ومن الحب ما يغير مسار حياة “الجزء الثاني”
وهناك عرفت بكل اللي حصل! الدنيا اسودت في وشي.. لتاني مرة ربنا بيخالف كل المقدرات وبيصيبني في أعز ما ليا، ولتاني مرة ربنا بيحقق مقولة يمهل ولا يهمل، لكن الغرور خلاص عمى قلب أبويا وحس إنه خلاص ملك الدنيا، الموضوع أثر فيه شوية ونسيه، زي ما نسى والدتي، إلا إن أنا الوحيد اللي فضلت مصاب، وبفقد كل حاجة حلوة في دنيتي، اتمنيت لو كنت موت معاهم في الحادث أهون عليا، أحسن كتير من الفراق، وأحسن إني أخرج من الحادث عاجز بدون حركة..
نفسيتي اتأثرت بده ودخلت في نوبة اكتئاب، صحيح إن صعب طفل زيي يمر بالدور ده، إلا إن اللي حصلي فاق كل قدراتي، مبقتش أقدر اتحرك زي الأول، ألعب، أمشي، حتى قضاء حاجتي وعورتي بيتكشفوا على حد، فكرت مليًا وتكرارًا في الانتحار، وكل مرة كانت بتبوظ الفكرة، مرت عليا سنين ودخلت الثانوي، كل العلاج الطبيعي مكنش بيأثر في حالتي، الدكاترة قالوا إن الحالة البدنية اتحسنت، وإن الطب وقف عندهم والعلم لحد كده، لازم الحالة النفسية تتحسن علشان يقدر يمشي، إلا إني مكنتش حابب الدنيا، مكنش ليا فيها شيء حلو يخليني أعيش علشانها، إلا إن لربنا رأي تاني، بس مجيته آجله..
في فترة الثانوي اتعرفت على صحاب كتير جدًا منهم الصالح ومنهم الفاسد، مكنتش بفرق ما بينهم، كنت عايز أضيع وقت وخلاص، اتحركت على كرسي متحرك، وكنت كل يوم بقضي ساعات على الكافية وسط صحابي، أصحاب العداوات مع أبي استغلوا النقطة دي وجعلوها هدف ليهم، زقوا عليا شاب اسمه كريم، لازمني طول أيامي، أظهر ليا دايمًا الابتسامة، كنت دايمًا بشوف منه كل حاجة حلوة، اهتم بيا ورجعلي بسمتي اللي فقدتها، ابتديت اروحله بيته نقعد مع بعض وأذاكر معاه، بنسهر للصبح بنذاكر ونضحك ونهزر، عيشت معاه الحياة اللي تنسيني همي..
كل يوم اتعودت أشرب فنجان القهوة من إيده، كنت بحبها جدًا وبتساعدني على التركيز، وبتكملي يومي، خدت عليها بجد ومبقيتش أقدر أفوتها يوم، بقيت عايز أشرب قهوة في كل يومي علشان أركز، مبقاش بس في الليل، لا في كل فترات اليوم، بقيت أحس من غيرها بألام في جسمي، وصداع هيفرتك دماغي، كتير خليت أم سلمى الخدامة تعملها لكن كانت من غير فائدة، مش دي القهوة اللي بشربها من إيد كريم أبدًا، جسمي كله بقى مكسر ومقدرش أعيش من غير القهوة دي..
كريم ابتدى يختفي من حياتي بالتدريج، بيبعد عني، أتصل بيه مبيردش، بيتجاهلني كتير جدًا، لحد مبقتش أسمع عنه لا حس ولا خبر، كنت عرفت من النت إن الأعراض دي أعراض إدمان، بقيت أتصرف كل يوم وأنزل لاوكار بيع المخدر ده وأشتريه، صرفت كتير جدًا عليه، ومن ناحية الفلوس فهي موجودة، لحد ما زادت حالتي زيادة عن اللزوم وبقت ملحوظة، هنا قررت أم سلمى تقول لأبويا عن حالتي ولأول مرة أشوفه بينتبه لأمري، إلا إن انتباهه ده مكنش خوف عليا، خوف على مركزه..
روحت مركز علاج إدمان، وحالتي الجسدية متعبة جدًا، واللي كنت اتقدمته من خلال العلاج الطبيعي رجع لورا وزيادة، كان بتجيلي نوبات أشبه بنوبات الصرع وتشنجات وتعرق وتعب كتير جدًا، صريخ وتعب مقدرش أوصفهم، حاولت أهرب أكتر من مرة من المركز إلا إن حالة عجزي مكانتش مساعداني، مكنتش بقدر أتحكم في جسمي، ومقدرش أسيطر على حواسي الإخراجية، كان ربنا مصمم يحرجني أكتر، استغفر الله العظيم يا رب، ربنا كان بيعظني وبيوجهني، مكنش في حل قدامي غير إني أتعالج من الإدمان ودي كانت من نعمة ربنا عليا الحمد لله.
