طلاسم

ڤودو (الجزء الاول)

"طقوس الزواج"

ڤودو "طقوس الزواج"
اتفقت وأصدقائي الثلاثة أن نذهب في رحلة أخرى خطيرة لزيارة أغرب الأماكن التي يحدث فيها أغرب الحكايات، اخترنا وقت في منتصف شهر يوليو حيث الطقس الُمناسب والمُعتدل، ووجهتنا هذه المرة كانت هايتي في جزر الكاريبي.

وبالرغم من الخوف الشديد والتعقيد الشديد الذي كنا نتوقع مواجهته، إلا أننا توجهنا إلي هناك بدون تردد، ومنذ أن وطئت أقدامنا أرض البلد ونحن نرى الطقوس الغريبة لأهلها!! فهم يعتبرون (الفودو) طقس ديني!!

الفودو يا صديقي هو طقوس سحرية منها على (حد قولهم) الأبيض، ويقصد به التقرب من الإله، ومنها الأسود والقصد به هو إيذاء الغير. وهذا كان مقصد رحلتنا، وهو التعرف أكثر على هذه الطقوس.

كنت قد تحدثت مع صديق لي عبر تويتر وهو (دامبالاه) وهو مواطن أصيل من هايتي.. وأخبرته برغبتي في زيارة بلادهم أنا وأصدقائي. عبر لي عن ترحيبه، ولكنه أخبرني أيضًا أن الطقوس التي أريد أن أرها (وهي طقوس الزواج من الأرواح المقدسه) لا يراها أحد من الغُرباء عنّا، ولكن بعد بضع محاولات مني، أخبرني أنه مرحب بي.

استقبلنا (دامبالاه) في المطار وأخذنا الي بيته.. بيت مكون من طابقين، لونه أبيض وبابهُ أزرق و كذلك نوافذه ويعبر عن حالتهم المادية الفقيرة، حيث أن الباب الرئيسي يبدو وأنه يعود لزمن الخمسينيات.
رغم بساطاتهم إلا أنهم يتصفون بالكرم، وأخبرني دامبالاه أن هناك طقوس زواج ستحدث غدًا في بيتهم لحسن حظنا، فرحت ولكن بعد ذلك تمنيت لو لم أذهب!

في صباح اليوم المنشود، يوم الطقوس، و هو يوم السبت، استيقظت أنا وأصدقائي على أصوات كثيرة.. أصوات طرق الأواني والأبواب، وأتى دامبالاه بالإفطار وقال لنا أن الناس بدأوا في المجيء وعلينا أن نسرع..
كانوا يستعدون بتنظيف المنزل والاستحمام وإشعال البخور وإحضار المشروبات الروحية (خمور) وهدايا من المجوهرات وذبائح لتُقَدَم كقرابين للروح التي يريدون استدعائها للزواج.

أريد أن أشرح لك الهدف من ذلك، فإنهم يتواصلون على حد قولهم بالأرواح لتنفيذ طلباتهم، فعندما تتم طقوس الزواج، يتاح تنفيذ ٣ أمنيات للفرد الذي تمت عليه الطقوس مقابل الزواج من الروح لمدة شهر، وعلى حسب أمنيات الفرد يتم استدعاء روح معينة، فليست للأمنيات الطيبة نفس المطالب كتلك الشريرة!!

في خارج المنزل كانت تتم طقوس أخرى وهي طقوس مختلفة، فيأتي الكاهن ويذبح الخراف والماعز ويأخذ من دمها في وعاء ويضيف عليه أشياء أخرى.. زيوت وما إلى ذلك..

ويحضرون قرطاسًا كبيرًا من القش والخوص في ساحه كبيرة ووسط كل هذه التحضيرات النساء والرجال والأطفال يرقصون فرحين ومتمنين رضا الإله عنهم، ويغرقون تلك القراطيس الكبيرة بالدم المخلوط بمكونات الكاهن السرية وتعلو أصوات التمتمات بالتعاويذ وسط رقص واحتفالات..

وكانت الصدمة!! أن هذه القراطيس الفارغة تبدأ في التحرك والرقص يمينًا و يسارًا وبعد ما أن تتوقف يتم كشف ما تحتها ليجدوا هدايا مثل الطيور والبيض، صحن من الحبوب أو حتى أشياء ذهبية، لعلها خدعة من الكهنة ولكنهم يصدقونها بدون شك.

