ثقافة وفنون

مشاهد حيرت عقول المشاهدين بالسينما المصرية

مشاهد حيرت عقول المشاهدين بالسينما المصرية.. تعد نهاية العمل السينمائي الجزء الأهم في تكوينه، فهي ما تعقب الذروة لتمثل نهاية الصراع وحل العقدة أمام المشاهد، وعادةً ما يكون لها ثلاث أشكال هي النهاية السعيدة / الحزينة / المفتوحة، علمًا بأن الشكل الأخيرة كثيرًا ما يتسب في إثارة الجدل والحيرة لدى المشاهدين، وهنا سنرصد أبرز المشاهد التي حيرت العقول بالسينما المصرية:

تزوير في أوراق رسمية

لا يزال مشهد النهاية في فيلم «تزوير في أوراق رسمية» الذي تم إنتاجه عام 1984، مثيرًا للجدل رغم مرور أربع عقود على عرضه، في ظل تساؤل المشاهد عن ابن «دولت» الحقيقي (ميرفيت أمين)، بعدما أجبرها زوجها «كامل» (محمود عبد العزيز) على تربية طفلها بجانب طفل ضرتها المتوفية «ليلى» (مشيرة إسماعيل)، دون أن تعرف من منهما هو ابنها الحقيقي خوفَا من حدوث تفرقة بالمعاملة.

وبرر صناع العمل النهاية الغامضة للفيلم برغبة السيناريست صلاح فؤاد، في التأكيد على رسالة أن الأم هي من تقوم بدور التربية والرعاية وليس مجرد عملية الإنجاب البيولوجي، وهو ما يفسر عدم رغبة دولت في معرفة هوية الابن الذي لقى مصرعه في حادث السيارة رغم تساؤلها المستمر على مدار سنوات زواجها.

العفاريت ولغز الكتعة

استغل فيلم «العفاريت» الذي تم إنتاجه عام 1990 النجومية الكبيرة للمطرب الشاب عمرو دياب، إلا أن الجماهير لم تنس مطلقًا محاولة حل ذلك اللغز الخاص بابنة كريمة (مديحة كامل)، الذي تم اختطافها بواسطة إحدى العصابات بعد ميلادها انتقامًا من زوجها ضابط الشرطة رفعت (حسين الشريف)، فلم يمهل الوقت زعيمة العصابة «الكتعة» (نعيمة الصغير)، للاعتراف لكريمة بابنتها الحقيقية لتلقى مصرعها وتترك الحيرة للجماهير بين الطفلتين «بلية» (هديل) و«لوزة» (سماح عاطف).

وأعاد الفنان عماد محرم الذي قام بدور المجرم «شمندي»، إثارة الجدل حول الفيلم بعدما بث فيديو عام 2020 ليؤكد خلاله أن بلية هي ابنة كريمة الحقيقية، وهو ما أثار حفيظة السيناريست ماجدة خير الله لترد عليه بسخرية وتهكم، حيث قالت إن قيمة الكثير من الأفلام تكمن في الأسئلة التي لا تحمل إجابات، لتؤكد في الوقت ذاته بأن الهدف من الفيلم ليس إثارة فضول المشاهدين حول ابنة كريمة الحقيقية.

مشهد إضافي بالمنسي

لم تفهم الجماهير سبب عدم نهاية فيلم «المنسي» الذي تم إنتاجه عام 1993، عند لحظة احتماء يوسف المنسي (عادل إمام) بالبسطاء من أهل المنطقة، أمام جبروت رجل الأعمال الثري أسعد ياقوت (كرم مطاوع) بعد نجاحه في تهريب السكرتيرة غادة (يسرا)، لاسيما وأن مشهد احتماء البطل بالجماهير كان السمة المميزة للتعاون الذي جمع بين السيناريست وحيد حامد والمخرج شريف عرفة خلال تلك المرحلة، كما كان الحال بفيلم «الإرهاب والكباب»، ومن بعده «النوم في العسل».