قضيت شهر في المستشفى ودلوقتي بقيت قادر أخرج منها، صحيح لازم متابعة مع الدكتور علشان يطمنوا إني يعتمد عليا، بس أحسن من الأول كتير.. خرجت من السجن اللي كنت محبوس فيه، الفترة دي مش بس عالجتني من الإدمان، لا هي كمان عالجتني نفسيًا، ورتني نعم ربنا اللي مكنتش شايفها حوليا، خرجت وأنا عندي أمل أكمل، اهتميت تاني بدروسي أنا في ثانوية عامة، ودي سنة تحديد المصير.
لفت نظري إن فيه بنت مهتمة بيا، بتبصلي ومهتمة لتفاصيلي، في الأول كنت بفتكرها نظرات استنكار ليا خصوصًا بعد انتشار موضوع إدماني على الأقل في المحيط اللي أنا عايش فيه، وخصوصًا إنها كانت جارتي، إلا إن النظرات دي تجاوزت حدها، حسيت إنها شفقة عليا وعلى حالتي اللي بيرثي ليها، بس الموضوع كان غير كده خالص، ربنا رجع يفتحها في وشي تاني وبيوريني نعمه، بيوريني الجانب المشرق من حياتي بعد إظلامه، صحيح فعلًا يمهل ولا يهمل.
النظرات دي كانت نظرات حب، البنت اللي حبتني وحببتني فيها، ملاك الرحمة اللي ظهرلي في عز شدتي، أميرة قلبي وروحي، أميرة، البنت اللي غيرت نظرتي للحياة، نورت شمسي من جديد، خطت بيا أولى خطوات الأمل، وزعت الدم وضخته في قلبي بعد ما كانت جفت شرايينه، ابتدينا نتقابل كتير، وبحكم إنها جارتي ومن نفس سني بقينا بنذاكر مع بعض، حبي ليها خلاني عايز أغير من نفسي علشانها، بقيت كل يوم في السر، أحضر العكازين بتوعي وأحاول إني أرفع جسمي ولو للحظة، بس كنت بقع وقعة تهد أملي وكل اللي عملته، لحد ما فاتحتني أميرة في الموضوع ده، بقت بتساعدني كل يوم، ورجعت للعلاج الطبيعي، الدكاترة قالوا إن في تغير في الحالة، وإن الأعصاب كإنها أعيد ترميمها، حكمتك ورحمتك يا رب.
أميرتي نورت الدنيا في وشي، عوضتني غياب أمي عني، ساعدتني علشان أخطو خطواتي الأولى زي ما كانت أمي بتساعدني علشان أقف على رجلي، أد إيه ربنا رحيم بعباده، وإن كل لحظة مرة بنعدي بيها هي اختبار من ربنا علشان نستغفره ونشكره، ربنا بعتلي الأمل والحياة والنور لحد عندي بدون تعب ولا مشقة مني، مجرد إني قولت يا رب، مجرد إني ناديته واستنجدت بيه، وبعد فترة ابتديت فعلًا أتحرك على العكاز، صحيح هما خطوتين أو ثلاثة مش أكثر بس أحسن من الأول كتير.
الدكاترة قالوا إن ده إعجاز علمي، لكن مفيش إعجاز على ربنا، هو اللي قال كن فيكون، ودلوقتي بكلمكم وأنا في سنة تانية كلية، دخلت كلية الآداب أنا وأميرتي جامعة عين شمس، زورت أماكن تاريخية كتير، بس المرة دي مزورتهاش وأنا عاجز، المرة دي زورتها وأنا بتحرك على رجلي، خطبت أميرتي رسمي من أبوها، وشغال جنب دراستي علشان أكون نفسي، صحيح نسيت أحكيلكم عن أبويا…
أبويا كان اتفرعن وحب إنه يكبر على قياداته ففضحوه، إلا إنه كان محضر للكارت ده وفضحهم، صحيح هو اتصاب بشلل، إلا إن أوراقه اللي كان شايلها دخلت عناصر فساد كتير من رجال الدولة السجن، وهو كمان بيقضي فترة عقوبة بس أقل، صحيح يمهل ولا يهمل، اتجردنا من كل أملاكنا وفقدنا جزء كبير منها، إلا إن ربنا منسانيش، حقي وورثي من أمي قطعة أرض، بنيت عليها بيت صغير يجمع ما بيني وبين أميرتي، وطفلتي العسولة ندى اللي سميتها على اسم أمي ومرات أخويا محمد الله يرحمه.
أد إيه حكمة ربنا ظهرت بعد ظلام كتير في حياتي، كنت دايمًا بستنكر أفعاله والعياذ بالله، وبقول ليه كده وليه كده، إلا إنه كان عايزني أستنجد بيه وأقول يا رب، ومجرد ما قولتها ظهر النور في قاع الكهف، شريكة الحياة اللي بتختاروها ليها دافع قوي على حياتكم وسعادتكم، فدققوا أوي في اختياراتكم وخلوها صح، الماديات مش كل حاجة، الفلوس مقدرتش تعملي حاجة وأنا عاجز، لكن المشاعر غيرت ده وصحت أعصاب كانت ماتت،
دايمًا خلو عندكم أمل بالله، اللي بيخلق من عز الضلمة ضي..
وأخيرًا وليس آخرًا، الحب فعلًا قدر يغير مسار حياة.
تمت
اقرأ أيضًا:
ومن الحب ما يغير مسار الحياة.. “الجزء الأول”