القفز المظلي.. في 26 ديسمبر لعام 1783م تجمع حشد من الناس أمام مرصد في مدينة مونبلييه الفرنسية بالقرب من الساحل الجنوبي على البحر الأبيض المتوسط لمشاهدة أول قفز مظلي ناجح بالعالم.
القفز المظلي
كان المرصد يقع داخل برج طويل من العصور الوسطى عُرف باسم «Tour de la Babotte» كان واحد من برجين فقط تبقيان في المدينة يبلغ طول البرج 26 متر، تم استخدامه لفترة كمرصد لدراسة الظواهر الطبيعية بالسماء كالكسوف والخسوف، ولكن بعد ذلك اليوم استخدم لأعراض أخرى.
أول من اخترع القفز المظلي بالعالم
كان الفيزيائي الفرنسي «لويس سباستيان لينورماند» بصدد تقديم ظاهرة جديدة، قام بتصميم هندسي من شأنه السماح للناس بالقفز من المباني وقت الحريق والهبوط بأمان على الأرض، ومن دون أن يصابوا بأي أذى.
وتألفت أجهزته من مظلتين متصلتين بإطار خشبي صلب، كان لويس قد مارس القفز في وقت سابق من ارتفاع أقل من على فروع الأشجار العالية، واختبر أجهزته على الحيوانات قبل تجربتها على نفسه.
وفي اليوم المحدد ظهر لويس في الجزء العلوي من البرج وأمسك بمقبضه العملاق وقفز، هو لم يخترع المظلة ولكنه أول من استخدم الفكرة التي كانت موجودة منذ آلاف السنين.
كانت الرواية الأولى للمظلات خيالية حيث يروي كاتب أسرة هان الغربية قصة الإمبراطور الصيني الأسطوري الذي هرب والده القاتل بالتسلق من أعلى مخزن الحبوب العالي وقفز منه بأمان بواسطة قبعات الخيزران.
تطور القفز الهوائي
تظهر أقدم مخطوطة مجهولة في إيطاليا تعود لسبعينيات القرن التاسع عشر، وفيها رجلًا معلقًا يمسك إطارًا مربوط بمظلة من الخيزران، وبعد عقد من الزمان رسم «ليوناردو دافينشي» مظلة أكثر تطورًا.
تم عمل المظلة بإطار خشبي بدلًا من الإطار المخروطي، وكانت الرسمة مصحوبة بكلمات «رجل يمسك خيمة مصنوعة من الكتان تم فتحها، ويبلغ عرضها 23 قدم قادرًا على رمي نفسه من أي ارتفاع”.
قام المخترع فاوستو فيرانزيو «Fausto Veranzio» من (1551-1617) بفحص رسم المظلة لدافينشي وحافظ على الإطار المربع ولكنه استبدل المظلة بقطعة قماش شبيهة بقماش الأشرعة البحرية المنتفخة، واكتشف تباطؤ سقوطها بشكل أكثر فعالية.
وصمم المظلة تحت عنوان «Homo Volans» الرجل الطائر، ودفع هذا التصميم العديد من المؤرخين القول أن فيرانزيو البالغ من العمر 65 عامًا والمريض بشدة قد اختبر تصميمه فعليًا من خلال القفز، ولكن لا يوجد أي دليل على ذلك، ويقال أن الرسم لم يكن سوى تمثيل.
وبعد عامين من القفز المظلي لـ«لويس» في مونبلييه تم صياغة كلمة المظلة أو البارشوت «parachute» من البادئة الإيطالية والتي تعني ضد، والكلمة الفرنسية السقوط؛ لوصف الوظيفة الفعلية للجهاز.
تقدمت التحسينات في تصميم المظلة بسرعة منذ تجربة لويس، وفي عام 1785م وهو نفس العام الذي صاغ فيه لويس كلمة المظلة أو البارشوت وأظهر جان بيير بلانشارد المظلة كوسيلة للنزول بأمان من المنطاد الهوائي.
وفي عام 1793م جرب بلانشارد البارشوت بنفسه عندما تمزق منطاده، وبدأ في صناعة مظلات قابلة للطي من الحرير بدلًا من الكتان.
وفي عام 1797م صنع أندريه جاك غارنوران أول مظلة من الحرير بدون إطار، كان هو صاحب القفزة الشهيرة من المنطاد الهوائي بحديقة مونسو في باريس 1797م.
لم يظهر أي شيء جديد خلال مائة عام حتى ظهر تشارلز بروادويك المخترع الأمريكي الذي طور المظلة في أوائل القرن العشرين، لتكون عبارة عن عبوة يرتديها على ظهره وكانت بمثابة نظام مدمج متكامل الشكل وهو أساس تطوير المظلات الحديثة اليوم.
