مشروب الطاقة المشع.. أول عملية نصب طبية
كان إيبن بايرز أمريكيًا اجتماعًا مشهورًا، هو ابن الصناعي ألكسندر بايرز، ظهر إبين في شبابه أنه موهبة واعدة بمجال الرياضة حيث أنه حصل على لقب الوصيف في بطولة الهواة الأمريكية للجولف بين عامي 1902م-1903م قبل أن يُصبح بطلًا عام 1906م ثم أصبح رئيسًا في شركة والده للحديد والصلب واستمر في نشاطه الرياضي حتى أوائل الأربعينيات.
كما أنه كان دائم السفر في كل أنحاء الولايات المتحدة لمشاهدة الفرق الرياضية، وفي عام 1927م أثناء عودته بالقطار من إحدى مباريات كرة القدم في جامعة هارفارد سقط وأصيب في ذراعه، وبالرغم من أنه نال الرعاية الصحية المناسبة وقتها ولكنه كان دائم الشكوى من الألم المستمر وبدأ يؤثر ذلك على لعبه للجولف، وبناءً على توصيه الطبيب بدأ يشرب مشروب “Radithor” وهو دواء يحتوي على عُنصر الراديوم المشع..!!
المشروب المشع:
تم اختراع المشروب من قبل “William J. A. Bailey” المتسرب من جامعة هارفارد والذي ادعى كذبًا أنه طبيب، روج للمشروب على أنه مشروب رياضي منشط للأيض ومثير للشهوة، وزعم أن الانفجارات المشعة المنبعثة من ذرات الراديوم تُحفز الأعضاء داخل الجسم مثل الغدة الدرقية والغدة الكظرية مما يُساعد على تسريع الشفاء من الأمراض المختلفة كالصداع والسكري وفقر الدم والإمساك والربو..
كان المشروب يُباع في زجاجات صغيرة تحتوي على 1 كوري لكل 228 راديوم، تم إذابته في الماء المقطر وتكلفة الصندوق 30 دولار.
على مدار ثلاث سنوات تناول بايرز قدرًا كبيرًا من المشروب معتقدًا أنه سيساعده ذلك على اللعب، كان يشرب في المتوسط ثلاث زجاجات باليوم، كان يشعر بالحيوية وبالطاقة الكاملة وأوصى أصدقائه بالشراب بل كان يعطيه للخيول.. ولكن ببطء بدأ المشروب يفقد سحره وبدأ بايرز يفقد الوزن وكان يُعاني من الصداع الشديد وبدأت أسنانه في التساقط..!!
تبعات المشروب المشع:
الدكتور جوزيف مانينغ شتاينر تخصص الأشعة رأى عدة شابات يعملن بالراديوم تعرضوا للتسمم في الولايات المتحدة، على الفور تم التحقيق في شأن المشروب، وفي عام 1931م طلبت لجنة التجارة الفيدرالية من بايرز الإدلاء بشهادته حول المشروب ولكنه كان مريضًا جدًا فلم يتمكن من السفر لذلك أرسلت اللجنة محامي لمقابلته في منزله.
وجده المحامي في حالة يرث لها، فقد خضع لعدة عمليات جراحية متتالية تم من خلالها إزالة الفك العلوي بأكمله باستثناء أسنانه الأمامية، وتم إزالة معظم فكه السفلي.
كتب المحامي حينها أن جميع الأنسجة العظمية في جسده بدأت في التحلل، كانت تتفكك ببطء وظهرت ثقوب في الجمجمة، مات بايرز موت مروع بعد ستة أشهر فقط كشف التشريح أنه لم يتبقى غير ستة أسنان، وفشلت وظائف الكلى وتحللت الأسنان وتعفنت وظهر خراج في الدماغ وانخفضت الكتلة العظمية بسبب المشروب القاتل.
وقف بيع المشروب:
لقت وفاته دعاية واسعة النطاق سلطت الضوء على مخاطر هذا المشروب المشع ومخاطر التسمم بالراديوم ولكن كان لايزال الكثيرين واثقين من قوة المشروب في الشفاء ونفى الطبيب أن المشروب له علاقة بوفاته، وقال لم يسبق أن توفى أحد من المرضى وقال الدكتور أنه استهلك كمية من المشروب وهو يبلغ من العمر 51 عامًا ومازال نشيطًا وأعلن أنه قد توفى بسبب مجموعة من أمراض الدم منها النقرس ولكن أصدرت اللجنة الفيدرالية أمرًا بإيقاف المشروب.
ولكن الدكتور واصل الترويج لمشروبه المشع.. وفي عام 1937م عقد شراكة مع شركة مقرها نيويورك لبيع أقراص من الأعشاب البحرية على هيئة حبيبات مضغوطة وادعى أنها تُعالج أكثر من 32 مرضًا وحالات أخرى.. باع العديد من تلك الأدوية وأصبح رجل ثري.