حل المساء وأتى وقت طقوس الزواج داخل منزل صديقي دامبالاه، كانت أخته هي من تريد أن يأتيها أموال طائلة وأن يتم انتشالها من الفقر وتذهب لأحد الدول العظيمة وتكون ذات نفوذ.. تلك كانت أمانيها والحافز لتنفيذ هذا الطقس الروحاني المقدس لديهم.

كان الأمر مثير للاهتمام لي أنا وأصدقائي، ولكن أصبح مثير للخوف أكثر عندما أخبرني دمبالاه أنه يجب أن نؤمن بهذه الطقوس في أعماقنا، لأنه في وسط هذه الطقوس تحضر العديد من الأرواح منها الطيب ومنها الخبيث، وإذا لم نؤمن به من داخلنا سوف يكون مصير أيًا منا أن تعذبه واحدة من الأرواح الشريرة.

ومع ذلك كان لا رجعه من حضور تلك الطقوس، لبسنا الثوب الأصفر الموحد لنا جميعًا لأنه اللون المفضل للروح التي يريدون إحضارها، ولم يتوقف الرقص من حولنا طوال النهار حتى ذلك الوقت.

يتم رسم نقش على الأرض على هيئة عروسة وبها بعض الطلاسم، وتنام عليها الراغبة في الزواج ويأتي الكاهن ويقرأ تعاويذ ويشغل البخور حول جسدها ويكون في نفس الوقت هناك رجلاً الهدف منه أن يكون وعاء للروح عند حضورها.. والمطلوب منه أن يجرح نفسه بالسكين عدة مرات حتى يكون دمه قربان، كل هذا وسط رقص الحاضرين..

ثم فجأة انتفضت الفتاة كما نرى في أفلام الرعب عندما تتلبس بها الروح، وأصبحت عينيها بيضاء ومازلت ترقص بجنون، وعلت الزغاريد لأن هذه علامة على قبول القربان، واستمروا في الرقص حتى أصاب الرجل مثل ما أصاب الفتاة وأعطاه الكاهن بيضة نيئة ليأكلها بقشرها كما تفعل الأفعى لأنها من رموز الكيان الذي حضر عليه.

ولكن حدث شيء أعتقد أنه متوقع، أن صديقي چون غاب عن الوعي وسط الطقوس، فهو دائمًا ما يفعل ذلك. ولكن بعد وقت قليل فاق من تلقاء نفسه ولكنه كان يتكلم بلهجة أهل البلد وعيناه بيضاء!! انتابنا الزعر ولكن دامبالاه قال لنا “ألم أقل لكم يجب أن تؤمنوا بالطقوس، صديقكم تلبسته روحاً ما”.

أتى الكاهن مسرعًا وسكب علينا أنا وصديقي الآخر الدماء وقرأ بعض التعاويذ وأخبرني دمبالاه أن نبتعد قليلًا وأخذ الكاهن في التلاوة وصديقي ينتفض، لولا ما حدث له لظننت أنهم كلهم يتوهمون، بعد فترة طويلة من الطقوس التي تتم على چون رجع لطبيعته وأخبرنا أنه لا يعرف ماذا حدث ولا يتذكر و يظن أنه كان مجرد غائب عن الوعي!

انتهى اليوم الغير سعيد، ولم يقترب النوم من أعيننا، وقرر دمبالاه أن نسهر سويًا..
سألته ماذا بعد، أخبرني أن الطقوس تم قبولها وأن أخته ستكون زوجة للروح التي حضرت، ستأتي لها الروح في الحلم لتكمل مراسم الزواج، وأن لا تتحدث مع أحد ولا تخرج من غرفتها لمدة شهر وهذا شرط لتحقيق أمانيها، وإذا خالفت ذلك ستصاب بالفقر والمرض.

كانت الخطة أن نمكث في هايتي عشرة أيام ولكن بعد ما مررنا به قررنا أن نسافر في الصباح الباكر.
و يظل الفودو لغز، هو مزيج بين السحر الأسود والطقوس الوثنية، وغيرها، لكن هذا المزيج أدى لأحداث خبيثة لا تمت للمنطق بصلة!!

أغلب الأحداث حدثت بالفعل.

زر الذهاب إلى الأعلى