هل المال يصنع السعادة؟.. لا يزال الإنسان يبحث منذ القدم عن السعادة، ويتحرى طرقها وكيفية تحقيقها، ويبذل كل ما في وسعه لذلك، ساعيا بكل ما لديه من عقل وفكر ومادة لإيجادها، لكنها تبقى سرا لم يدرك ماهيته إلا القليل؛ فهي شعور داخلي يشعر به الإنسان ليمنحه راحة النفس والضمير، وانشراح الصدر وطمأنينة القلب.
ومعظمنا يحلم بالمال الوفير؛ فالفقير يحلم بالغنى، والغني يحلم بالغنى الفاحش، ولا أحد يشك أن وفرة المال تجلب السعادة، أو بمعنى آخر لا أحد يسأل هل حتما الغني يتمتع بالسعادة بغض النظر عن أية عوامل أخرى؟
ويجب أن نشير إلى أن الحديث هنا ليس عن المال بوصفه عاملا ضروريا لاستمرار الحياة فهو بلاشك – بهذا الوصف ومن خلال هذا الدور- عامل رئيسي للسعادة إذ أنه يوفر حياة كريمة ويقي الإنسان مرارة العوز والحاجة وقصر اليد. وإنما الحديث عن وفرة المال فيتعدى كونه مجرد ضرورة لاستمرار الحياة ويصبح غاية في حد ذاته وليس مجرد وسيلة، ويصبح الثراء حلم يسعى إليه كل إنسان.
ماهية السعادة؟
دعونا أولا قبل أن نخوض بالبحث في إشكالية ارتباط المال بالسعادة نعرف ماهية السعادة. إن السعادة هي حالة ارتياح تام وشعور بالرضا والقناعة والانبساط، وقيل هي طيب النفس وصلاح الحال، وضدها الشقاوة.
هل المال يصنع السعادة؟
يتضح من التعريف السابق أن السعادة هي بمثابة مسألة نسبية أي أن أسباب السعادة قد تختلف بين شخص وأخر؛ فهناك من يرى سعادته في صلاح أبنائه، وهناك من يرى سعادته في الزواج من امرأة صالحة، أو حينما يقوم بعمل طيب، كما أن هناك من يسعد بجمع المال حتى وإن لم يشعر بالسعادة في حياته الاجتماعية الأسرية، وهو الأمر الذي يؤكد أن المال لا يمنح حتما الشعور بالسعادة.
فالمال بلا شك هو سبب من أسباب السعادة لكنه ليس عاملا رئيسيا لها؛ فيمكن أن يكون الغني تعيسا، ويمكن أن يكون الفقير سعيدا، ويمكن للمرء أن يخسر زوجته بسبب إهماله لها وهو يجمع المال، وقد يخسر أبنائه الذين أهملهم ولم يلقي بالا لتربيتهم ولم يقف بجانبهم عندما كانوا في أمس الحاجة إليه، كما أن العديد من الناس يمتلكون المال ولكنهم لا زالوا يبحثون عن السعادة، وهو ما يؤكد مقولة «من كثر ماله زاد همه»، والتي أثبتها العديد من التجارب الإنسانية على مر العصور.
المال لا يوفر للإنسان السعادة الدائمة
أوضحت الدراسة التي قام بها باحثو جامعه «بيردو» الأمريكية، أن المال لا يوفر للإنسان السعادة الدائمة؛ إلا أنه يمكن أن يحقق ذلك على المدى القصير ليعود بعدها الأمر كما كان. وأشارت الدراسة إلى أن حصول الشخص على دخل سنوي يصل إلى 95 ألف دولار يمثل دخلا مثاليا، أما الأشخاص التي تتراوح مرتباتهم السنوية بين 60 و75 ألف دولار فيميلون إلى الاستقرار العاطفي بشكل كبير.
وأوضحت الدراسة أن تأثير الدخل المقبول على حالة الفرد العاطفية يتعلق بأنشطته الحياتية على مدار اليوم، وشعوره بالسعادة والفرح والإثارة والحزن والغضب.
وتوصلت الدراسة إلى أن الأشخاص الذين يسعون للحصول على دخل مرتفع ثم يحققون هذه الغاية، التي تمنحهم القدرة على تحقيق العديد من الاحتياجات الأساسية في حياتهم، وإرضاء احتياجاتهم المادية، لا يستمرون في تلك السعادة.
وفي النهاية لخص الباحثون نتائج الدراسة في قولهم: «عندما يصل الشخص إلى كل متطلبات حياته؛ يبدأ بعدها في مقارنة حاله مع أحوال الآخرين الأكثر ثراءً؛ وبالتالي يتسبب ذلك في هروب السعادة التي وصل إليها والعودة من جديد كما كان»، وفقا لما نشره موقع سبوتنيك.
وكشفت الدراسة أن وضع الأشخاص لأنفسهم في مقارنات مع آخرين يكون من بين المعايير، التي تساهم في تحديد مستوى سعادتهم ودور المال في تحقيق تلك السعادة.
المصدر: دراسة أمريكية لجامعة بيردو.
اقرأ أيضا:
الفضول هيموتني طرق التخلص من مرض الفضول