اكتشفعلم الاجتماع

«كرييتوفوبيا».. الخوف من الإبداع الكارثة الأكبر التي تهدد المجتمعات

الخوف من الإبداع.. اللي مش هيجي كاتب الدرس 5 مرات هينضرب 10 عصيان، اللى مش هينجح فى الامتحان هيتمد على رجليه قدام زمايله، كسر يا أستاذ واحنا نجبس ميهمكش، لو الشغل ده مخلصش كله النهاردة هيتخصملك أسبوع اتصرف، إلخ..

كتير بنشوف في حياتنا وشغلنا تهديدات في كل حاجة، تهديد بغرامة، تهديد برفد، بخصم، تهديد بالضرب.. أصبحت فلسفة مجتمعنا هي التهديد.. نرى الخلل واضح أمامنا مثلا في جهاز معين مما يعطل سير العمل، فلا نقوم بإصلاح الخلل بل نهدد من يعمل على الجهاز بأنه لو لم ينجز العمل سيحدث كذا وكذا.

الخوف من الإبداع

نجد الطفل لا يتجاوب مع موضوع معين أو لا يفهمه أو يعاني من مشكلة ما، فنهدد الطفل بالضرب والتعنيف وغيرها من الأساليب دون أن نبحث عن حل لمشكلة الطفل، دائما فرض العقوبات والغرامات هو الحل لكل شيء، وفي الحقيقة هذا ما يُزيد الأمور تعقيدا ويجعلها أسوأ..

ما لا يدركه المُهدد أو ربما يدركه ولكن ينكره، هو أن التهديد يولد الكره والخوف.. والكره يولد العداء، أما الخوف وهو الكارثة الأكبر التي تقتل الإبداع، وهذا ما يسمى «CREATOPHOPIA» أي الخوف من الإبداع.

لا تستطيع أن تبتكر وتضيف وعقلك خائف مشغول بتلك العقوبة أو ذلك التهديد. ربما تنجز العمل أو تحقق جزء من المطلوب، لكن سيكون ذلك على حساب عقلك ومشاعرك وأعصابك.

وأيضا لن تقدم النتيجة الممتازة المستحقة لأنك عملت وأنت مرعوب، متوتر، وفكرك مشتت.. أو ربما قد لا تحقق النتيجة المطلوبة أصلا ويتكرر الفشل مرة أخرى لأنه لم يتم علاج المشكلة الحقيقية، فقط نظرنا للتهديد وجعلنا التقصير في الفرد لا المنظومة.

أي منظومة تقوم على التهديد والقمع ستنهار عاجلا أم آجلا، مع تكرار الفشل وإنكار السبب الحقيقي لتأخر وضعف الإنتاج، ومع زيادة الكره والعداء من الأفراد للمسؤول الذي سيضعف وينهار تدريجيا باستمرار الفشل والخسارة، وفي النهاية يتم الزج به نهائيا، بعد أن يكون قد أطاح بأغلب الأفراد الذين لم يعد يجدى معهم تهديده من وجهة نظره الرجعية المتعنتة.

العقول المبدعة

لذلك نوجه كل مسؤول إذا أردت النجاح فعليك بالاعتماد على العقول المبدعة، وإذا أردت من تلك العقول الإبداع عليك أولا أن توفر المناخ المناسب المنتعش بالحرية والهدوء، بعيدا عن القمع والتهديد.

لا يجب أن تدير الأمور كلها على الأوامر النافذة وتحت شعار “اتصرف” دون أن تنظر للخلل الحقيقي، سواء كان فى الموارد أو الآليات أو المنظومة نفسها أو ربما في طبيعة الأفراد.

القمع والتهديد ليس حلا لكل المشاكل.. إذا أردت النفاذ من مشكلة لا بد أن تبتكر حلا، وإذا أردت ابتكار الحل عليك بالهدوء ومنح الثقة للأفراد، وتحليل المشكلة وتوزيع جوانبها على الحلول المقترحة لتصل لأنسب وأسرع السبل وأكثرها اتفاقًا وطبيعة الأفراد والمنظومة ككل.

ولكن كما قلنا دون تهديد أو قمع، فبهما لن تجني شيء ولن تتقدم بل ستظل مكانك أو ربما تتراجع للخلف أكثر.. إذا لم تستطع فعل ذلك فتنحى جانبا ولا تكابر لأنك ستنقص ولن تضيف، وستتفاقم المشكلة بصورة أسوأ لأنك لم تنظر للمشكلة الحقيقية، فقط استخدمت أسلوب العصا ونسيت أن هناك جزرة قد تغنيك تماما عن العصا لو أحسنت استخدامها جيدا.

ونصيحة لكل فرد وطالب، تخلص من أي تهديد حولك وستنجح، وكلما كان خوفك أقل كلما زادت مساحة الإبداع أمام عقلك، وكلما كان نجاحك أعظم وأقوى أنت تقدر وتستطيع، فقط تخلص مما يهددك ويؤذيك، واجهه بإبداعك وهدوئك وثبات نفسك.

لا تجعل الخوف يقف عائقا أمام أهدافك، فالتهديد لا يولد نجاحا ولا يبني أمما، بل يولد كرها وخوفا، والخوف يقتل الإبداع ويؤخر الأمم.

فيا ليت قومي يعلمون ويدركون بأن التزام الفرد لا يكون بالعصا لكن يكون بدافع حبه لما يعمل أو يتعلم، ولن يحب ما يتعلمه أو يعمله إذا لم تتح له دائرته الخاصة من الإبداع في إطار من الحرية والأمان النفسي والجسدي.

أحيانا المبالغة في فرض القوانين المشددة تقتل روح الإبداع، وتنقل سم الخوف في أرجاء الوطن، فيصبح أنين كل الأشخاص “ربنا أخرجنا من ذلك الوطن المخيف لشعبه”.

زر الذهاب إلى الأعلى