لماذا نمدح دعاة الإصلاح ولا نتقرب منهم؟
دعاة الإصلاح.. قد يختلف المسمّى من شخص لآخر، فهناك من يدعوهم بدعاة الإصلاح، وهناك من يدعوهم بفاعلي الخير، وآخر بالحالمين، أو حتى بالواهمين. لكن في نهاية الأمر، إنهم أشخاص يحاولون تصحيح المشاكل المجتمعية بطريقة مثالية، ولكنها في الوقت نفسه سطحية وغير عملية.
إذا كنت صادقًا مع نفسك، صادقًا حقًا، هل يجعلك دعاة الإصلاح تشعر بعدم الارتياح؟ أو بالذنب؟ أو تحت ضغط لتكون «مثلهم»؟
كشفت دراسة جديدة أجرتها جامعتي أكسفورد وييل عن أنك لست وحدك من تشعر بهذا؛ قد يعجب الناس بأولئك الذين يتطوعون للذهاب إلى البلدان التي دمرتها الحروب على مسؤوليتهم الخاصة للمساعدة، أو الذين يتحصلون على بعض المال ويتبرعون به كله للجمعيات الخيرية، لكنهم لا يريدونهم كأصدقاء لهم أو كشركاء حياتهم.
لقد تبين أن ما نريده حقا هو شخص يعطينا الأولوية على كل شيء آخر.
وصرحت «مولي كروكيت»، كبيرة مؤلفي الدراسة التي نُشرت في مجلة (علم النفس الاجتماعي التجريبي): «عندما تتعارض مساعدة الغرباء مع مساعدة العائلة والأقارب، فإن الناس يفضلون أولئك الذين يظهرون المحسوبية، حتى لو كان ذلك يؤدي إلى فعل خير أقل».
لاختبار ذلك، أعطى الباحثون مأزقًا أخلاقيًا إلى 200 مشارك للنظر فيه: هل من الأفضل مساعدة صديق أو فرد من العائلة، أو عدد أكبر من الغرباء؟
أُعطوا سيناريوهات وطُلب منهم اختيار ما يعتقدون أنه يجب على البطل فعله. على سبيل المثال، تفوز جدّة بمبلغ ألفي دولار في اليانصيب، فهل يجب عليها أن تعطي المال لحفيدها للمساعدة في إصلاح سيارته، أم إلى مؤسسة خيرية مكرسة للقضاء على الملاريا من خلال تزويد العائلات بناموسيات؟ خمن أيهما اختار الأغلبية.
ومن الأمثلة الأخرى على ذلك امرأة كان عليها أن تقرر بين إسعاد أمها الوحيدة من خلال قضاء بعض الوقت معها، أو المساعدة في إعادة بناء المنازل للعائلات التي فقدت منزلها بسبب الفيضانات. مرة أخرى، اختارت الأغلبية إسعاد الأم!
في هذه الدراسة، كان الباحثون فضوليين حول تكلفة العاقبة، بأن عواقب الفعل هي المعيار الوحيد للخطأ والصواب الذي يجب وضعه في عين الاعتبار.
لذا، ليس من المفاجئ أن يختار الناس مساعدة الشخص الذي يعرفونه أكثر من الغرباء، أو عندما يُطلب منهم النظر لبطل السيناريوهات كزوج أو صديق محتمل، بعد أن تم الكشف عما اختاره البطل، فضّل المشاركون الذي اختار العلاقة الوثيقة على مساعدة مجموعة أكبر من الغرباء.
وأضاف «جيم إيفريت»، أحد القائمين على الدراسة: «تعتبر المحسوبية من متطلبات الصداقة، الشيء الرئيسي في الصداقة هو أن تعامل أصدقائك بطريقة لا تعامل بها الآخرين، فمن يريد صديقًا لا يمد له يد العون عندما يحتاج إليه؟».