للوداع صدى
للوداع صدى.. كان المكان شديد الإضاءة أو يوحى بذلك في تلك الليلة الباردة. كنت معها ابحث عن شيء يجعلها تتحدث. ولما طال انتظاري لها قررت أن أبدأ بالتحدث. حدثتها عن اللحظات الأخيرة.
كنت وحدي في غطائي الوحيد بالغرفة ولما تملكني اليأس. قمت على قدمي متحملا أعبائي. فتحت النافذة. نظرت أسفل.. حيث تألفت الإضاءة مع أصوات الضجيج وأخذت العتمة تنموا بعمق أمام عيني. شعرت بوحشة.
تخوفت من فكرتي الوحيدة. أغلقت النافذة ذات الضلفة وهدهدت رغبتي لأعود واحتمى داخل عتمتي الداخلية وانتظر شعاع الضوء الذي قد يأتي. كانت تنصت إنصات موجع لتلك التفاصيل التي قلما أحدث نفسي بها. فتبدوا مندهشة أحيانا وسرعان ما يملأ وجهها التأثر. بادرت بابتسامة عندما بدأت تتحدث.
أدركت فشلها ذلك الفشل المجعد والمتوحد معنا. تنظر في الأفق وهي تحكي لتعود بين لحظة وأخرى لتجدني أتابعها باهتمام. كان يأخذني من صوتها حزنها الدافئ ولا أعلم لما في هذه اللحظة تخيلت سنوات قديمة لها لا أعلمها. صباح مبكر يصاحبه ضحكتها المنطلقة بلون الندى وطعم الندى لطفلة تعدوا في مروج من سنابل وأغصان.
كأنها حكت لي ذكريات طفولتها لكنني ليس أكثر من أني تخيلت. لكنها الآن تنطلق بأنوثتها الوافرة تحمل أشيائها التي في حقيبة السفر وأشيائي الثمينة أشاهدها في عينيها. كان الصبح ينتشر. وكنت منتشيا ومتأثرا كان يبدو من خطواتي بجوارها إلى أن صعدت القطار نظرت إليها ملوحا بيدي فقط ولم أنبس بكلمة.
فقط صوت القطار الذي رسخ معنى الوداع ليصير المعنى مدويا يهزني كصوت القطار المندفع بها، والذي يمر بمحطات عديدة إلى الآن ولم يزل…