لايف ستايل

نحن نختلق معلوماتنا الخاطئة

نحن نختلق معلوماتنا الخاطئة

الإنترنت والصحف والتيلفزيون يقذفوننا بمعلومات خاطئة كل لحظة لكثير من الأغراض كالتسويق لفكرة أو منتج أو شخص.. أو التسفيه من فكرة أو منتج أو شخص. لكن دراسة جديدة أجريت في الولايات المتحدة تقول، أننا أنفسنا نعتبر أحد أهم مصادر المعلومات الخاطئة التي نحملها.

ففي دراسة أجريت على عدد من المتطوعين الأمريكيين تبين أنه إن عرضت على شخص بعض الأرقام والإحصاءات التي تعارض معتقداته فإنه غالبًا ما سينسى تلك الأرقام وسيتذكر فقط الإحصاءات التي تدعم معتقده المسبق. بل وربما يتذكر الإحصاءات بالعكس بحيث تتحول من إحصائية معارضة لمعتقده لإحصائية داعمة لمعتقده.

فعلى سبيل المثال عند عرض مقال يتضمن إحصائية عن نسبة الهجرة من المكسيك للولايات المتحدة تقول تلك الإحصائية أن نسبة الهجرة قد انخفضت من 12.8 مليون عام 2007 إلى 11.7 مليون عام 2014، فعند سؤال المتطوعين هل زادت نسبة الهجرة من المكسيك لأمريكا أم انخفضت؟ أجاب معظمهم أن النسبة زادت رغم أن الإحصائية تقول العكس وذلك بسبب الاعتقاد الشائع لدى الأمريكان أن المهاجرين المكسيك يزحفون على أمريكا كل يوم زيادة عن الذي يليه. لقد أعمى المعتقد الشائع عيون المتطوعين عما تقوله الإحصائية بالفعل واختلقوا معلومة تؤكد معتقدهم.

بل إن البعض قام بعكس النتائج التي تشير إليها الإحصائية فقال أن النسبة زادت من 11.7 مليون إلى 12.8 مليون. وعندما طلب من المتطوعين كتابة المقال من ذاكرته وتمريره للذي يليه، فقد تبين أن كل واحد يرفع نسبة المهاجرين من المكسيك للولايات المتحدة عن سابقه حتى وصلت نسبة الارتفاع إلى 4.6 مليون.. وهو ما يخالف الواقع.. مما يشير أن المعلومة المختلقة تزداد خطئًا كلما انتقلت من شخص لأخر.. وهذا أحد أهم أسباب تطور الشائعات.

تم إجراء تلك التجربة في أمريكا لكنها بالطبع تنطبق على بلداننا أيضًا ومن السهل جدًا ملاحظة ذلك.. فعلى سبيل المثال يعتقد الكثير من المصريبن أن عدد النساء أكبر بكثير من عدد الرجال، ويحدد بعضهم الفرق في العدد بأنه أربعة أضعاف ويقول أن هذا طبقًا للإحصاءات.. وذلك رغم أن الإحصاءات تقول أن عدد الرجال هو الأكبر حيث أن عدد الرجال في مصر مرتفع عن عدد النساء بما يزيد عن المليون نسمة وهذا بسبب التفضيل الثقافي لإنجاب الذكور. لكن رغم أن الواقع يقول أن الذكور أكبر من الإناث لم يستطع الناس ترك الفكرة الناجمة عن معتقدهم الراسخ أن الإناث أكثر من الذكور وبفارق كبير.

ربما المصادر الخارجية تتسبب لنا في استقبال الكثير من المعلومات الخاطئة لذا يجب علينا أن نتحرى صدق ما نسمع. لكن علينا أيضًا أن نركز على أنفسنا ولا نجعل معتقداتنا تعمي أعيننا عن الحقائق فتجعلنا نرى الأشياء بالصورة التي تدعم ما نؤمن به حتى ولو كانت تلك الصورة هي عكس الواقع تمامًا.

المصدر
technology

سمير أبوزيد

باحث ومهندس في مجال النانو تكنولوجي بمدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا، وله عدة أبحاث علمية منشورة. ألف ثلاثة روايات " صندوق أرخيف" و " الرفاعي الأخير" و " عز الدين"، كما كتب للعديد من المجلات وله ما يزيد عن الثلاثمائة مقال.
زر الذهاب إلى الأعلى