سينما

صراع العروش :أشياء لا تعرفها عن لورد فاريس العنكبوت الغامض

عبدالرحمن جاويش بكتب: من الذي لا يحب "لورد فاريس"؟

بقلم عبد الرحمن جاويش: لورد فاريس

مع اقتراب شهر إبريل؛ العيد المُنتَظَر لكل جمهور مسلسل “Game of thornes“؛ حبيت أحلل شخصية من المسلسل اللي معظم شخصياته دسمة ومغرية للكلام عنها، بس اخترت الشخصية الأكثر غموضًا؛ والأقرب لعقلي والأبعد عن قلبي: “لورد فاريس”.

(تحذير من حرق بعض الأحداث في المسلسل)

من الخطوات المهمة في كتابة أي شخصية درامية هي “تحديد الدوافع”، وعظمة شخصية “لورد فاريس”؛ إنه لحد اللحظة دي لسه دوافعه مش واضحة! وبرغم ذلك لسه الشخصية متماسكة.. مرة يقف مع جانب “الخير”، ومرة مع جانب “الشر”.. باختصار “لورد فاريس”؛ هو صندوق أسود كبير، زاد من غموضه الأداء السَلِس من الممثل العبقري “كونليث هيل”.

أما عن كلمة السر اللي حققت المعادلة الصعبة بين الدوافع الغامضة وبين التناسق في شخصية “لورد فاريس”؛ فهي تاريخ الشخصية Backstory.. وتاريخ فاريس ده اتعرض جزء صغير منه في أحداث المسلسل، بس كان أوضح وأكثر تفصيلًا في سلسلة الروايات الأصلية: (أغنية الدم والنار).

فاريس وهو صغير؛ كان مجرد طفل يتيم اتبناه تاجر بيشتغل في مجال العروض المسرحية، واللي شاف في فاريس مشروع ممثل.. وفي مرة بعد عرض ظهر شخص غني عرض على التاجر ده إنه يشتري الطفل “فاريس” بمبلغ كبير.. فوافق التاجر وتمت البيعة.

الراجل الغني طلع ساحر؛ عايز يجرب تعويذة معينة بتعتمد على إنه يقطع –لامؤاخذة- العضو الذكري “للورد فاريس”؛ وبعد التجربة البشعة دي الراجل الغني حرر فاريس ورماه في الشارع.

فاريس بعدها اتعلم السرقة واشتغل حرامي، وهرب من مدينة لمدينة تانية.. بس فاريس اتعلم درس مهم جدًا (مش كل السرقة فلوس).

كان من أوائل الناس في عصره اللي يدركوا قيمة المعلومة دي؛ فبدأ يجمَّع الأطفال حواليه ويعلمهم إزاي يقروا ويكتبوا ويسمعوا أسرار الناس وينقلوها له، وكوِّن من الأطفال دول جماعة من الجواسيس وسماهم “Little birds”، وكان كريم جدًا معاهم.

فاريس اتلقب بالعنكبوت لأنه قدر يفرض شباكه في كل مكان (إسقاط مكشوف على الإنترنت، بس مقبول يعني)؛ واتلقب بـ”سيد الهامسين”.. وفعلًا جمع من وراء جيش الأطفال ده (ثروة)؛ بس الأهم إن الملك المجنون “آيريس تارجيريان” سمع عنه وقرر يعينه وزير المخابرات ومستشاره الشخصي!

“فاريس” بذكائه عرف إن فيه انقلاب بيتدبر ضد الملك المجنون، وحذره من الإنقلاب ده.. ولما اكتشف إن مفيش فايدة قرر ينط من مركب الملك المجنون، وبدأ يجرب حظه مع الملك “روبرت باراثيون” وباقي عائلة “لانستر”، الأمر اللي ضمن استمراره في نفس المنصب.

عبدالرحمن جاويش بكتب: من الذي لا يحب "لورد فاريس"؟

تخيل حد مكان “لورد فاريس” كان سهل يعيش فقير ويبقى شخص عامي حقير، ده غير إن مكانش عنده أي قوة جسمانية تخليه عبد مرغوب فيه، كان سهل يبرر لنفسه فشله في الحياة؛ بإن الحياة فرضت عليه حادثة “الساحر” (اللي قدر فاريس ينتقم منه لما كبر).

بس “لورد فاريس” اتعلم الدرس وفهم قواعد اللعبة بدري.. فهم إن أي حاجة في العالم ليها تمن (لما هو نفسه اتباع في طفولته)؛ وفهم إن قيمة الإنسان بمعرفته (لما جهل الساحر ضيع رجولته)؛ واتعلم غلطته (لما اشتغل ممثل وظهر على المسرح وهو صغير)، لأن الظهور للناس عرَّضه للأذى.. وعشان كده قرر يختفي قدر الإمكان، ويحرك كل حاجة من الكواليس.

ناس كتير كانت بتقارن بين دهاء “لورد بيتر بيليش” و”لورد فاريس”.. إلا إن فاريس أكثر مكرًا ومتعة بالنسبة لي، حتى ولو كان لسه مجرد صندوق كبير مقفول.

وده ببساطة لأن “ليتل فينجر” دايمًا بيحاول يخدم نفسه، باصص على مصلحته وبس؛ أما “لورد فاريس” فمصلحته مش ظاهرة، كأنه بيخدم استمرارية “لعبة العروش”، كل ما يحس إن الصراع اتحسم في كفة بيقلبه لكفة تانية.

مواقف “لورد فاريس” متناقضة، متعرفش ولائه مع مين بالظبط.. بس أنا متأكد إن حل لغز ما يدور في عقل “لورد فاريس” موجود بين سطور الـ”backstory” الخاصة بيه.

“فاريس” هو طفل مخيف، لاعب مؤذي تحب تتفرج عليه من بعيد؛ بس ماتتمناش إنه يلعب ضدك ولا حتى معاك.

فاريس هو وجه مألوف ومحبب بالنسبة لك، بس عقل مستحيل تفهمه.. حيوان مفترس بيقضي على فريسته وهو مربَّع إيده ومبتسم، وبدون ما تسمع منه أي صوت.. فاريس أهم مميزاته هي أكبر عيوبه: إنه تم تجريده من نقطة ضعف أي راجل (الشهوة).

ممكن نتفق أو نختلف مع سياسات “لورد فاريس”، ومع طريقته في تحريك الأحداث من وراء الكواليس، بس هيفضل السؤال الأهم:

مين ما بيحبش “فاريس”؟!

يمكنكم مشاهدة المقالات السابقة من هنا 

عبدالرحمن جاويش

كاتب وروائي شاب من مواليد محافظة الشرقية سنة 1995.. تخرج من كلية الهندسة (قسم الهندسة المدنية)..صدر له عدة رويات منها (النبض صفر،) كتب في بعض الجرائد والمواقع المحلية، وكتب أفكار العديد من الفيديوهات الساخرة على مواقع التواصل الاجتماعي.. كما دوَّن العديد من قصص الديستوبيا على صفحته الشخصية على موقع facebook وحازت على الكثير من الإشادات من القراء والكُتَّاب كذلك..
زر الذهاب إلى الأعلى