مواء
اللي حصل ليا فى الأحداث اللي هقولها دي، هو المعنى الحرفي لجملة كابوس واتحول لحقيقة!
أنا طارق، عندي 25 سنة. عايش فى مُجمع سكني لسه تحت الإنشاء على أطراف المُحافظة. والدي مسافر بره بيشتغل فى دولة عربية وقرر يستثمر فلوسنا في شقة كبيرة هناك واستغل فرصة إن الأسعار لسه رخيصة. بحب الحيوانات جدًا وكان نفسي يبقى عندى كلب أو قُط.. أي حيوان.
صديقي وجاري “عادل” شبهي كده برضُه، بيحب الحيوانات جدًا، والده ووالدتُه الله يرحمهُم اتوفوا وهو عايش لوحده.. وفي يوم عادل كلمني:
“ابسط يا عم طارق معايا قطتين فى مُنتهى الجمال.. أنا هاخُد واحدة وأنت واحدة”.
“يا ابني أمي لو عرفت هتطردني من البيت أنا والقط.. ما أنت عارف اللي فيها يا عادل”.
“حاول تقنعها يا بني!! دى فُرصة والله.. لما تشوفهم هتفهم قصدي”.
“هحاول يا فقري.. هحاول”.
حاولت أقنع أُمي وفهمتها الدنيا إن دي فُرصة وإني مش هلاقي قط نضيف وغالي ببلاش، شد وجذب ما بيني وبينها.. برضُه مرضيتش. لحد ما استغليت إنها هتسافر لخالتي أسبوع وقولت هو بقى أمر واقع ولما ترجع وتلاقيني منضف مكان القُط وإن البيت مش متبهدل أكيد هتسكُت.
قابلت صاحبي عادل كان معاه قطين، واحد منهم رمادي وعينُه زرقا وشكلُه في مُنتهى الجمال..
“منين دول يا ابن اللذينا!! حلوين جِدًا”
“ابسط يا عم.. ده واحد صاحبي مسافر ومش هينفع ياخدُهم معاه وعرض عليا أخُدهُم ببلاش”.
“طيب أنا هاخُد الرمادي ده، ولو كنت ناوي تاخدُه انسى”.
“لا يا عم حلال عليك.. أنا هسمي القُط بتاعي “رعد”. وأنت هتسميه إيه؟”
قولتلُه بابتسامة عريضة:
“زورو.. هسميه زورو”
أخدت “زورو” وعملتلُه بيت خشب صغير كده في الأوضة عندى.. ومن الفلوس اللي معايا جبتلُه أكل ورملة مُخصصة عشان فضلات القُطط، وكُنت فى مُنتهى السعادة.. لحد ما حصل الآتي:
“زورو” كانت تصرفاتُه غريبة أوي، كان بيفضل قاعد فى بيتُه الخشب طول اليوم مبيتحركش! يدوب أجيبلُه الأكل وأسيبه جوا البيت الخشب.. واتفاجئ بيه وقت المغرب يبقى نشيط جدًا. يفضل يلعب ويتنطط ويفضل يجري شمال ويمين. ويبدأ بعدها يخربش الباب شوية، والشباك شوية، وكلمت عادل في التليفون أعرف عنده نفس المشكلة ولا لا..
“عادل، هو القُط بتاعك عامل إيه معاك؟”
“ولا حاجة.. بيفضل نايم تحت سريري طول النهار ويطلع بالليل يتنطط شمال ويمين.. وتقريبًا كده بيزهق لأنُه بيخربش فى الشباك بتاعي، عايز يخرُج يتمشى حضرتُه.. عمومًا بسيبُه يخرُج وبيرجع تانى.. وأنت زورو عامل إيه معاك؟”
“لا عادي بيتعامل معايا عادي.. تمام يا صاحبي هكلمك تاني.. سلام”
قولت هعمل زي عادل وفعلاً سيبتلُه الشباك مفتوح، وبدأ يخرُج بالليل وقبل الفجر بشوية ألاقيه راجع، يدخُل بيته الخشب وميخرُجش منه لحد تاني يوم وقت المغرب. فضل الوضع كده لمُدة يومين.
بدأت الأمور تتطور.. كُل ما أجي أصلّي في البيت أو أقول (الله أكبر) زورو كان بيخاف جدًا وبياخُد وضع دفاعي.. ملامحُه بتتغير وودانُه بترجع لورا، بيصدر أصوات غريبة وكأنه خلاص على استعداد أنه يهجم عليا، بس مبيقدرش. ويستمر الوضع على أنه ينام طول النهار ويبدأ يصحى وقت المغرب.
