواب مقفولة من جوا، وبالتالي قرَّر يبلَّغ الشُرطة.

 

الشُرطة وصلوا ودخلوا البيت من فوق سور الحديقة، وساعتها شافوا مسرح الجريمة البشِع، الأم وبنتها مضروبين ومشوهين لدرجة إن كان صعب التعرُّف عليهم، عيون ليوني كانت ملفوفة في شال مربوط حوالين رقبتها، وعين من عيون بنتها كانت جنب جُثتها والعين التانية كانت على السلم.

 

لمَّا الشُرطة اقتحمت أوضة الأختين بابين، توقعوا إنهم هيكونوا مقتولين بنفس الوحشية، لكن لقوهم قاعدين بيتكلِّموا على السرير وجنبهم الشاكوش لسَّه بينقَّط دم، وأول ما سألوهم إيه اللي حصل، اعترفوا فورًا وبدون نقاش.

الجريمة دي وقتها أثارِت جدل كبير في فرنسا، بعض الناس قالوا إن الأختين كانوا بس بيدافعوا عن نفسهم، ناس تانية قالوا إن الأختين بيعانوا من مرض نفسي نادِر اسمه اضطراب وهمي مُشترَك، بعض المُفكّرين الفرنسيين قالوا إن الجريمة دي كانت رد على الطبقية وسوء المُعاملة اللي الأغنياء بيعاملوا بيها الخدم بتوعهم.

لغز الأختان بابين

مُحامي الأختين حاول يدافِع عنهم ويقول إنهم بيعانوا من مرض نفسي وعقلي، لكن المحكمة رفضت الادعاء دا تمامًا، وبعد 40 دقيقة بس من بدء المُحاكمة، حُكم على كريستين بالإعدام بالمقصلة لأنها العقل المُدبّر للجريمة، أما ليا فحكموا عليها بعشر سنوات من الأشغال الشاقة.

لغز الأختان بابين

قصة الأختين بابين شغلِت الرأي العام الفرنسي لفترة طويلة، وكانت حجر أساس لكتير من القصص والروايات اللي اتكتبِت في الفترة دي، لكن إيه هي الدوافِع اللي خلَّت الأختين الخادمتين الطيبتين يتحولوا لوحوش قاسية وقتلة عنيفين بالشكل دا؟ هو دا اللغز اللي معانا النهاردة في سلسلة حقل ألغاز..

محمد عصمت

ولد الكاتب محمد عصمت عام 1988م في محافظة دمياط بمصر ، تخرج من كلية التجارة، اشتهر بكتاباته روايات الرعب و أعماله القصصية المترجمة ،و كانت أولى رواياته بعنوان “الممسوس” عام 2014م ، و هي رواية رعب فريدة من نوعها ، وصدر له روايات أخرى مثل (باب اللعنات، الجانب المظلم، ذاتوى) ، ويصدر له على موقع شخابيط سلسة مقالات حقل ألغاز

‫2 تعليقات

زر الذهاب إلى الأعلى