الموت الأسود.. الجلاد الذي حصد ملايين الأرواح
الموت الأسود.. كلمة الطاعون لمَّا بتيجي في بالنا؛ دايما بيكون مصاحب ليها في تفكيرنا «الموت الجماعي والعدوى»؛ فالمعلومة دي أول حاجة بديهية في وباء الطاعون.. وعلشان نتعرف على الوباء دا لازم أول حاجة نعرفها عنه مكانه أو أساس بدايته كانت فين؟
مفيش إجابة واضحة ومحددة على السؤال دا، لأن ببساطة الكلام كتير جدًا عليه، ومفيش دلائل كفاية على صحته، بس أكتر معلومة موثقة وفي إثبات على صحتها؛ إن بداية انتشاره الحقيقي كان في أوروبا ما بين 1315 و1317 لحظتها حصلت المجاعة الكبرى.
الموت الأسود
اللي حصل دا من شأنه أصاب جزء من شمال غرب أوروبا، والمجاعة دي سببها النمو السكاني الكبير اللي كان في القرون اللي فاتت، وأكيد مش دا السبب، إنما في خريف سنة 1314 كانت بداية انخفاض الأمطار الغزيرة، ودا اللي سبب في الجزء الشمالي من أوروبا إن موسم الحصاد يقل جدًا.
المجاعة استمرت سبع سنين! ونقدر نقول إنها كانت من أسوء الأحداث اللي مَّرت على التاريخ الأوروبي، حيث إنها خفضت 10% من إجمالي السكان. وفي 1318م ظهر وباء أصاب الكتير جدًا من الحيوانات..
مرض الطاعون مش مجرد مرض ولا حاجة بتيجي للبني آدم زي الأنفلونزا مثلا وخلاص، لأ دا وباء معدي حصد الملايين من أرواح الناس في العصور القديمة والوسطى.
الطاعون؛ أطلق عليه الرواه الدنماركيون والسويديون بالـBlack death أو الموت الأسود، والمصطلح دا إشارة إلى طاعون 1347-1353 وهو تأكيد على رعب ودمار الوباء.
مرض الطاعون
سبب الموت الأسود؛ هو نوع من البكتيريا اسمها برسينيا طاعونية، والبكتيريا دي اتسمت بالاسم دا نسبة إلى مكتشفها إلكسندر يرسن.
والبكتيريا دي طبعًا بتحتفظ بيها القوارض زي الفئران، وبتنقل عدوتها للإنسان من خلال البراغيت والناموس أو نتيجة عض الحيوان للإنسان وخلافه، والعدوى ممكن تنتقل من شخص لشخص تاني بشكل مباشر عن طريق الكحة أو العطس، في حالة الطاعون الرئوي! وفترة الحضانة بتترواح بين يومين إلى ستة أيام حسب أنواع الطاعون واللي بتتقسم إلى تلت أنواع.
الطاعون الرئوي:
في الحقيقة هو بيعد أخطر الأنواع، والعدوى فيه بتنتقل عن طريق العطس والكحة من شخص مصاب إلى شخص تاني عادي، وللأسف النوع دا ملهوش تطعيم، و أعراضه بتتمثل في الصداع، كحة، ضيق في النفس، قيء مصحوب بالدم.
وعدد الوفيات من النوع دا بس بتترواح بين 50% إلى 90%.
طاعون الغدد اللمفاوية:
بيمثل 84% من الإصابات بالطاعون.. في الحقيقة النوع دا لو اتكشف في مراحله الأولى ممكن أن الشخص يتم علاجه. وسبب النوع دا من الطاعون هو؛ لدغ البرغوث للحيوان الناقل للمرض وانتقال العدوي من خلال البرغوث للإنسان.
لمَّا العدوى بتنتقل للشخص؛ بتنتشر في أحزاء كتير من الجسم ومع الوقت بتتضخم، ودا بيسبب زيادة في درجة الحرارة اللي بتكون تقرحات ونزيف، وفي اللحظات دي بتفرز البكتريا سموم خطيرة اسمها B-adrenergic blocker، السموم دي بتسبب مضاعفات وعلى الفور الإنسان بيكون من تعداد الموتى!
طاعون إنتان الدم:
النوع دا بقى من الطاعون أول ما بيجي للبني آدم في نفس اليوم بيكون ميت! يعني فرص النجاه منه بتكون صعبة جدًا. بيحصل الطاعون دا نتيجة مضاعفات من النوعين اللي قلناهم قبل دا.
العدوى البكتيرية اللي من النوع دا بتنتج تلوث في الدم، وبتسبب السموم الداخلية (إندوتوكسين) حالة من الجلطات داخل أوعية الدم، والنزيف DIC واللي بتظهر على شكل بقع نزفية؛ بتكون تحت الجلد غامقة اللون، (ودا كان سبب من أسباب أن الطاعون يتسمى؛ بالموت الأسود) وبيكون مُّرافق لكل دا كحة وقيء مصحوب بدم.
استخدام المضادات الحيوية مثل: ستريبتومايسين، جنتامايسين، كينولونز، دوكسى سيللين في مرحلة مبكرة يقلل من نسبة حدوث الوفيات لتصل إلى 4 – 15%.
بيتم تشخيص مرض الطاعون عن طريق تحليل PCR علشان اكتشاف الحمض النووى للبكتيريا المسببة للطاعون، وممكن فحص البكتيريا وعزلها وصباغتها بصبغة «رايت جيمسا» ورؤيتها تحت الميكروسكوب.
بيُقدر أن الطاعون سبب في موت 75 إلى 200 مليون شخص في القرون الوسطى، والإحصاء دا وفق للمؤرخ فيليب دايليدر.
وفي 2007 أشارت الإحصائيات إن 50% إلى 45% من سكان أوروبا ماتوا بسببه، والبحر الأبيض المتوسط وإيطاليا وجنوب فرنسا وإسبانيا، انتشر الطاعون لأربع سنوات على التوالي مات فيهم 80% إلى 75% من عدد السكان، وفي ألمانيا وبريطانيا مات 20% من عدد السكان، أمَّا في الشرق الأوسط فالموت الأسود حصد نحو 40% من سكان مصر.
مفيش حد من حكومات أوروبا استجاب للأزمة دي، لأن ببساطة مكنش حد عارف سبب الانتشار الغريب للوباء.
في الفترة دي كان المعالجين والكهنة في القرن الرابع عشر، عاجزين عن تقديم تفسير.. الحيلة الوحيدة كانت مكافحة الفئران كوسيلة لصد الوباء، ووقتها قام الكتير من الهجمات ضد اليهود والناس بدأت تعتقد أن غضب الله هو سبب اللي حصل.
وفي أغسطس 1349، حدثت إبادة جماعية وموت جماعي بسبب الموت الأسود! في فبراير من نفس السنة، قُتل اثنين من المسيحيين وألف يهودي في ستراسبورغ، وكل دا كان سببه الطاعون أو الموت الأسود!