“ألو!! يا عادل أنت في حاجة غريبة زادت فى طباع رعد؟”
“يا ابني مفيش حاجة يا ابني. أنت موسوس ليه؟ وبعدين طباع إيه ونفسية إيه؟؟ ارحمني من قلقك ده الله يكرمك”.
“امشي غور.. سلام”.
لحد ما جه يوم وزورو خرج من البيت ومرجعش تاني! فضلت أدور عليه ولا حياة لمن تنادي! وقررت أروح لعادل البيت.
“عادل أنا مش لاقي زورو!! اختفى تمامًا”.
“رعد برضُه مش لاقيه، أنا بدأت أٌقلق”.
“بدأت؟ أنا قلقان من ساعة ما كلمتك كذا مرة وأنت لا مبالاه رهيبة ومفكرني اتجنيت”
“طيب طيب بُص.. استنى لحد ما وردية العُمال اللي فى المنطقة تخلص، وننزل أنا وأنت ندور عليهُم.. تكون الدنيا هديت وأكيد هيستقروا فى مكان قريب مش هيبعدوا يعني”
وبالليل أخدنا كشافات صغيرة والقفصين بتوع القطين وشوية أكل ليهم وفضلنا ندور وننادي:
“زوووورو.. رااااعد!!.. يا زوووورو”.
“بُص يا طارق تعالى نبُص هناك.. ورا تل الرملة دي”
اتوجهت أنا وعادل في اتجاه الرملة لحد ما سمعنا صوت مُحادثة جاي من ورا التل:
“هُما مش عارفين حاجة.. نديهُم فُرصة تانية؟”
“مش مهم عارفين ولا لا هُما اخترقوا. والفضول نفسُه يُعَد جريمة فى حقنا، احنا بنراعي العهود اللي ما بينا، لكن هُما بغبائهُم هيضطرونا نأذيهُم.. شامم أنت وهو؟”
بصينا ورا الرملة وشوفنا أكتر مشهد غريب ومُرعب فى الدُنيا! رعد وزورو ومعاهُم قطتين كمان. بس أحجامهم غريبة! لا هما بني أدمين ولا هُما قطط. هم اللي كانوا بيتكلموا؟؟!! وبصولنا!!
“اجري يا عادل اجري بسُرعة”.
“أنا مش فاهم حاجة يا طارق! مش فاهم حاجة! إيه دول؟؟ إيه دول يا طارق؟؟”
“مش مهم إيه دول.. اجري، بقولك اجري ومتبصش وراك”.
غصب عني أنا بصيت.. لقيت اللي المفروض يكونوا “ذوات أربع” وقفوا على رجليهُم زينا وفضلوا يكبروا يكبروا يكبروا!! بقوا أكبر مننا تقريبًا.. كابوس مُرعب! كابوس مُخيف!!
جرينا لحد بيت عادل.. دخلنا وقفلنا الباب ورانا كويس..
“انطق حالاً وقوللي جبت القطط دي منين؟ واوعى تكدب.. اوعى!!”
“أنا هقولك.. هقولك.. كُنت جاي من كورس باليل وسمعت صوت “مواء” جاي من بيت من البيوت اللي لسه ماخلصتش، نورت كشاف الموبايل ولقيت (زورو ورعد) شكلهُم عجبني أوي، فكرت فيك قولت أنت بتحب القطط أكيد هتفرح.. مكنتش أعرف والله.. مكنتش أعرف إنهم مش طبيعين!!”.
“قطط من الشارع؟ وبالليل؟؟ الله يخربيتك!! دول عفاريت يا عادل، عفاريت!! عفاريت من الجِن”
قطع كلامنا صوت البلكونة وهي بتتفتح بالراحة، ودخل أربع كائنات ضخمة.. بالأصح قُطَط ضخمة واقفين على رجلين اتنين! نفس صفات القُطًط بس واقفين زينا!! قدرت أميز اتنين منهم. واحد أبيض والتاني رمادي.. زورو ورعد!