وكشف الفنان أحمد راتب في لقاء تليفزيوني له عام 2015 عن قيام المخرج شريف عرفة، بالاتفاق معه على إضافة مشهد لنهاية الفيلم بعد الانتهاء من تصويره، حين يحضر «عم فرغلي» (راتب) لتسلم الوردية من المنسي ليجد آثار الجروح والدماء على جسده، فيمتلئ قلبه رعبًا ظنًا منه في وجود العفاريت التي تسكن المنطقة وفقًا لاعتقاده، لينتهي المشهد بجملة «هما طلعلولك يا منسى؟»، والتي أضافت بُعدًا مهما للفيلم إذ أراد وحيد حامد أن يؤكد بأنه لا وجود للعفاريت سوى في مخيلتنا وأنه لا بد من مواجهة مخاوفنا أمام أي طغيان بشجاعة، مثلما فعل المنسي أمام أسعد ياقوت ليلخص ذلك بمشهد عبوره للضفة الأخرى من النهر، وكأنه قد عبر ذلك الحاجز النفسي الكبير بالرغم من بقائه وحيدًا منسيًا في النهاية.

المشهد المبتور في البرئ

فوجئت الجماهير بنهاية فيلم «البرئ» الذي تم إنتاجه عان 1986، عند مشهد صراخ المجند أحمد سبع الليل (أحمد زكي) عند قدوم دفعة جديدة من المعتقلين، إلا أنه مع دخول عصر مواقع التواصل الاجتماعي، وجد المشاهد نفسه أمام نهاية مختلفة تمامًا مدتها ست دقائق كاملة، حين يقوم سبع الليل بإطلاق النار بشكل هيستيري على جميع المتواجدين في المعسكر من ضباط وجنود قبل أن يلقى مصرعه بطلقة من مجند آخر.

وتعرض الفيلم لمشاكل رقابية منذ بدايته بسبب تناوله لموضوع شائك حول المعتقلين السياسيين، فتم حذف النهاية الأصلية للفيلم بعد تشكيل لجنة رقابية مكونة من وزير الدفاع محمد عبد الحليم أبو غزالة ووزير الداخلية أحمد رشدي ووزير الثقافة أحمد عبدالمقصود هيكل، قبل أن يتم عرضه للمرة الأولى بشكل كامل في المهرجان القومي للسينما عام 2005 كنوع من التكريم للفنان الراحل أحمد زكي.

ومنحت النهاية الأصلية بُعدًا آخر للفيلم حين أراد السيناريست وحيد حامد تسليط الضوء على تغير شخصية سبع الليل من مجرد المجند الساذج إلى الشخص الواعي، الذي أدرك حقيقة ما يقوم به من أعمال لا تخدم الوطن بل مجرد أشخاص، فكان رد فعله الثورة على الجميع قبل أن يأتي «برئ» آخر ليقتله أثناء قيامه بالعزف على الناي المحبب لديه لتسقط آلته الموسيقية بجوار سلاحه على الخطوات القادمة من بيادة البرئ الجديد الحامل سلاحه، في واحد من أبرز مشاهد سينما الثمانينيات.

القدر يفرض النهاية بغزل البنات

جاءت نهاية فيلم «غزل البنات» الذي تم إنتاجه عام 1949 غريبة بالنسبة للمشاهدين في ذلك التوقيت، في ظل اعتيادهم على المشهد التقليدي للنهاية بزواج البطل والبطلة، فلم يستوعبوا انتهاء الفيلم عند مشهد تجمع أبطاله الثلاث (نجيب الريحاني، ليلى مراد وأنور وجدي) في عربة الأخير.

وكشف أنور وجدي مخرج الفيلم عن اضطراره لتعديل مشهد النهاية، بسبب الوفاة المفاجئة لنجيب الريحاني قبل انتهاء التصوير، حيث كان من المفترض أن يذهب «أستاذ حمام» (الريحاني) إلى الباشا (سليمان نجيب) ليخطره برغبة الطيار «وحيد» (أنور وجدي) في الزواج من ابنته «ليلى» (ليلى مراد)، لتأتي بعد ذلك النهاية التقليدية بحفل الزفاف.

واعتبر النقاد النهاية المنقوصة في صالح الفيلم تمامًا، بعدما أبدع الريحاني في تجسيد مشاعر تخليه عن حبه الجنوني لليلى من أجل مصلحتها في الزواج من شاب مثلها، وذلك مكتفيًا بتعبيرات وجهه دون أن ينطق كلمة واحدة في ذلك المشهد، ليظل واحدًا من أبرز المشاهد التي قدمها الريحاني في مسيرته الفنية.

زر الذهاب إلى الأعلى