كان في واحد منهم لونُه أسود شكلُه أضخم وأكبر من الباقي، قرب مننا وقال:
“مرضك اللعين يا ابن آدم هو الفضول. الفضول هو السبب الأوحد فى هلاك بني جنسكم، الفضول هو السبب الرئيسي فى عبورنا لعالمكُم، وما كُنا لنعبُر ذلك العالم الواهن الضعيف بدون أسباب. الفضول هو سبب الأذى والمس والاستحواذ. الفضول هو سبب الموت، الفضول هو سبب اللعنات”
“سامحني، سامحني أرجوك.. أنا السبب وصاحبي (طارق) ملوش ذنب، أنا السبب. أرجوكم بلاش تأذونا”
“أنتُم من بدأتُم.. لا رجوع عن ما سيحدًث”
لقيت (رعد وزورو) مسكوا عادل وكتفوه، وهو يصرُخ!! يصرُخ!!.. “الحقني يا طارق.. أبوس إيدك الحقني”.. وأنا مش قادر أتحرك! واقف بترعش من الخوف.. ومرة واحدة اختفوا!!!
القطتين اللي لونهم أسود قربوا مني وأنا واقع على الأرض.. وعلى وشوشهم ابتسامة مُرعبة وقالولي:
“بتحب القُطَط.. مش كِده؟ قدامك ثلاثة أيام”.. واختفوا!!
مش فاهم يعني إيه قدامي ثلاثة أيام، إيه اللي هيحصل؟ هيقتلوني؟ ولا هياخدوني معاهم؟ ولا إيه؟ إيه هيحصل!!؟
في نهاية اليوم التالت كنت خايف جدًا حاسس إن الموت قريب مني أوي، مش عارف اتصرف إزاي.. هكتب لماما جواب وأسيبه عشان لما ترجع لو حصلي حاجة.. تحاول.. تحاول تلحقني!
“ماما، لو رجعتي ولقيتيني مش موجود حاولي تدوري عليا يا ماما. أنا حصلي كارثة مكنتش متوقع في حياتي إنها تحصل. أنا بحبك أوي يا ماما، مكانش قصدي أقهرك عليا.. دوري عليا يا أمي.. دوري عليا يا أم……..”
“ده كُل اللي مكتوب يا مدام فى الورق؟”
“أيوة يا حضرة الظابط…”
“طارق كان عندُه مشاكل نفسية؟”
“خالص يا حضرة الظابط.. من ساعة ما باباه سافر وأنا أُمُه وصديقتُه. طارق بعيد كُل البعُد عن أي مرض نفسي. دايمًا كان بيفضفض معايا بأي حاجة تضايقُه. مكنتش بسيبُه غير وهو مرتاح.. أنا مش مصدقة!! طالما هو كانت تعبان نفسيًا ومتضايق من حاجة ليه ميقوليش وأنا أحاول أساعدُه؟ ليه يعمل قصة زي دي؟ ليه يسيب البيت؟ وفي نفس الوقت عندي إحساس إنُه مش بيكدب.. وده لو حقيقي، دي تبقى كارثة.. هعمل إيه؟؟ أجيب مين يتصرف؟؟”
“بصي يا مدام، بالنسبة للقصة دي أنا شوفت في مهنتي حاجات ميتخيلهاش بشر. مقدرش أقول إني مش مصدق. ربنا سبحانُه وتعالى مخلقش بني أدمين وحيوانات بس.. بس حِسّي الأمني هيرُد ويقولك إننا برضُه هنعمل اللي علينا وهنكمل الإجرائات الطبيعية وهندور عليه وإن شاء الله نلاقيه.. تفائلي خير”
“الغريبة إن صاحبُه عادل كمان مُختفي يا حضرة الظابط!! وعادل يا عيني ملوش حد يسأل عليه، والدُه ووالدتُه اتوفوا.. أرجوك متنساناش.. وحياة أولادك!!”
“متقلقيش يا مدام والله هنعمل ما في وسعنا.. أستأذنك”.
“اتفضل، مع ألف سلامة.. ربنا يطمن قلبي عليك يا ابني”
“مياااو……!!”
“هو أنا مش مشيتك كذا مرة من هنا؟ امشي بقولك، امشي، أنا بكره أي حاجة من ريحتكُم.. امشي”
“ميااااااااااو!!!”
“بقالك كذا يوم بتخربشي على الباب!! أنا خايفة أعصابي تفلت وأقتلك!!.. أستغفر الله العظيم! طيب تعالي، تلاقيكي جعانة.. بس.. إيه ده.. عينيكي غريبة.. عينيكي شكلها ولونها غريب!!”
“ميااااااااااو!!!”
“شبه عينين البنى أدمين!!”
“ميااااااااااو!!!”
“شبه عينين!! ابني طارق..!!”
“ميااااااااااو!!!”